السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

وسط تراجع القطاعات الاقتصادية في مصر.. صناعة الموضة المستدامة تزدهر

الرئيس نيوز

تعمل إعادة تدوير الأقمشة والملابس على توفير المال وخفض النفايات إلى الحد الأدنى مع توفير فرص عمل جديدة أيضًا، وفقًا لتقرير نشرته مجلة "ذا جود مان بروجيكت"، التي يشرف عليها معهد دراسات البيئة بجامعة مينيسوتا، وهي مجلة غير ربحية تركز على الحلول والابتكارات وتقدم تقارير عن كوكب الأرض المتغير، وتعلن المجلة دائمًا أن مهمتها تحفيز وتمكين المجتمعات في جميع أنحاء العالم لخلق مستقبل أكثر استدامة من خلال تبادل الخبرات، وقد اختارت في أحدث تقاريرها تسليط الضوء على التجربة المصرية في مجال الأزياء.

ويركز التقرير، على استكشاف الجهود البيئية التي تبذلها المجتمعات التي تواجه مخاوف أكثر إلحاحًا مثل الحرب أو الفقر من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، وبالنسبة للأغلبية الساحقة التي تبلغ حوالي 4.7 مليون شخص يعيشون في المنوفية، إحدى محافظات مصر، فإن "الموضة المستدامة" مصطلح غير نظري، بل تحول إلى واقع عملي على الأرض، وبالفعل، قامت شركة واحدة بإعادة تدوير حوالي 940 طنًا (850 طنًا متريًا) من القماش في خمس سنوات.
 

سيدة مصر الأولى تكرم إحدى مؤسسات جرين فاشون دعمًا لدور الشركة المجتمعي في تأهيل وتدريب المرأة

ويروي أمجد مصطفى، المؤسس المشارك لشركة جرين فاشون، العلامة التجارية التي جمعت حوالي 200 امرأة لبث حياة جديدة في أكوام من المنسوجات: "نحن، كرجال أعمال، كنا مهتمين بالتصنيع الإبداعي والحلول البيئية بعد أن لاحظنا كمية نفايات المنسوجات التي تمثل مشكلة بالنسبة للمصانع وصداعًا لا ينتهي بالنسبة للمخازن".

وأشار إلى الأقمشة والمنسوجات التي قد يتم حرقها أو إلقاؤها في مدافن النفايات، ويستخدم المشروع، الذي بدأ في عام 2018، الأقمشة الفائضة ونفايات النسيج من 50 مصنع نسيج للحصول على المواد الخام.

في كل عام، تنتج صناعة الملابس المترامية الأطراف في مصر - والتي تمثل 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - حوالي 234 ألف طن (212 ألف طن متري) من نفايات النسيج، وفقًا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة.

ولما كان الأثر البيئي لصناعة الأزياء العالمية هائل، وتتطلب زراعة القطن 10 آلاف لتر (2600 جالون) من الماء لصنع منتج واحد من بنطلونات الجينز، وهو ما يعادل استهلاك شخص واحد لمدة 10 سنوات، وفقًا للأمم المتحدة ووفقًا لتقارير حديثة صادرة عن شركة ماكينزي، تنتج الصناعة ما بين 3 إلى 10% من إجمالي الغازات الدفيئة، وتشكل مذيباتها وأصباغها ربع تلوث المياه الصناعية، وفي السنوات الأخيرة كانت مسؤولة عن 20 إلى 35% من تدفقات البلاستيك الدقيق إلى المحيطات ووصفت الأمم المتحدة الموضة السريعة بأنها "حالة طوارئ بيئية"، ولكن ما يحدث في المنوفية، هو صناعة صديقة للبيئة، وفقًا لأعلى المعايير.

وتغيرت الأمور مع ظهور الإنتاج الضخم والأزياء السريعة ولكن اليوم، بينما يعاني الاقتصاد المصري من عدة عثرات، فإن إعادة الاستخدام وإعادة الاستخدام مرة أخرى تحولت إلى تريند آخذ في الصعود والارتفاع.

وفي السنوات الأخيرة، دفع الاقتصاد المتعثر في مصر، أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، المستهلكين إلى البحث عن بدائل أرخص للملابس الجاهزة ذات العلامات التجارية العالمية وقد أدى ذلك إلى تحفيز الشهية للملابس المعاد تدويرها وإعادة تدويرها، مما يؤدي بدوره إلى تقليل هدر الأقمشة، وخلق فرص عمل، وإطلاق العنان للإبداع حيث يجد الأفراد والكيانات طرقًا لإعادة استخدام الأقمشة والملابس المستعملة بشكل مبتكر.

الجانب الإيجابى
وفقا لدعاة الموضة المستدامة، فإن إعادة استخدام الملابس أو إعادة استخدامها ليس بالأمر الجديد على المصريين، وتشير إسراء أبو الرحاب، مستشارة الاستدامة والتنمية البيئية إلى أن الاستدامة كفكرة "موجودة في جميع المستويات الاجتماعية المصرية، يعني من لم يلبس ملابس أقاربه الأكبر سنًا؟ بينما كانت قطع أخرى محددة متداولة بين أفراد الأسرة؟"

وأدت موجات انخفاض قيمة العملة منذ عام 2016، والتي تفاقمت بسبب الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، إلى ارتفاع معدلات التضخم في مصر بشكل كبير. 

