الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

خبراء: الوضع بالشرق الأوسط يزداد تعقيدا.. ومصر قادرة على التعامل مع التحديات الإقليمية

الرئيس نيوز

حذر خبراء سياسيون واقتصاديون، من استمرار تعقد الوضع والصراع وتنامي الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالتطورات في الأراضي الفلسطينية، مشددين على أن الدولة المصرية قادرة على التعامل مع كافة التحديات الإقليمية والتعاطي معها بإيجابية لما تتمتع به القيادة السياسية من رؤية في التخطيط الاستراتيجي تجاه الأزمات.

جاء ذلك في الندوة التي تم تنظيمها اليوم السبت، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، والتي عُقدت بمشاركة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان "توقعات مصرية للإقليم والعالم"، لمناقشة الإصدار السنوي للمركز حول أبرز التوقعات المحتملة لمستقبل مصر والإقليم والعالم لعام 2024، والقضايا العالمية والإقليمية والأمنية والاقتصادية والتكنولوجية، فضلًا عن رؤية المركز الاستشرافية لمستقبل مصر على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، أكد مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتور خالد عكاشة، أهمية الكتاب السنوي الذي يصدره المركز حول أبرز التوقعات المحتملة لمستقبل مصر والإقليم والعالم؛ لاستشراف الأحداث على المستوى الإقليمي والدولي، ولاسيما في ضوء نجاح الإصدار في توقع الكثير من الأحداث، الأمر الذي دفع المركز إلى الاستمرار في إصدار التوقعات كل عام.

وأضاف أن إصدار التوقعات، التي بدأها المركز منذ عام 2018، يجيب على العديد من التساؤلات؛ أبرزها إلى أين تتجه مصر داخليا وخارجيا، كما يضع سيناريوهات تستشرف المستقبل خاصة ما بعد حرب غزة، ويحدد الإصدار اتجاهات التسليح الإقليمي، ويلقي الضوء على الأمن البحري ويتوقع أيضًا مسارات الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن مستقبل التكنولوجيا والطاقة.

وتابع عكاشة، الذي أدار الندوة، أن إصدار التوقعات يقوم على عملية تقييم لأحداث وقضايا العام المنصرم، ويوزن الأوضاع قبل الانطلاق نحو توقع واستشراف قضايا العام الجديد، لافتا إلى أن المركز يسعى لتقديم الرؤى والبدائل المختلفة بشأن القضايا والتحولات الاستراتيجية، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.

وأشار إلى أن قضايا الاقتصاد والطاقة هما الأكثر ضغطا على الاقتصاد في دول الإقليم الذي يمر بظرف دقيق ومشحون بالأزمات والمشاكل، منوها إلى أن المتابع للتحديات الاقتصادية سيجد أن هذا التحدي عالمي، وبدأ انطلاقا من الحرب الروسية الأوكرانية.

بدوره، قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ ورئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن التوقعات الخاصة باستشراف المستقبل في مصر بشكل خاص والشرق الأوسط والعالم بشكل أشمل، تقوم في الأساس على بحث علمي، وما أثبته المركز من توقعات خاصة بالمستقل وتأكدت صحتها، هو ما دفع الباحثين إلى الاستمرار على هذا النهج والمنوال.

وأضاف سعيد – خلال كلمته بالندوة – أن الجهد الذي يتم لاستقصاء ما هو موجود في الواقع للانطلاق نحو المستقبل، هو محاولة علمية يتم تقديمها لمراعاة التوجهات التي يجب العمل عليها في المستقبل.

وأشار إلى أن النظام العالمي القائم في الوقت الحالي يعد نظاما متعدد الأقطاب، منوها إلى أن القوى العظمى هي التي تستطيع أن تصل إلى كل مكان بالعالم عسكريا وسياسيا واقتصاديا، لافتا إلى أن تركيبة القوى العالمية الحالية تثبت أن هناك ٣ دول فقط قادرة على فعل ذلك وهي أمريكا وروسيا والصين.

وتساءل حول ما إذا كان الوهن الذي أصاب روسيا جراء الحرب الأوكرانية سوف يغير صورة القوى الدولية في العالم، معتبرا أن الواقع يرجح ذلك، وستبقى هناك قوتان عظميان وهما أمريكا والصين.

ورأى أن هناك تفاهمات صينية أمريكية متزايدة في الفترة الأخيرة، ويظهر ذلك من خلال تعاطي البلدين مع الأوضاع المشتعلة في العالم والشرق الأوسط.

