الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| مدحت الزاهد: القائمة الوطنية تشبه نظام "الكفيل".. ولا يمكن أن تكون أحزاب الموالاه هي الضامن لوجودنا

مدحت الزاهد
مدحت الزاهد

رئيس التحالف الشعبي الاشتراكي لـ "الرئيس نيوز":

  • لن نشارك في صفقات انتخابية مغلقة ولن نكون ديكورًا لمشهد مكرر
  • الأحزاب التي شاركت في قائمة الموالاة فصلت من الحركة المدنية  
  • أي انتخابات بلا منافسة حقيقية تُعيد إنتاج الأزمة ولا تفتح أفقًا للتغيير
  • معركتنا المقبلة ليست على المقاعد بل على فتح المجال السياسي
  • القوى المدنية تدفع ثمن التضييق وغياب البيئة السياسية السليمة
  • نؤمن بالعمل الجماعي والتحالفات يجب أن تُبنى على البرامج لا المجاملات
  • هناك محاولات لعزل الأحزاب المستقلة وسنواجهها بالصمود والتنظيم

في ظل الحراك السياسي المتصاعد قبيل الاستحقاقات الانتخابية لبرلمان 2025، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل التحالفات الحزبية، وأدوار القوى المدنية في صياغة مشهد سياسي أكثر تنوعًا وتمثيلًا. 

وفي هذا السياق، كان لـ "الرئيس نيوز" حوارا مع مدحت الزاهد رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» الذي عبر عن مواقفه الرافضة لأي صفقات انتخابية مغلقة، ودعوته إلى فتح المجال العام وتمكين الأصوات المعارضة من المشاركة الفعالة.

في حوار شامل، تحدث رئيس الحزب مدحت الزاهد، عن تقييمه للمشهد السياسي، ورؤيته للتحالفات الانتخابية، والعقبات التي تواجه الأحزاب المدنية، مؤكّدًا أن التغيير الحقيقي يبدأ من القواعد الاجتماعية ومن النضال الديمقراطي طويل النفس.

وإلى ننص الحوار:

بداية، كم عدد المرشحين الذين قرر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الدفع بهم في انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟

لدينا 3 مرشحين فقط على مستوى الجمهورية، إحنا كـ حزب تناقشنا في الانتخابات بشكل مستفيض، وكان واضح من البداية إن وزن المال السياسي سيكون كبيرًا جدًا، بينما إحنا حزب اشتراكي «بعرق جبينه»، لا تمويل أجنبي ولا مال سياسي، وبالتالي كان لازم نختار مرشحينا بعناية وانتقاء. 

وفي نفس الوقت كان داخل الحزب توجهان: الأول كان توجهًا قويًا للمقاطعة، انطلاقًا من أن المجلس سيتشكل بأغلبية أشبه بالتعيين، بحكم الإطار التشريعي والقوانين المنظمة، ففي القوانين تم اختيار القائمة المطلقة، رغم أن الوعد في الحوار الوطني كان بتعديل النظام ليكون «نسبة ونسبة»، لكن في النهاية القانون خرج كما هو، بل إن تقسيم الدوائر جاء أسوأ، والتوجه الثاني كان المشاركة على قدر الإمكانيات المتاحة.

في ظل هذه الصعوبات، لماذا قررتم المشاركة بدل المقاطعة؟

قبلنا بالمشاركة لأن الانتخابات، رغم كل ما يحيط بها من قيود، تتيح فرصة لعرض خطاب الحزب والتواصل مع الكتلة الجماهيرية، ولو بشكل محدود، المشاركة تمثل أحد أشكال الفعاليات الحزبية التي يجب استثمارها في حدود الموارد المتاحة، طبعًا القرار تضمّن أنه في حال حدوث انتهاكات جسيمة أو قيود إضافية، يمكن دعوة اللجنة المركزية لمقاطعة الانتخابات وسحب المرشحين.

ما أبرز العقبات التي تواجه الأحزاب أثناء الترشح؟

الدولة وضعت قيودًا حقيقية تحد من المشاركة، منها أن الكشف الطبي للمرشح يتطلب أكثر من 10 آلاف جنيه، إضافة إلى 30 ألف جنيه تأمين، أي أن المرشح مطالب بتوفير نحو 40 ألف جنيه، فضلًا عن تقسيم الدوائر الذي تجاهل معايير المحكمة الدستورية العليا، مثل الامتداد الجغرافي والتجانس الثقافي والاجتماعي وعدالة توزيع النواب بالنسبة للناخبين، وهو ما أدى لتفصيل الدوائر لصالح الموالاة، وستجد أن هناك الكثير من الدوائر يخوض فيها الانتخابات من هم ليسوا منها ولا علاقة لهم بها.

ماذا عن استبعاد اثنين من مرشحي الحزب؟

حقيقي مش قادر أفهم القرارات الغريبة دي بدون مبرر، لجأنا إلى القضاء وننتظر الأحكام بعودتهم، والموضوع أصلًا لا يستدعي هذه الاستبعادات، فهي مجدر تضييق لا داعي له على الإطلاق، يجب أن يكون هناك مساحة حقيقية للجميع، خاصة أن الموالاة ضمنت مقاعد القائمة الموحدة المغلقة، ويجب أن تترك مساحة للمعارضة في الفردي.

