المعهد الأمريكي للسلام: عوامل مهمة تشكل مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية
تسببت حرب غزة في توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى مستوى غير مسبوق وأثارت تساؤلات بشأن مستقبل معاهدة السلام بينهما عام 1979 والتي كانت حجر الزاوية في السلام العربي الإسرائيلي وقد التقى مسؤولون أمريكيون مؤخرًا في القاهرة مع نظرائهم الإسرائيليين والمصريين على خلفية تراجع الثقة المتبادل بين الطرفين، وخاصة في أعقاب الهجوم البري الإسرائيلي في رفح.
ووفقًا لمقال نشره موقع المعهد الأمريكي للسلام، يأتي ذلك في أعقاب حادث احتكاك حدودي، ومن قبله انضمام مصر إلى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية وإلى جانب قطر، تعد مصر وسيطًا رئيسيًا في جهود وقف إطلاق النار الحالية بين إسرائيل وحماس، وتشارك في تعاون أمني واسع النطاق مع الولايات المتحدة.
وستؤثر الإجابات على أسئلة رئيسية على مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، وبالتالي على الديناميكيات السياسية والأمنية في جميع أنحاء المنطقة.
هل ستستمر الثقة بين الطرفين في التراجع؟
لطالما خشي العديد من المصريين أن يكون هدف إسرائيل النهائي هو نقل "مشكلة غزة" إلى مصر من خلال التهجير الجماعي لسكان غزة إلى مصر، والآن من خلال محاولة تسليم مصر (من بين أمور أخرى) المسؤولية عن أمن غزة وحكمها في المستقبل بعد انتهاء الحرب، فمصر تتبنى نهجًا منضبطًا، وخاصة بالمقارنة مع دول إقليمية أخرى فالقاهرة شعرت أن ضبط النفس هذا لم يكن محل تقدير من جانب الدولة اليهودية، كما أن الحساسيات المصرية حول رفح وممر فيلادلفيا - وهو شريط من الأرض يمتد على طول الحدود المصرية- الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل حتى انسحابها من غزة عام 2005 - لم تؤخذ في الاعتبار من قبل إسرائيل.
وتصاعدت التوترات إلى درجة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض إجراء مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كما أعلن انضمام مصر إلى قضية محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل هو إشارة قوية أخرى على إحباط القاهرة حيال تحسن العلاقات.
ويتساءل الكثيرون عما إذا كانت معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر معرضة للخطر. وفي الواقع، منذ يناير، حذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر من أن سيطرة إسرائيل على ممر فيلادلفيا سوف تشكل انتهاكًا لمعاهدة السلام لعام 1979. ومن المتوقع أن تصدر القوة والمراقبون متعددو الجنسيات، وهي المنظمة المسؤولة عن مراقبة تنفيذها، تقريرًا يوضح أي انتهاكات للمعاهدة خلال الحرب.
وعلى الرغم من هذه التوترات، فإن كلا الجانبين واضحان في التزامهما بمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، وهي ليست في خطر وشيك ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التوترات، فإن كلا الجانبين واضحان في التزامهما بالمعاهدة، وهي ليست في خطر وشيك. ومن المتوقع أن يتم التعامل مع أي انتهاك وفقا لأحكام تسوية المنازعات في المعاهدة، كما كان الحال في نزاع عام 1982 بين مصر وإسرائيل حول ترسيم الحدود في منطقة طابا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تستورد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل منذ عام 2020 بعد انخفاض إنتاجها. في بداية الحرب، أوقفت إسرائيل صادراتها من الغاز إلى مصر، ثم استؤنفت لاحقًا ولكن بكميات أقل. وتم الإعلان عن خطط في أغسطس 2023 لزيادة صادرات الغاز الإسرائيلي المستقبلية إلى مصر، بدءًا من يوليو 2025 لمدة 11 عامًا، بمقدار 4 مليارات متر مكعب إضافية، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف مستويات التصدير الحالية.
ماذا سيحدث على الحدود بين إسرائيل وغزة ومصر؟
تمثل السيطرة والأمن والمساعدات الإنسانية وحركة الأشخاص حول الحدود المصرية-الفلسطينية نقطة خلاف رئيسية أخرى. وفي الأسابيع الأولى من الحرب، أشار متحدث رسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى ضرورة توجه الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما انتقدته القاهرة بشدة. وردت إسرائيل بالإشارة إلى أن المعبر الحدودي مغلق ونفذت مصر حملة دبلوماسية توضح سبب عدم قدرتها على قبول اللاجئين، مما أدى إلى رد فعل قوي من القوى الغربية.
وفر نحو 100 ألف فلسطيني من غزة إلى مصر منذ بداية الحرب وقد تزايدت المخاوف من النزوح الجماعي خلال بداية الهجوم على رفح ولكن عددًا مذهلًا من الفلسطينيين فر من رفح بلغ مليونًا، واتجهوا بشكل رئيسي شمالًا إلى خان يونس ولم يضطروا للذهاب إلى مصر، مما خفف من التوتر بشأن الطرد الجماعي.
وكانت العملية الإسرائيلية في رفح مصدر ضغط رئيسي آخر في العلاقة مع القاهرة وعلى مدى أسابيع، حث المجتمع الدولي - بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية - إسرائيل على عدم مهاجمة رفح، خاصة أنه لم تكن هناك خطة لحماية 1.4 مليون مدني كانوا يعيشون هناك، ولكن دون جدوى إلا أن هذه الحملة أثرت بشكل واضح على مدى خطورة الهجوم.
وكانت النتيجة الثانوية لعملية رفح هي سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وممر فيلادلفيا، مما دفع مصر إلى إغلاق معبر رفح. ورفضت مصر إعادة فتحه والسماح بمرور المساعدات الإنسانية من خلاله ما دامت القوات الإسرائيلية تسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر، وتعترض إسرائيل على سيطرة السلطة الفلسطينية على المعبر، مما يشير إلى أنه يمكنها المرور عبر الحدود. من خلال معبر كرم أبو سالم وتعمل الولايات المتحدة على حل هذا المأزق، ومن المتوقع أن تقدم قريبًا مقترحًا لإعادة فتح المعبر.
وأصبحت مسألة الأنفاق محفوفة بالمخاطر بشكل خاص. وفي بيان أمام محكمة العدل الدولية، زعمت إسرائيل إلى أنها اكتشفت ما لا يقل عن 50 نفقًا في المنطقة الحدودية بين غزة ومصر، لكن لم يكن من الواضح عدد الأنفاق التي عبرت الحدود إلى مصر. وتعمل مصر على التأكد من تدمير كل هذه الأنفاق. وأشار تقرير حديث إلى أن وثائق عسكرية سرية تكشف عن تدمير أكثر من 2000 نفق على يد مهندسين عسكريين مصريين في منطقة رفح بين عامي 2011 و2015. كما أشار مسؤول مصري إلى أن مصر دمرت أكثر من 1500 نفق على مر السنين. وكثرت التقارير عن قيام مصر بغمر الأنفاق ونقلت الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الحدود إلى مناطق أخرى وتم إنشاء منطقة عازلة للتعامل مع المشكلة ومع ذلك، زعمت إسرائيل علنًا عدم ثقتها في هذه القضية.
ومع استمرار الحرب، تزداد مخاطر الاحتكاك مع استمرار القوات الإسرائيلية والمصرية في العمل على مقربة من بعضها البعض في بيئة متوترة.