وفي يونيو 2023، وصلت المعدلات إلى مستوى قياسي بلغ 36.8%، وقد امتد تأثير هذا الانكماش الاقتصادي إلى جميع الطبقات ووقع الملايين في براثن الفقر، وكانت الملابس من بين العديد من السلع والخدمات التي تأثرت.

تقول رحمة يوسف، وهي معلمة من مدينة السويس الساحلية، على بعد 140 كيلومترًا شمال شرق العاصمة: "كنا نسافر إلى القاهرة عدة مرات في السنة فقط لزيارة مراكز التسوق وشراء ملابس جديدة، ثم ارتفعت الأسعار". 

تضيف: "ما كان يشتري لنا قطعتين أو ثلاث قطع أصبح الآن بالكاد يغطي قطعة واحدة"، موضحة أنها وشقيقتها تعتمدان الآن على التوفير، وشراء الملابس المصنوعة حسب الطلب (والتي غالبًا ما تكون أرخص من المنتجات ذات العلامات التجارية الشهيرة"، وراجت مهنة إصلاح الملابس وإعادة تصميم الملابس القديمة.

انخفاض الجنيه
وتشير بسمة توكل، مؤسِّسة متجر "دايرة" للتسوق عبر الإنترنت، إلى أن الحاجة إلى الملابس الرخيصة فتحت الباب أمام الموضة المستدامة وتؤكد: “مع انخفاض الجنيه، بحث الناس عن بدائل للارتفاع المتعمد في الأسعار، واعتقد أن زبائني سيكونون من الطبقتين المتوسطة والدنيا، لكنني حصلت أيضًا على بعض العملاء من الطبقة العليا."

ومنذ إطلاقها في عام 2020، تبيع مؤسسة دايرة مجموعة مُعاد تدويرها مكونة من حوالي 12 قطعة كل بضعة أشهر، من خلال مزج الأقمشة المختلفة والملابس القديمة ومطابقتها لخطوط الموضة الشهيرة في العالم.

وفي الوقت نفسه، تنتج مجموعة جرين فاشون ملابس مُعاد تدويرها، بالاعتماد على لفات الأقمشة المعيبة، التي لا تكلف أكثر من 25% من سعر الملابس السليمة، بالإضافة إلى الملابس المستعملة غير المرغوب فيها بسبب قطع أو تلف كما يضيف مؤسس المجموعة: "لقد أنتجنا ذات مرة ألف قطعة من مخلفات الأقمشة والأتواب المعيبة ونحن عادة ننتج قطعة جديدة واحدة من أفضل الأقمشة المأخوذة من كل أربع ملابس معيبة أو مستعملة." 

اكتساب المهارات والمعرفة
لا تقوم شركة جرين فاشون بإعادة تدوير الأقمشة فحسب، بل تعمل أيضًا على بناء المهارات، إذ تقوم الشركة بتدريب الخياطات الجدد لمدة ستة أشهر، شهرين على الخياطة وشهرين آخرين على إعادة التدوير ويوضح مؤسس جرين فاشون أنه بعد الانتهاء من التدريب، تعمل الخياطات الجديدات تحت الإشراف قبل أن يُسمح لهن بالعمل بمفردهن.
 

للنساء فقط
أشار مؤسس جرين فاشون إلى أن شركته توظف النساء فقط ونتيجة لذلك، فهي "تساعد المجتمع المحلي، على تحقيق تأثير اجتماعي إلى جانب أهدافها البيئية، من خلال تمكين النساء اللاتي لم يكن لديهن دخل أصلًا أو كان دخلهن في السابق ضئيلًا، وتدربهن، وتوفر لهن وظيفة لائقة"، ويؤكد عزم شركته على نشر مفهوم الاستدامة بين الجميع.

سهير عصفور، أم لأربعة أطفال، كانت ربة منزل بدوام كامل حتى عام 2018، عندما فقد زوجها وظيفته، تاركًا الأسرة في حاجة إلى دخل وتروي سهير قصتها مع الملابس المستدامة: "في جرين فاشن، تعلمت التطريز والخياطة، وحاليًا أساعد المدربين لدينا في تعليم الوافدات الجدد، لقد ساعدني عملي على عيش حياة أفضل وغير تفكيري تجاه الأشياء القديمة تمامًا".

ويقول يسري عبد القادر، المؤسس المشارك لمبادرة التصميم المستدام "من نفايات إلى ذوق راقٍ - From Waste to Good Taste"، إن ورش العمل الخاصة بمشروعه، التي بدأت في عام 2021 لتعليم أساليب الإصلاح وإعادة التدوير، مثل الترقيع، تجتذب الطلاب من مختلف الأعمار مضيفًا: "في البداية، كان معظم الحاضرين في ورشة العمل لدينا من الطلاب والخريجين الجدد وبمرور الوقت، بدأت الفئة العمرية في التوسع، وينضم إليها الآن الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر".