الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بها لغز فني "مُحيِّر".. جدارية عمرها 3300 عام تقدم عرضًا تفصيليًا للعديد من الطيور

الرئيس نيوز

سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء على لوحة جدارية عمرها 3300 عام تقدم عرضًا تفصيليًا رائعًا للعديد من أنواع الطيور، كما يوجد بها لغز فني محير.

وفي تقرير كتبه "فرانز ليدز"، الأربعاء، قال إنه قبل قرن من الزمان، حفر علماء الآثار بأحد المواقع ليكشفوا النقاب عن قصر مصري عمره 3300 عام في العمارنة التي كانت عاصمة مصر بشكل عابر في عهد إخناتون ويقع القصر الشمالي بعيدًا عن المناطق المزدحمة في العمارنة، ويوفر ملاذًا هادئًا للعائلة المالكة.

وعلى الجدار الغربي لغرفة مزينة بشكل فخم، والمعروفة اليوم باسم الغرفة الخضراء، اكتشف المنقبون سلسلة من الألواح الجصية المرسومة تعرض أشكال الطيور المختلفة بالقرب من مستنقع بوردي مورق.

وكان المدهش أن هذه اللوحة تعتبر عملا فنيا فريدا من حيث اهتمامه بالتفاصيل الصغيرة للغاية وتم رسمه بمهارة بحيث كان من الممكن تحديد بعض أنواع الطيور بمجرد النظر، بما في ذلك طائر الرفراف والحمام الصخري.

وفي الآونة الأخيرة، شرع باحثان بريطانيان، كريس ستيمبسون، المتخصص في علم الحيوان بمتحف جامعة أكسفورد للتاريخ الطبيعي، وباري كيمب، عالم الآثار بجامعة كامبريدج، في تحديد هوية بقية الطيور التي تم تصويرها في اللوحات.

وأدت محاولة الحفاظ على اللوحات في عام 1926 إلى نتائج عكسية، مما تسبب في بعض الضرر وتغير اللون، لذلك اضطر الدكتور ستيمبسون والدكتور كيمب إلى الاعتماد على نسخة تم تصويرها في عام 1924 من قبل نينا دي جاريس ديفيز، رسامة متحف متروبوليتان للفنون.

ونُشرت النتائج التي توصل إليها الباحثان في مجلة "أنتكيوتي"، وأشارت النتائج إلى أنه من بين الألغاز التي حاولا حلها كان سبب وجود علامات ذيل مثلث على طائرين مجهولي الهوية بينما لا يوجد طائر مصري معروف اليوم بذلك الذيل المثلث.

وفي تفاصيل جدارية طبق الأصل، يطير طائر أبيض وأسود لأسفل، وانتشر ذيله أمام أوراق الشجر المنمقة، وهي صورة طبق الأصل يعرضها متحف متروبوليتان للفنون، وعلى مدار آلاف السنين، حلقت أسراب كبيرة من الطيور فوق الأجواء المصرية خلال مرورها مرتين في السنة في رحلتي هجرتها بين أوروبا ووسط وجنوب إفريقيا واعتبر المصريون القدماء الطيور كرموز حية للخصوبة والحياة والتجديد وباستثناء القطط، لم يتم رسم أو نحت أي حيوان آخر بشكل متكرر في الفن المصري سوى الطيور.

يبدو أن نقوش الجدارية تتطابق مع أوصاف الحمام الصخري التي عثر عليها بمواقع بالأردن والسعودية، وكان أكثر ما يلفت الانتباه هو طائر الرفراف ذو الأرجل، والذي يُطلق عليه عادةً اسم "هل دايفر" ويتمتع بريشه الأسود والأبيض، وعقده العلوي الأشعث ومنقاره النحيف ويصطاد الطائر فريسته بعد التحليق لأعلى، مثل الطائر الطنان، فوق الماء، ويميل رأسه بشدة إلى الأسفل ثم يطوي الرفراف أجنحته ويصبح لونه ضبابيًا مرقطًا، ليخفض رأسه تحت السطح ويخطف الفريسة بمنقاره الطويل المدبب والرفراف طائر شائع في الفن المصري القديم ويظهر على جدار الغرفة الخضراء وسط سيقان وأبواق غابة من ورق البردي كثيفة في اللحظة التي يقتنص فيها فريسته.

وتُظهر تفاصيل أخرى من الجدارية طائرًا أبيض يشبه حمامة برأس أزرق، وهي من نوع الحمام الصخري البري وهي سلف الحمام الداجن الشائع ممتلئ الجسم، وتُظهِر اللوحات المرسومة عدة حمامات صخرية، على الرغم من أنها لم تكن شائعة في مستنقعات البردي في مصر؛ لأنها تفضل المنحدرات الصحراوية القاحلة في المنطقة. 

وتكهن الدكتور ستيمبسون بأن الطيور تم تضمينها في لوحة المستنقعات "لتعزيز الإحساس بالطبيعة البرية الجامحة" وأنها انجذبت إلى البيئة الحضرية بالقرب من القصر لأن المواطنين كانوا يطعمونها ويجهزون لها آني الشرب في فصل الصيف.

وقال مانفريد بيتاك، عالم الآثار في الأكاديمية النمساوية للعلوم: "في عقيدته الدينية، كان لإخناتون رأي حازم حول الطبيعة، والذي أيده آتون، إله الشمس الذي ادعى أنه الألوهية الحقيقية الوحيدة وهذا يمكن أن يفسر سبب الحرص على تصوير الطبيعة في القصر الشمالي".

وربما تكون الغرفة الخضراء، التي سميت بهذا الاسم بسبب لونها السائد، قد صممت لخلق شعور بالهدوء لابنة إخناتون الكبرى وإحدى زوجاته الأصغر، ميريتاتن، التي عاشت هناك. 

وقال الدكتور ستيمبسون: "ربما تكون الغرفة مزينة بالنباتات المعطرة ومليئة بالموسيقى الهادئة" كإضافة إلى التجربة الحسية الغامرة".

وظهرت إحدى اللوحات المهدئة بشكل خاص لطائر له ريش كستنائي كثيف ورجح الباحثون أنه من نوع حمامة السلحفاة أو ما يعرف باسم طائر الجزار لعادته في الاحتفاظ بمخزن من الطعام على أشواك النباتات.

وبمساعدة الأبحاث التصنيفية وأبحاث علم الطيور المنشورة سابقًا، تمكن الدكتور ستيمبسون والدكتور كيمب من تحديد الأنواع التي تم شرحها بعلامات ذيل مثلث وأحدها هو الصرد ذو الظهر الأحمر، وهو طائر مهاجر شائع في الخريف في مصر والذي غالبًا ما يسكن مؤقتًا في أشجار الأكاسيا والآخر هو الذعرة البيضاء التي تزور الأراضي المصرية بكثرة في فصل الشتاء.