الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عاجل| مخطط تهجير الفلسطينيين لسيناء.. اقترحها هرتزل وطورها زعماء الصهاينة وأحبطها المصريون

الرئيس نيوز

لم يكن هناك إجماعا لدى غالبية المصريين بأن مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء حقيقي، ومسعى يلح على تمريره الاحتلال الإسرائيلي من الحين إلى الآخر، حتى انجلت الحقيقة؛ بعدما هدد الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين بضرورة الخروج من شمال غزة إلى جنوبها حيث شبه جزيرة سيناء؛ كي ينجا سكان القطاع المحاصر من القصف الهمجي الذي يشنه الاحتلال منذ نحو 17 يوما منذ نفذت المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى التي قتلت نحو 1400 إسرائيلي وأصابت نحو 5000 آخرين، وأسرت على وقعها المقاومة نحو 250 ما بين جندي ومستوطن كان يقيم في مستوطنات غلاف غزة.

وثيقة سرية للتهجير

الجديد في التطورات الأخيرة هو ما كشفته صحيفة "كالكليست" الاقتصادية، الإسرائيلية، ونقلها موقع "روسيا اليوم" عن وثيقة قالت إنها سرية تكشف مخطط تهجير سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء.
وقالت إن وزيرة المخابرات الإسرائيلية جيلا جمالائيل، هي التي تدعم هذا المخطط بشدة وإنها أوصت بنقل سكان غزة إلى سيناء في نهاية الحرب الجارية.

وأوضحت الصحيفة العبرية أنه بعد عدم سماع صوتها طوال الحرب، أوصت جيلا جملائيل ومكتبها من خلال "وثيقة داخلية" بمسار حازم للتهجير القسري لسكان غزة. وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من معارضة الرئيس السيسي علانية لهذه الخطة وتوضحيه أن هذا المخطط سيجعل من سيناء قاعدة لشن هجمات ضد إسرائيل مما قد يجر مصر لحرب ضد تل أبيب وتهديد اتفاقية السلام بين البلدين، إلا أن الوزيرة الإسرائيلية مصممة على تنفيذ المخطط وتهجير سكان غزة عقب انتهاء الحرب.

وتحمل الوثيقة التي حصلت عليها الصحيفة العبرية شعار وزارة الاستخبارات وتستخدم في المناقشات الداخلية بين الوزارات الحكومية الإسرائيلية. وأشارت إلى أنه ليس من المفترض أن تصل هذه الوثيقة إلى الجمهور، لكنها تم تسريها إلى مجموعة تقوم حاليا بتأسيس حركة يهودية تسمى نفسها "مقر الاستيطان - قطاع غزة"، حيث تسعى هذه المجموعة إلى إعادة الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة.

وقالت كالكليست إنه من المحتمل أن الوثيقة، التي ربما لن تؤثر على سياسة الحكومة، كتبت لدعم الحركة اليهودية الناشئة وأهدافها وبالتالي وصلت إلى يديها أيضًا. وفي كل الأحوال، يعد هذا استمرارًا مباشرًا للسياسة التي تروج لها الحكومة منذ تأسيسها.

وتتناول وثيقة جمالائيل ظاهريا ثلاثة بدائل لفترة ما بعد الحرب، ولكن البديل "الذي سوف يؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد" هو نقل مواطني غزة إلى سيناء. وتتضمن الخطوة ثلاث مراحل: إنشاء مدن خيام في سيناء جنوب غرب قطاع غزة، وإنشاء ممر إنساني لمساعدة السكان، وأخيرا بناء مدن في شمال سيناء. 

وفي الوقت نفسه، سيتم إنشاء منطقة عازلة بعرض عدة كيلومترات داخل مصر جنوب الحدود مع إسرائيل، حتى لا يتمكن السكان الذين تم إجلاؤهم من العودة. بالإضافة إلى ذلك، تدعو الوثيقة إلى خلق تعاون مع أكبر عدد ممكن من الدول حتى تتمكن من استقبال الفلسطينيين المهجرين من غزة واستيعابهم.

وكشفت الوثيقة التي تحفظت الصحيفة العبرية على نشرها للعلن أسماء الدول التي من المفترح نقل سكان غزة إليها أيضا وهي كلا من كندا والدول الأوروبية مثل اليونان وإسبانيا ودول شمال إفريقيا من بين دول أخرى.

وكان معهد "ميسجاف" الإسرائيلي لبحوث الأمن القومي وللاستراتيجية الصهيونية، كشف خلال وقت سابق عن أدق التفاصيل للخطة الإسرائيلية المرتقبة لتهجير كافة سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء في مصر.

ونشر المعهد الخطة عبر دراسة تحت عنوان" خطة التوطين والتأهيل النهائي في مصر لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية". وشملت الدراسة التي أعدها المحلل الاستراتيجي أمير ويتمان، عدة نقاط رئيسية تعتمد عليها إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر، وأهم هذه النقاط هي استغلال أزمة مصر الاقتصادية بتهجير هؤلاء الفلسطينيين إلى سيناء مقابل "امتيازات مادية ضخمة".

ووفق الخطة فإن هناك فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بالكامل بالتنسيق مع الحكومة المصرية، حيث أن هناك حاجة إلى خطة فورية وواقعية ومستدامة لإعادة التوطين وإعادة التأهيل الإنساني لجميع السكان العرب في قطاع غزة في سيناء، والتي تتوافق بشكل جيد مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل ومصر والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

موقف صارم ضد التهجير

القيادة المصرية كانت على دراية بما يخطط إليه الاحتلال المدعوم بشكل مطلق من أمريكا وبريطانيا وفرنسا ألمانيا؛ إذ رفض جميع تلك المخططات رغم الإغراءات الكبيرة، التي كانت تعرض على القيادة المصرية منها تسوية جانب كبير من الديون ودعم القاهرة في تجاوز أزمتها الاقتصادية. 