لماذا رفضتم المشاركة في قائمة واحدة مع أحزاب أخرى؟

لأن ما طُرح لم يكن «قائمة موحدة» تستوعب الجميع، بل نظام «الكفيل»، بمعنى أنني، كحزب معارض، لا يمكن أن أخوض الانتخابات بضمان جهاز أمني أو حزب موالِ مثل «مستقبل وطن» الذي أعارض كل توجهاته، هذه الفكرة طُرحت في الدورة السابقة ورفضناها أيضًا، والأحزاب التي شاركت ضمن القوائم مع الموالاة هي ما نُسميه «أحزاب الحيز المتاح»، التي تقبل بما تم تقسيمه لها وفق فلسفة فن الممكن، أما نحن، فموقفنا واضخ، ونرى أن تجاوز الأزمة الراهنة يتطلب إنهاء نظرية الكفيل تمامًا.

ما موقف الحركة المدنية الديمقراطية من المشاركة في هذه الانتخابات؟

الحركة المدنية الديمقراطية، التي نحن أحد مؤسسيها، اتخذت قرارًا بعدم المشاركة في الانتخابات على قوائم الموالاة، وفصل أي حزب يخالف القرار، وبالفعل، الأحزاب التي خاضت الانتخابات ضمن هذه القوائم جُمدت عضويتها، مثل المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل، أما باقي أحزاب الحركة المدنية فقد التزمت بالقرار.

لماذا لم تخض المعارضة الانتخابات ضمن قائمة موحدة كمعارضة؟

هذا كان ممكنًا فقط لو جرت الانتخابات بنظام القائمة النسبية، أما نظام القائمة المطلقة فهو يعني أنك إما تكسب كل المقاعد أو تخسرها كلها، لذلك ركزنا على الدوائر الفردية، التي يمكن من خلالها تحقيق اختراقات محدودة أو على الأقل إيصال خطابنا السياسي.

ما الشروط التي وضعها الحزب لاختيار مرشحيه الثلاثة؟

أن يكون المرشح متبنيًا برنامج الحزب ومواقفه وعضوًا فيه، وأن يمتلك مهارات تواصل وقدرة جماهيرية وشعبية في دائرته، وأن يكون سيرته العملية تؤكد التزامه بالمبادئ، وأن يكون شريفًا نزيهًا تصدى لقيادة معركة سياسية، ومارس حلم التغيير عبر الارتباط والاتصال الحقيقي بالناس.

داخل الحركة المدنية، ظهرت خلافات واختلافات في المواقف الانتخابية، كيف تفسر ذلك؟

الحركة المدنية تضم ثلاثة أجنحة أيديولوجية: التيار الليبرالي (المحافظين والدستور)، التيار القومي (الناصري والكرامة)، التيار الاشتراكي (التحالف الشعبي الاشتراكي، الاشتراكي المصري، العيش والحرية، الحزب الشيوعي)، القاسم المشترك هو السعي إلى فتح المجال العام من خلال قضايا الحريات والديمقراطية وتعزيز التنافسية السياسية، أما الخلافات في المشاركة الانتخابية فهي طبيعية نظرًا لطبيعة النظام الفردي، إذ تختلف ظروف كل دائرة من حيث وجود مرشحين أو عدمه، لذا التنسيق يتم وفقًا لكل حالة.

كيف قيّمتم أداء البرلمان السابق (2015–2025)؟

في نظام سياسي مغلق قائم على هيمنة الموالاة، البرلمان لا يمارس أدواره الرقابية بل يتحول إلى ظل للسلطة التنفيذية، وكان يفترض أن يعتمد النظام الانتخابي على القائمة النسبية وفقًا للدستور، لكن القوانين جاءت مغايرة، ومع العقبات المالية والتنظيمية أمام المرشحين، انتهى الأمر بسيطرة رأس المال على البرلمان، وهو ما انعكس في التشريعات، مثل:

قانون الإيجارات، الذي قد يفجر أزمات اجتماعية كبرى بسبب مخالفته لأحكام الدستورية العليا.

قانون الإجراءات الجنائية، الذي ينتقص من حق الدفاع ويتنافى مع المواثيق الدولية.

في بعض الحالات كانت الحكومة نفسها أكثر «رحمة» من البرلمان في صياغة القوانين، ما يعكس خللًا واضحًا في الدور التشريعي والرقابي للمجلس.

وماذا عن رؤيتكم للبرلمان القادم؟

البرلمان القادم «مهندس وشبه معين»، وهذا لا يخدم مصلحة مصر، المطلوب برلمان يعكس التعددية السياسية والاجتماعية، ويمارس الرقابة الحقيقية على السلطة التنفيذية، ويعيد الاعتبار لفكرة توازن السلطات واستقلالها، ويشرّع لتحقيق العدالة الاجتماعية ويبتعد عن القوانين التي قد تفجر الأوضاع، مثل قانون الإيجارات، برلمان حقيقي يفتح طاقة أمل للتغيير السلمي الديمقراطي، ويمتص طاقات الغضب الشعبي بدل الانفجار، لأن مصر مقبلة على مرحلة حرجة جدًا.