الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بمشاركة مدبولي وشكري.. القادة الأفارقة يتجهون إلى مهمة سلام "صعبة" في كييف

الرئيس نيوز

ذكرت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية أن مهمة سبعة من القادة الأفارقة اليوم الجمعة في أوكرانيا لن تكون سهلة، وتتوسط مهمة السلام الأفريقية بين أوكرانيا وروسيا على أمل العمل من أجل إنهاء الحرب الدائرة في أوروبا الشرقية، التي أثرت بشدة على مستويات المعيشة في جميع أنحاء القارة السمراء.

ويجتمع الجمعة في كييف وفود من جنوب أفريقيا ومصر والسنغال والكونغو برازافيل وجزر القمر وزامبيا وأوغندا مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، يتبعونه باجتماع لاحق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السبت.

ولفت تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن توقيت الزيارة يبدو أنه ليس أقل صعوبة من مهمة القادة الأفارقة، إذ تأتي مهمة السلام في الوقت الذي تشن فيه كييف هجومها المضاد ضد القوات الروسية.

وطرحت وسائل الإعلام الغربية السؤال الأكثر أهمية: ما الذي يمكن أن تحققه هذه مهمة السلام الأفريقية بالفعل؟ فلم يقدم رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أي جدول زمني للمباحثات أو مقترحات عندما أصدر إعلانه الشهر الماضي للتوسط بين الجانبين المتحاربين، لينضم إلى طابور طويل من صانعي السلام المحتملين بما في ذلك الصين وتركيا وبابا الفاتيكان  وكلهم رغبة في أن تضع الحرب أوزارها.

ما هو الدافع الاستراتيجي لهذا التدخل؟

طرح ها السؤال في تقرير "بي بي سي" كينجسلي ماخوبيلا، محلل المخاطر الجنوب أفريقي والدبلوماسي السابق، وعلق بالقول: “أرى أن الهدف ليس واضحا”.

وتابع: "تبدو مهمة السلام خروجًا عن المألوف والمعتاد، وهي بمثابة تفجر غير عادي للنشاط إذا أخذنا في الاعتبار منهج عدم التدخل الثابت التي تؤمن به أفريقيا إلى حد كبير تجاه الصراع الذي يراه الكثيرون هنا في المقام الأول على أنه مواجهة بين روسيا والغرب".

وأضاف كينجسلي: "إنها أيضًا محاولة نادرة للتدخل الدبلوماسي خارج القارة ويوافقه الرأي موريثي موتيجا، مدير قسم أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، ويصف المبادرة الأفريقية بأنها "تطور مرحب به" نظرًا لطلب أفريقيا المتزايد على أن يكون لها صوت أكبر في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى". 

وأشار التقرير إلى أن الرجل الذي يدعم التحرك الأفريقي وقام بدور في تمهيد الطريق لمهمة السلام وهو جان إيف أوليفييه، تحدث عن أهداف متواضعة وهو يرأس منظمة مقرها المملكة المتحدة تُعرف باسم مؤسسة برازافيل، والتي تركز بشكل أساسي على مبادرات السلام والتنمية في أفريقيا.

 وتوقف أوليفييه عن التعليق علنا على رحلة القادة الأفارقة إلى أوكرانيا وروسيا منذ أن أصبحت رسمية.

وقال إن الهدف هو بدء الحديث كخطوة أولى نحو حل النزاع، وبدء حوار حول قضايا لا تؤثر بشكل مباشر على الوضع العسكري والبناء عليها وإحدى أهم القضايا في هذه المرحلة التمهيدية هي قضية "تبادل محتمل لأسرى الحرب الروس والأوكرانيين" وثمة قضية أخرى هو محاولة إيجاد حلول للقضايا التي تهم أفريقيا، مثل الحبوب والأسمدة.

وأثرت الحرب بشدة على تصدير الحبوب من أوكرانيا والأسمدة من روسيا، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي العالمي. وتعاني أفريقيا التي تعتمد على الواردات من كليهما أكثر من غيرها.

وقال أوليفييه إن القادة الأفارقة سيسعون لإقناع الروس بتمديد الاتفاقية الهشة التي تسمح لأوكرانيا بشحن الحبوب عبر البحر الأسود وستحث كييف على المساعدة في إيجاد طرق لتخفيف القيود المفروضة على تصدير الأسمدة الروسية العالقة حاليًا في الموانئ ومع ذلك، هناك مؤشرات على أن القادة "يسعون إلى تقديم صفقة أكثر عمقًا وجوهرية بين الجانبين"، كما يقول المحلل السياسي موريثي موتيجا.