وأوضح أنه فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فإن كل التوقعات تشير إلى أن الأوضاع ستزاد سوءا، واصفا المنطقة بأنها "مجمع" للصراعات التي تمخض بها "الربيع العربي"، كالأزمات في ليبيا واليمن وسوريا والسودان.

وتابع عضو مجلس الشيوخ أن التحديات تحيط بمصر من كل الاتجاهات، ولكن الدولة قادرة على التعامل مع تلك التحديات باستراتيجية وتخطيط عالي المستوى.

وذكر سعيد أن حرب غزة لم تكن حربا واحدة، بل تخطت إلى أقطار أخرى شملت سوريا ولبنان، فضلا عن الضربات الأمريكية على العراق، منوها في هذا الصدد إلى أن الصراع في الشرق الأوسط يزداد تعقيدا، وهناك توقعات باتساع رقعة ذلك الصراع.

واستطرد قائلا: "إنه رغم تلك الأوضاع المعقدة بمنطقة الشرق الأوسط، لكن هناك تيارا إصلاحيا بعيدا عن العنف، والذي يتمثل في سعي عدد من الدول والأقطار إلى انتهاج أفكار إصلاحية اقتصادية وترسيخ فكرة التنمية".

وفيما يتعلق بالوضع الداخلي في مصر، شدد الدكتور عبد المنعم سعيد، على أن مصر تسير وفق خط واحد منذ 2013 عنوانه "البناء والتنمية "، مؤكدا أنه رغم الأزمة الاقتصادية فلا يوجد مشروع واحد للبناء توقف العمل به.

وأبرز أن هناك خطا مصريا آخر، يتثمل في مواجهة التحديات التي تحيط بالأمن القومي المصري من كافة الاتجاهات.

من جانبه، أكد الدكتور جمال عبد الجواد عضو الهيئة الاستشارية ومدير برنامج السياسيات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن التوقعات الخاصة باسشراف العام الجديد هو استقصاء شديد الصعوبة، لافتا إلى أن المركز المصري للفكر استند خلال استقصائه وتوقعاته بشأن مستقبل الوضع خلال 2024 إلى مصدر مهم جدا، وهو التوقعات بشأن العام الماضي وما حدث فيه.

وقال عبد الجواد إن المجتمعات لا تفرق بين عام جديد أو سابق، لأنها تعيش حالة مستمرة من الحركة والتطور اقتصاديا وثقافيا وسياسيا.

وحول قراءته بشأن مستقبل الوضع الداخلي في مصر، أبرز أن السمة الأساسية لهذا الوضع هو الانفتاح المتزايد في المجال العام على عدة مستويات، مشددا على أن كل التوقعات تشير إلى أن ذلك الانفتاح مرشح للزيادة والاستمرار.

وتطرق إلى مسألة الإفراج عن عدد كبير من المحبوسين احتياطيا، وقال إن هذا الملف شهد حلحلة كبيرة وملحوظة، حيث تم التوافق على آليات وتفعيلها لخروج عدد كبير من المحبوسين احتياطيا وفق إجراءات منظمة.

وتابع: "هناك توقعات بشأن إصدار قوانين تتعلق بتنظيم مسألة الحبس الاحتياطي"، لافتا إلى أن هذه الإشكالية سيتم وضع تصور لها، والدولة ستواصل لعب دور رئيسي ومركزي في هذا الصدد.

وأكد عبد الجواد أن الحوار الوطني أثرى الحياة السياسية المصرية، وأضاف لها شيئا لم يكن موجودا في العصور السابقة.

وأشار إلى أن الحوار الوطني شاركت فيه تيارات سياسية وقوى مختلفة بدرجة حرية عالية، وكان متغيرا مهما بالحياة السياسية المصرية، ومن حسن الطالع أن هذا الحوار سيستمر وسيصبح ملمحا من ملامح الحياة السياسية، مجددا التأكيد على أن الحوار الوطني كان منبرا لتبادل الرأي بين التيارات المختلفة والدولة.

ونبه الدكتور جمال عبد الجواد بأن الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة كانت انتخابات تأسيسية، لأنها تمت في ظروف طبيعية، بخلاف الاستحقاقات السابقة، لذلك يمكن القياس عليها والتعرف من خلالها على ملامح شكل النظام السياسي المصري المستقبلي.

وأكد أن تلك الانتخابات شهدت تعددية في أيديولوجيات المرشحين لم تشهدها الاستحقاقات السابقة، حيث مثّل المرشحون تيارات وأحزاب سياسية مختلفة.

