الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"لعدم إثارة مشاعر المصريين".. لماذا بني جوهر الصقلي الجامع الأزهر؟

الرئيس نيوز

أرض القاهرة كان بها دير وحديقة فقط قبله.. والأمير الفاطمي تجنب مفاجئة الأهالي بالمذهب الشيعي

 تاريخ طويل ممتد للجامع الأزهر، يتعدى الألف سنة، أهّله لأن يُعد أكبر مركز إسلامي في العالم.

الجامع العتيق الذي وضع جوهر الصقلي حجر الأساس فيه، في مثل هذه الأيام قبل نحو 1060 سنة، كان أول مسجد يبنيه الفاطميون في مدينة القاهرة التي أنشأوها بعد دخولهم مصر مباشرة.

 كانت القاهرة – التي سميت هكذا فيما بعد- أرض خلاء تقريبًا من أي شيء، اختارها القائد جوهر الصقلي ليؤسس قصرًا حصينًا ليكون مركز حكم الخليفة الفاطمي المعز لدين الله.

 ويؤرخ المستشرق البريطاني ستانلي لين بول في كتابه الشهير "سيرة القاهرة"، لتلك اللحظة قائلا: "كان أول ما عمله جوهر بعد أن بدأ في بناء أسوار القاهرة، هو وضع أساس ذلك الجامع الذي لا يزال قائما حتى اليوم، والذي يعرفه العالم بأسره باسم الجامع الأزهر، وكان اليوم الذي وُضع فيه أساس هذا المسجد العظيم هو يوم الأحد الموافق 3 إبريل عام 970 م. وقد تم بناؤه في الرابع والعشرين من شهر يونيو عام 972. وفي عام 988 أصبح العلماء يؤمونه من كل حدب وصوب".

 ثم يكشف عن الآثار التي كانت موجودة في المنطقة قبل بناء الجامع الكبير: "لم تكن هناك سوى "دير العظام" القديم، كذلك لم يكن هناك زرع سوى تلك الحديقة الجميلة المسماة بحديقة كافور، وكان هذا الدير وهذه الحديقة مما عاق جوهر في بادئ الأمر عن تنفيذ خطته".

والثابت تاريخًا أن جوهر الصقلي هدم الدير وبنى للأقباط واحدًا آخر سُمي "دير الخندق" بمنطقة حدائق القبة ونقل إليه رفات بعض تلاميذ المسيح. أما الحديقة فكان قد بناها محمد بن طفج الأخشيد، مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر.

 وبخلاف العرف الذي يقضي بأن يبني كل حاكم جديد مسجدًا، فإن هناك رأيا يفسر سبب بناء جوهر الصقلي الجامع الأزهر، يتعلق بالمشاعر الدينية للمصريين.

في كتابه "تاريخ جوهر الصقلي" يقول الدكتور علي إبراهيم حسين: "كان المذهب السني في ذلك الوقت منتشرا في مصر، ولم ير جوهر – بما عرف عنه من الحزم وبعد النظر – أن يفاجئ المسلمين في مساجدهم بشعائر المذهب الفاطمي. حتى لا يثير جوهر حفيظة المصريين".

 ونلاحظ أيضًا في كتاب ستانلي لين بول ما يعزز ذلك، إذ يقول المؤلف: "بفضل التسامح الديني لفاتح مصر وتجنب مبادئ الشيعة المتطرفة، وافق الناس على النظام الجديد دون أي مغالاة أو تعقف للمذهب القديم، اللهم إلا حينما احتفل القادمون الجديد أمام أعينهم باحتفال محرم لذكرى شهداء كربلاء".

 لكن التغيير الجديد – بحسب الكتاب- كان من الناحية السياسية "فلم تعد القاهرة عاصمة لولاية تابعة للخلافة القديمة، أو حتى ولاية مستقلة ضمنا متصلة بتلك الخلافة، وإنما كانت عاصمة دولة منافسة هي إمبراطورية البحر الأبيض المتوسط".

 وشهد الفناء الشهير للجامع الأزهر صلاة المعز لدين الله، متخذا من القاهرة عاصمته، لتتوارى مدينة الفسطاط بجامعها الكبير دينيا وسياسيا، ويسجل ستانلي لين بول: "وغادر المسجد في موكب تحف به قواته، وفي حراسة أولاده الأربعة المسلحين، يتقدمه اثنان من الفيلة، وظل على ذلك حتى وصل إلى القصر الذي كان جوهر قد أعده له".