ضغوط أمريكية على جنوب أفريقيا

يأتي تشكيل الوفد الأفريقي الذي يرفع راية السلام آخذًا في الاعتبار اثنين من العوامل وهما: الشمول والتوازن، مع أعضاء من أجزاء مختلفة من أفريقيا الذين لديهم وجهات نظر مختلفة حول الصراع الدائر، ويضم الوفد الأفريقي أربعة رؤساء ورئيس وزراء مصر الدكتور مصطفى مدبولي ووزير الخارجية سامح شكري وممثلين عن أوغندا والكونغو برازافيل، وتنظر القوى الغربية تقليديًا إلى جنوب أفريقيا وأوغندا على أنهما تميلان إلى روسيا، بينما زامبيا وجزر القمر أقرب إلى المعسكر الغربي بينما تظل مصر والسنغال والكونغو برازافيل محايدة إلى حد كبير.

لكن يبدو أن التطورات الأخيرة في جنوب أفريقيا تؤثر على مهمة السلام بشكل أو بآخر، فقد تعرضت حكومة رامافوزا لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة بسبب دعمها المزعوم للحرب الروسية مع مزاعم عن شحنة أسلحة إلى موسكو، وهو ما نفته جنوب أفريقيا.

وتنتظر إدارة بايدن نتيجة تحقيق بريتوريا الرسمي، لكن مجموعة من أعضاء الكونجرس من الحزبين الأمريكيين تريد من البيت الأبيض معاقبة جنوب أفريقيا من خلال إعادة النظر في مزايا التجارة التفضيلية الهامة.

ويقول أليكس فاينز، مدير برنامج أفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن: "أعتقد أن المهمة تتماشى الآن مع حاجة جنوب أفريقيا لتوضيح موقفها".

ويقول الدكتور فاينز إن الأمريكيين لم يعودوا يحاولون جعل أفريقيا تختار طرفًا في الصراع كما فعلوا عندما غزت روسيا أوكرانيا لأول مرة فقد حافظت العديد من الدول الأفريقية على موقف عدم الانحياز، وهو موقف تعترف الولايات المتحدة بأنه متجذر في تاريخ الحرب الباردة ولا يعني بالضرورة دعم موسكو ويقول إن واشنطن الآن "تدعو إلى عدم الانحياز الحقيقي"، "ومن هنا يأتي الضغط على جنوب أفريقيا في الوقت الحالي لإثبات أنها حقًا غير منحازة".

كان رامافوزا قوة دافعة في صياغة مهمة السلام الأفريقية فقد أجرى مكالمات مع  بوتين وزيلينسكي، وتواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بإيجاز على الرغم من عدم إبداء روسيا أو أوكرانيا أي اهتمام بمحادثات السلام، إلا أن كلاهما لهما مصلحة في هذه الزيارة الأفريقية وتعمل موسكو على تعزيز نفوذها في أفريقيا كقوة موازنة للغرب وتأمل في إبراز ذلك خلال قمة روسيا – أفريقيا المقبلة.

يأمل الفريق الدبلوماسي رفيع المستوى في أن يجعل صوت القارة مسموعًا بعد أن تضررت بشدة من ارتفاع أسعار الحبوب والتأثير الأوسع على التجارة العالمية منذ غزو روسيا لأوكرانيا العام الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليج نيكولينكو في بيان “نحن حريصون على التواصل معهم... لنرى ما إذا كان هناك مجال للخروج بجهود مشتركة من شأنها أن تقرب السلام في أوكرانيا”، ومع ذلك، فإن المبادرة، وهي الأحدث في فورة من الجهود الدبلوماسية التي لم توقف إراقة الدماء الآن تأتي في وقت صعب بعد أن كثفت موسكو هجماتها الليلية على المدن الأوكرانية الكبرى في الأسابيع الأخيرة، بينما شنت كييف هجومًا مضادًا كبيرًا لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا.

وصرح مصدر دبلوماسي كونغولي لوكالة فرانس برس بأن "الظروف ليست مهيئة لإجراء مناقشات سلمية وبناءة، ولهذا السبب يغيب عن مهمة السلام الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الكونغو برازافيل دينيس ساسو نجيسو، وأنابوا مكانهم شخصيات رفيعة المستوى.

وعبّر المصدر الدبلوماسي عن أسفه لأن غياب السيسي "صاحب الوزن والتأثير الثقيل على الساحة الأفريقية"، "يرجح أن يضعف المبادرة الأفريقية".