منذ اليوم الأول وصعدت القاهرة على المستوى الرسمي من رفضها لمخططات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، إذ حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من مخاطر الفكرة، وقال إنها ستكون تصفية للقضية. 

وقال الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز: "إذا طلبنا من المصريين الخروج للتعبير عن رفض التهجير سنجد الملايين يخرجون رفضا للفكرة". 

وأضاف أنه "إذا كانت هناك فكرة للتهجير فتوجد صحراء النقب في إسرائيل يمكن نقل الفلسطينيين إليها".

وجدد الرئيس السيسي موقف مصر الرافض لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهالي قطاع غزة.

وقال نرفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين، ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقفها، وقال إن العملية العسكرية التي ترغب إسرائيل من خلالها بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء لتصفية الجماعات المسلحة في غزة قد تستغرق سنوات لم يتم تحديدها بعد وبالتالي في هذه الحالة تتحمل مصر تبعات هذا الأمر وبالتالي تتحول سيناء إلى قاعدة للانطلاق بعمليات ضد إسرائيل وتتحمل بموجبها مصر مسؤولية ذلك الأمر.

ونوه الرئيس السيسي إلى أن مصر بها 105 ملايين نسمة والرأي العام المصري والعربي يتأثر بعضه ببعض، وإذا استدعى الأمر أن نطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، فسوف نرى ملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن رفض الفكرة ودعم موقفنا في هذا الأمر. 

الدبلوماسي المخضرم مصطفى الفقي قال في تصريحات متلفزة إن مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء خطير للغاية على أمن واستقرار المنطقة، وانها بمثابة نكبة ثانية إذ أنها ستحاول حل مشكلة إسرائيل على حساب دولة عربية أخرى هي مصر، مثلما حدث في النكبة الأولى إذ تم إقامة وطن قومي لليهود على حساب ارض عربية.

تاريخ التهجير

الكاتب الصحفي عماد الدين حسين كتب في مقال له يقول "خلال المؤتمر الصهيونى الأول الذى عقد فى بازل السويسرية فى ٢٩ أغسطس ١٨٩٧ بزعامة تيودور هرتزل ناقش المجتمعون البحث عن مكان لإقامة الوطن القومى لليهود وطرحت أماكن عدة مثل أوغندا والأرجنتين وفلسطين، لكن البعض طرح أيضا سيناء المصرية والغريب أنه وبعد ١٢٦ عاما من هذا المؤتمر، يعيد الصهاينة الجدد الطرح ولكن معكوسا، أى يريدون طرد الفلسطينيين إلى سيناء بعد أن استوطنوا هم فلسطين وهوّدوها".

تابع: "لمن نسى أولا يريد أن يتذكر فإن الإسرائيليين حاولوا مرارا وتكرارا تهجير الفلسطينيين خصوصا من الضفة إلى الأردن لإقامة ما أسموه «الوطن البديل»، وظلوا يلحون على هذه الفكرة. لكنها هدأت قليلا مع توقيع اتفاقيات أوسلو عام ١٩٩٣ مع الفلسطينيين، ثم اتفاقية وادى عربة مع الأردنيين عام ١٩٩٤، لكن التعنت الإسرائيلى اللاحق كشف لنا عن أن إسرائيل لا تؤمن أساسا بأى حل حقيقى للقضية بل جوهر سياساتها هو أن يعيش الفلسطينيون فى سجن كبير عبيدا لهم أو يتم طردهم من أراضيهم ومن يرفض هذا أو ذاك يقتل".

يقول الكاتب الصحفي عماد الدين حسين إن انسحاب إسرائيل من قطاع غزة فى أغسطس ٢٠٠٥، لم يكن ذلك بهدف منحة الحرية، بل لأن ثمن الاحتلال صار مكلفا ومؤلما، وبعد الانسحاب حاصر الإسرائيليون القطاع وحشروا الفلسطينيين فى هذا الشريط الضيق، واعتقدوا أن ذلك سيجعلهم يستسلمون أو يتركون القطاع.

يشير المقال إلى أن الإسرائيليين روجوا لفكرة توطين الفلسطينيين فى سيناء أكثر من مرة وفى أكثر من عهد. وهناك فيديوهات متاحة على وسائل التواصل الاجتماعي يرفض فيها الرئيس المصرى الأسبق محمد أنور السادات هذه الفكرة فى حوار مصور مع صحفى أمريكى وقال له ساخرا: «هل تقبلون أن تعطوا الصحراء الأمريكية لأى طرف يريدها؟!!». وهو ما فعله الرئيس الأسبق أيضا حسنى مبارك الذى قال بوضوح إنهم عرضوا عليه الفكرة ورفض خصوصا من بنيامين نتنياهو. جرب الإسرائيليون محاولة تسويق الفكرة فى أكثر من مرة وأكثر من سياق خصوصا إقامة منطقة مشتركة فى سيناء، أو منطقة اقتصادية أو منطقة أديان مشتركة.

جذور خطط التهجير

وتعود جذور خطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الفترة التي تلت نكبة 1948. في ذلك الوقت، رأى القادة الإسرائيليون أن وجود الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية يشكل تهديدًا لطابع الدولة اليهودية.
على سبيل المثال، قال ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، إن "العرب يجب ألا يظلوا هنا، وسأبذل قصارى جهدي لجعل العرب في دولة عربية".