الأحد 03 نوفمبر 2024 الموافق 01 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل

فر من حرب ليموت في أخرى.. استشهاد أكاديمي يمني وأسرته في غارة إسرائيلية على دمشق

الرئيس نيوز

خطط الأكاديمي شوقي العودي، 45 عاما، لزيارة والديه وإخوته في اليمن بعد حوالي أسبوعين تقريبا، هذا ما ذكره خلال اتصال هاتفي له مع والديه وأخيه الأصغر حسين. لكن حسين ووالداه فُجعوا كما طلابه بسماع خبر وفاة شوقي وكافة أفراد أسرته، مساء الثلاثاء 8 أكتوبر، إثر غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنيًا، في حي "المزّة" وسط العاصمة السورية دمشق.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عن شقيقه حسين العودي، 28 عامًا، قوله: "كان أخي الدكتور شوقي سيذهب في رحلة لأداء العمرة في مكة ثم سيأتي لزيارتنا في مدينة إب اليمنية. فقد مر علينا حوالي عام كامل منذ أن رأيناه في آخر زيارة له إلى اليمن".

وكان الدكتور الجامعي، العودي، قد نشر منشورا على حسابه على فيسبوك في فبراير 2021، وضع فيه صورة لمجموعة من الرسائل التي تلقاها من طلابه الذين درسهم في قسم الصيدلة في الجامعة الدولية الخاصة، وعلق عليها بعبارة "من أفضل من درستهم في سوريا.. أتمنى لكم التوفيق".

ولقي منشوره هذا تفاعلا كبيرا من طلابه سواء من درسهم في سوريا مؤخرا، أو في اليمن عندما كان يعمل استاذا للصيدلة السريرية بجامعة ذمار. اتفق جميعهم على أن "كل كلام مدح وشكر يُعد قليلا بحقه سواء كمحاضر متمكن في مجاله العملي أو كشخص راق في تعامله الشخصي، وأخلاقه مع الجميع زملاء كانوا أو طلاب".

نعت وزارة التعليم العالي السورية واتحاد طلاب الجامعة السورية الخاصة، الدكتور العودي وأفراد أسرته، وقال الاتحاد في بيان على فيسبوك "ببالغ الحزن والأسى تنعي قيادة فرع الاتحاد في الجامعة السورية الخاصة استشهاد الدكتور شوقي العودي أحد أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الصيدلة في الجامعة، وزوجته وأطفاله إثر العدوان على دمشق" كما نعت جامعة ذمار اليمنية، ونقابة الصيادلة اليمنيين، أستاذ الصيدلة الإكلينيكية السابق بالجامعة، الدكتور شوقي العودي، وأدان بيان صادر عن الجامعة الهجوم ووصفه بـ"الجريمة النكراء". ورفع البيان التعازي لأسرته وجميع زملائه وتلامذته ومحبيه.

وكانت وكالة "سانا" السورية، قالت إن "العدوان الإسرائيلي نفذ هجوما عند الساعة الثامنة والربع من مساء الثلاثاء، وأطلق ثلاثة صواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفا مبنى سكنيا وتجاريا في حي المزة المكتظ بالسكان، ما أسفر عن سقوط 18 مدنيا، بينهم 7 شهداء و11 جريحا".

وبينما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القصف استهدف اجتماعا لمسؤولين في "فيلق القدس" الإيراني وحزب الله اللبناني في حي المزة بدمشق، نفت السفارة الإيرانية بدمشق وجود قتلى وجرحى إيرانيين جراء القصف.

يقول شقيقه، حسين العودي، الذي يعمل في مجال العلاقات العامة مع واحدة من أكبر شركات سلاسل الصيدليات في اليمن: "كان آخر اتصال لي معه قبل حوالي 3 ساعات من الحادثة، إذ أن أخي الدكتور شوقي، رحمه الله، دائم التواصل مع والدي للاطمئنان عليهما. لا يزال والدي في حالة صدمة. كما أن أمي لم تتوقف عن البكاء، كلنا مصدومون لفقدانه. ولا أستطيع تخيل أنني لن أراه بعد اليوم".

