الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

17 سنة على "مبادرة السلام العربية": التنازل العربي والتجاهل إسرائيلي

الرئيس نيوز

بالأمس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بهضبة الجولان السورية المحتلة أرضًا إسرائيلية. وغدًا، يكون قد مرّ على إطلاق القادة العرب مبادرة السلام العربية 17 عامًا.

أسئلة كثيرة تطرحها التواريخ المتقاطعة معًا، بين الماضي والحاضر، من قبيل هل أحدثت مبادرة السلام العربية أي تأثير؟ بل هل أبقت الوضع كما هو عليه على الأقل منذ إطلاقها؟ وأخيرًا كيف كان مجئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض تحديًا صارخًا للآمال المعلقة على المبادرة؟

عرض "الأرض مقابل السلام"

في 27 مارس عام 2002، إبان انعقاد القمة العربية رقم 14 في بيروت، أطلق العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، مبادرة لمشروع سلام شامل بين العرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، سميت بـ"مبادرة السلام العربية"، وتبنتها القمة بالإجماع.

نصت المبادرة على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود عام 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب الاحتلال من هضبة الجولان السورية والأراضي المحتلة في لبنان، في مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.

الدول العربية التي كانت مجتمعة في لبنان طالبت إسرائيل بإعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم، والانسحاب من جنوب لبنان، والتوصل إلى حل عاجل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

في المقابل، تعهد القادة العرب باعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيًا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل، مع تحقيق الأمن مع تحقيق الأمن لجميع الدول العربية، وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار سلام شامل.

وطالبت جامعة الدول العربية إسرائيل والإسرائيليين إلى قبول المبادرة، ودعت المجتمع الدولي إلى دعم المبادرة.

وبعد 11 سنة، في مايو 2013، أعلنت الدول العربية إدخال تعديل جديد على المبادرة، أجازت فيه رسميًا مبدأ تبادل أراض بين فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك برعاية أمريكية، لدفع "تل أبيب" لمفاوضات سلام جديدة، لكن الخطوة لم تصنع جديدًا.

ماذا أعطت إسرائيل في المقابل؟

بالنسبة للقضية الفلسطينية، وهو الجزء الأساسي في المبادرة، فإنها جاءت والانتفاضة الفلسطينية الثانية على أشدها، إذ كان الشهداء والمصابون يسقطون يوميًا، بفعل الممارسات الوحشية لقوات الاحتلال، إبان حكومة آرئيل شارون.

ظلت الانتفاضة التي كانت قد اندلعت في سبتمبر من العام 2000، ولم تتوقف فعليًا إلا في فبراير 2005، باتفاق هدنة في شرم الشيخ.

وبعد ثلاث سنوات شنت إسرائيل عدوانًا على قطاع غزة، كررته في العام 2012، ثم بعد ذلك بعامين في 2014، بجانب عمليات القصف المتكررة على القطاع، والتي كان آخرها قبل يومين.

فيما يخص الجولان، لم ترفع تل أبيب يدها عن الهضبة السورية، بل إن مجلس الوزراء الإسرائيلي في 17 أبريل 2016، اجتمعت في الهضبة للمرة الأولى، في خطوة استفزازية، من حكومة بنيامين نتنياهو تحسبًا لأي ترتيبات دولية حول سوريا قد تقضي بانسحاب "تل أبيب" من الهضبة التي احتلتها في حرب الخامس من يونيو 1967.

بعد نحو ثلاث سنوات من هذا التاريخ، قطع الرئيس الأمريكي الشك في أي استعداد أمريكي لدعم عملية السلام باليقين في موقف ترامب المنحاز بوضوح لتل أبيب، وأعلن اعتراف بلاده بالجولان أرضًا إسرائيلية.

أما عن الأراضي اللبنانية، فلا تزال دولة الاحتلال تسيطر على مناطق من مزارع شبعا لم تنسحب منها حتى بعد أن خاضت حربًا ضد حزب الله المدعوم من إيران، عدو تل أبيب اللدود في 2006.

 

ترامب.. بلفور جديد في البيت الأبيض

 

إبان فترة ترشحه للرئاسة الأمريكية تعهد قطب العقارات الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده في تل أبيب إلى مدينة القدس. كان تهديد المرشح الجمهوري يعني مباشرة اعتراف الولايات المتحدة بالمدينة المقدسة عاصمة لدولة الاحتلال.

وبعد عام وأشهر من وصوله للبيت الأبيض في 2016، نفذ رسميًا تعهده، في ديسمبر 2017، في خطوة وصفتها تل أبيب بـ"التاريخية"، فيما قوبلت ببيانات تنديد وشجب عربي، بدا آسفا على الاعتداء الأمريكي الصارخ على أحد مبادئ المبادرة، وهو حق تأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

بعد أقل من سنتين، أهدى ترامب إسرائيل شيئًا آخر عندما وقع أمس، اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بأن هضبة الجولان السورية المحتلة، منذ حرب 1967، أرضًا إسرائيلية.

الخطوة الأمريكية التي قوبلت بانتقادات عربية ودولية واسعة، ورفضها مجلس الأمن الدولي متمسكًا بقراره حول الجولان، لكنها فيما يبدو لن تغير شيئًا على أرض الواقع، إلا وفق حسابات دولية كبرى ربما تتعلق بمصير سوريا في المستقبل، خصوصاً بعد إعلان ترامب أيضًا هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بنسبة 100 %.

طوال 17 سنة، شهدت توالي ثلاثة رؤساء أمريكيين على البيت الأبيض، هم جورج بوش الابن، باراك أوباما، ودونالد ترامب، تتراجع الآمال المعلقة على مبادرة السلام العربية التي يبدو يومًا تلو الآخر أنها لا تواجه إلا بالتجاهل الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، بل وصل لذروته في عهد ساكن البيت الأبيض الحالي.