ورجح أن تشهد الحياة الحزبية في مصر طفرة في المستقبل، حيث تشير كل التوقعات إلى أن الأحزاب السياسية المصرية ستلعب دورا أكبر في الفترات المقبلة.

واستطرد قائلا: "إن كل التوقعات تثبت أيضا أن هناك فرصة لإصلاحات سياسية مرتبطة بنتائج الحوار الوطني خاصة فيما يتعلق بقانون الانتخابات البرلمانية ليسمح بتمثيل أكبر للأحزاب السياسية".

وأضاف أن هناك طلبا متزايدا على الحوار، وأن الدولة ستسجيب بشكل أساسي وسريع فيما يتعلق بتعميق الحوار الوطني وتوسيعه في ظل التوافقات التي جرى التوصل إليها.

من ناحيته، قال الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتور خالد حنفي، ان إصدار التوقعات مسألة تضمن وجود روية شاملة لقضايا الإقليم، لافتا إلى أن هناك طلبا مصريا وإقليميا ودوليا على استشراف المستقبل.

وأضاف حنفي أن مراكز الفكر اهتمت بإصدار التوقعات الخاصة بالمستقبل خاصة بعد الثورات التي اندلعت خلال العقد الماضي، وبدأت القوى الإقليمية والدولية تعير الاهتمام لتلك التوقعات؛ نظرا لمصالحها في المنطقة.

وتابع الدكتور خالد حنفي، أن الاستشراف يعطي رؤية لكيفية تحرك الدول بالمنطقة، موضحا أن إصدار المركز لتوقعات 2024 تميز بطابع خاص، إذ إن الإصدار قام عليه باحثون من أجيال مختلفة، وحمل مجموعة متنوعة من الأفكار، ما جعله "غير مقصور" على فئة معينة.

وأشار إلى أن الشرق الأوسط تعد منطقة معقدة وصعبة التوقع، مستشهدا بما جرى في 7 أكتوبر الماضي، حيث كان الإقليم قبل ذلك اليوم يسير في اتجاهات محددة، إلا أن هذه الأحداث أدت إلى انتشار التأزم لتشمل لبنان وسوريا والبحر الأحمر والعراق.

وأبرز الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن هناك ضرورة لرفع الرؤية التنبؤية الخاصة بمصر وما يحيط بها من تحديات تضرب إقليم الشرق الأوسط، ما سيساعد مصر على التكيف والتعامل بإيجابية مع الأزمات الراهنة، منوها بأن المركز المصري للفكر يضم خبراء قادرين على استشراف المستقبل لمساعدة صناع القرار.

أما الدكتور مدحت نافع، مستشار وزير التموين والتجارة السابق والخبير الاقتصادي، فأكد أهمية إصدار التوقعات، لاسيما في ظل مشهد دولي معقد وشديد الالتباس وتقلبات عالمية تساوي مخاطر، إذ إن الاستشراف يساعد في تحديد الاتجاهات واتخاذ القرارات.

وتحدث عن استمرار اضطربات سلاسل الإمدادات مع الصرعات والحروب المشتعلة حاليا، ولاسيما الحرب داخل قطاع غزة، منبهًا بأن تلك الحرب تعد عاملا له تأثير على تحديد اتجاهات الاقتصاد بمصر، لما لها من تداعيات على إيرادات السياحة وحركة التجارة والملاحة، وما لذلك من تبعات على النقد الأجنبي بمصر.

وألقى الخبير الاقتصادي الضوء على مدى تأثير قضية تغير المناخ، وما تتطلبه من ضرورة التكيف مع التغيرات والتي لم يسلم منها أي اقتصاد في العالم، متطرقا إلى أزمة التضخم الذي يعد "العدو الأول" للاقتصاد، والضريبة التي يدفعها الغني والفقير، منوها بتحرك الدولة المصرية سريعًا لمحاصرة تلك الأزمة.

ورأى أنه إذ تمت السيطرة على أزمة التضخم، وعودة الهدوء إلى قطاع غزة، فإن ذلك سيؤدي إلى تحسن توقعات النمو خلال العام الجاري، مضيفا أن البطالة تم التعامل معاها بفضل المشروعات القومية العملاقة الجارية بالبلاد والتي استوعبت الكثير من العمالة، مؤكدا أن سلوك الانضباط المالي سيساعد في تجاوز الأزمة الاقتصادية.