ويضيف: "علمنا بخبر القصف من وسائل الإعلام، وحاولنا التواصل مع أخي وزوجته، لكن أحدا لم يرد علينا، شعرنا بالقلق وحاولنا البحث عن أي يمني يعيش في دمشق ليطمئننا عليه، وبعد 3 ساعات اتصل بنا أحدهم ليؤكد لنا الخبر".

وفور انتشار الخبر، بدأ حسين وإخوته بتلقي الاتصالات والتعازي من الأقارب والأصدقاء، ومن الطلاب في سوريا واليمن. تلقت العائلة عشرات الاتصالات والرسائل والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، يروي حسين: "هذا جعلني أدرك أن الأمر قد حدث فعلا وأنني فقدت من كنت أعتبره والدي الثاني".

وينحدر الأكاديمي اليمني من قرية ذي الدرب في منطقة العود بمديرية النادرة، جنوب شرق محافظة إب، وسط اليمن. وكان متزوجا من إقبال أحمد العودي، وله ثلاث بنات، التوأم بيان وليان، 4 سنوات ولين، التي كانت ستطفئ شمعتها الثالثة بعد 3 أيامو هو الأخ الثاني بين ستة من الأبناء الذكور وشقيقة واحدة. وكان أقرب إخوانه إلى والديه، ولقربه منهما اعتاد أن يزورهما مرة على الأقل كل عام.

وقد درس الصيدلة في كلية الصيدلة بجامعة عين شمس في القاهرة، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم الأدوية والسموم من كلية الصيدلة بجامعة القاهرة وبعد تخرجه، عمل أستاذا مساعدا في كلية الطب البشري بجامعة ذمار، كما شغل منصب رئيس قسم الصيدلة في جامعة أزال الخاصة في العاصمة اليمنية صنعاء، ومدرسا لمادة الصيدلة السريرية في العديد من الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة.

وكغيره من أصحاب الكفاءات اليمنية، اضطر الدكتور العودي، إلى مغادرة اليمن عام 2019 سنوات بحثا عن فرصة أفضل للعيش، بعد تفاقم الحرب وتردي الأوضاع في اليمن وانعدام رواتب الموظفين، ليستقر به الحال في العاصمة السورية دمشق، التي رحبت به واحتضنته ككفاءة علمية في جامعاتها، حيث عمل هناك أستاذا في العلوم الصيدلانية في الجامعة الدولية الخاصة وكذلك الجامعة السورية الخاصة.

تقول دانة، خريجة بكالوريوس صيدلة من الجامعة الدولية الخاصة في دمشق عام 2021. "كنت محظوظة لأن الدكتور شوقي كان مشرفا على مشروع التخرج الخاص بي. فقد جمع بين الخلق والعلم، كان غاية في الذوق والأدب والأخلاق ومتمكن علميا ومهنيا ومتعاون مع الطلاب لأقصى درجة".

وتضيف: "على الرغم من انشغالاته الأسرية ومع زوجته، التي كانت وضعت أول توأم لهما بعد انتظار دام لسنوات، إلا أنه كان ينزل معنا شخصيا في زياراتنا الميدانية على المستشفيات، خلال فترة إعداد البحث، وكم ساعدنا في ترجمة المقالات والمراجع الخاصة والمتعلقة بالبحث من اللغة الانجليزية إلى العربية والعكس، كون دراستنا كانت باللغة الانجليزية، مع أن هذا ليس جزءا من عمله".

وقد شيع مئات السوريين وبعض أبناء الجالية اليمنية الصغيرة في دمشق، ظهر الخميس، الدكتور شوقي وزوجته وبناته بعد الصلاة عليهم في جامع دوما الكبير، بمنطقة دوما. وكان محبوه في دمشق قد دعوا الناس للحضور والمشاركة في الجنازة كونه "لا أهل له ولا أقارب" في العاصمة السورية.

وشارك زملاء وطلاب وأصدقاء الدكتور في العزاء الذي أقيم بمشاركة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية - فرع الجامعة السورية الخاصة في صالة نقابة الأطباء في دمشق كما شارك العشرات من أصدقاء وزملاء وطلاب العودي في العزاء الذي أقيم بمشاركة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية - فرع الجامعة السورية الخاصة في صالة نقابة الأطباء في دمشق، وفي اليمن تقبل والد الدكتور وإخوته العزاء، الذي حضره الآلاف، لمدة 3 أيام في مدينة إب مسقط رأس الدكتور.