السبت 06 ديسمبر 2025 الموافق 15 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مصر طوق إنقاذ لعجز الطاقة في أوروبا

الرئيس نيوز

تتشكل حقائق جديدة على خريطة الجغرافيا السياسية العالمية والتعاون في مجال الطاقة، وأصبح دور مصر الجديد والمتزايد أكثر وضوحًا، كما يعتقد ايوانيس كوتولاس، أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة أثينا اليونانية، وفي مقال نشرته بوابة الأهرام أونلاين، أشار كوتولاس إلى أنه نظرًا لأن أوروبا الشرقية والبحر الأسود أصبحت مناطق عدم استقرار، فإن البحر الأبيض المتوسط يبرز كمنطقة جديدة موثوق بها لشراء الطاقة نحو الاتحاد الأوروبي.

فإذا نظر المرء إلى الخريطة الناشئة لتدفقات الطاقة، فإن نمط الاتجاه الجديد من الجنوب إلى الشمال الذي يحل محل الاتجاه السابق من الشرق إلى الغرب يكون واضحًا وتتمتع مصر بأربع مزايا رئيسية كمزود للطاقة في سوق الطاقة العالمي، لاعتبارات أهمها: أولًا، تمتلك البلاد احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي تشكل الجزء الأكبر من صادراتها من الطاقة نحو الاتحاد الأوروبي. بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في عام 2018، خطت مصر خطوات كبيرة في وقت قصير لتبرز كمزود رئيسي للطاقة من خلال تطوير ديناميكيات التصدير والتآزر الدبلوماسي.

وثانيًا، يقع في موقع استراتيجي للغاية إلى الجنوب مباشرة من الاتحاد الأوروبي ومتصل به عبر البحر الأبيض المتوسط الهادئ وثالثًا، لديها مرافق بنية تحتية متطورة لنقل ومعالجة الغاز الطبيعي تشمل شبكة من خطوط الأنابيب بطول 7000 كيلومترًا، وشبكة توزيع بطول 31 ألف كيلومترًا، و29 محطة لمعالجة الغاز، فضلًا عن منشأتين للغاز الطبيعي المسال في إدكو ودمياط وهذه ميزة خاصة لا تتمتع بها دول شمال إفريقيا المصدرة للغاز.

رابعًا، والأهم، أنها تتمتع ببيئة سياسية مستقرة أمنتها الحكومة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وهذا يعزز التعاون الدولي عبر ثلاث قارات من خلال ربط أوروبا وآسيا وأفريقيا. كل هذا يعني في جوهره أن مصر أصبحت شريان الحياة للطاقة في أوروبا فإذا فحصنا إمكانات مصر في مجال الطاقة عن كثب، فستظهر أيضًا استنتاجات إضافية.

يتزايد إنتاج الغاز الطبيعي المسال المصري بشكل مطرد، وفي عام 2022 عززت الدولة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 14٪ لتصل إلى ثمانية ملايين طن. تم تسليم تسعين في المائة من هذا إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وفقًا للبيانات التي قدمها وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا في نوفمبر وفي عام 2021، تم تصدير سبعة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال، 80 في المائة منها إلى الاتحاد الأوروبي. تظهر البيانات بوضوح أن مصر تحافظ على جانبها من الصفقة من خلال زيادة صادرات الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من ضغوط شديدة في مجال الطاقة. ليس ذلك فحسب، بل يمكن أن تزيد صادرات مصر من الطاقة بشكل أكبر عندما تكون مدعومة بالعوامل الهيكلية الأربعة التي تم تحليلها أعلاه.

وخلال معرض مصر للبترول الأخير (EGYPS 2023)، الذي أقيم في الفترة ما بين 13 و15 فبراير الجاري، أعلن الملا أن الدولة تتوقع إنتاج 7.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في عام 2023، حيث تعمل مصانعها بأقل من طاقتها. 

وقال الملا إن لديهم طاقة فائضة يمكن أن تزيد من كمية الغاز الطبيعي المسال المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي، وأكد مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة قدري سيمسون على أهمية مصر في تلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي.

وفي سياق دور مصر كمزود أساسي للطاقة في الاتحاد الأوروبي، تتزايد أهمية اليونان أيضًا. اليونان هي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي من مصر وشريك دبلوماسي قيم. مع استمرار الاتحاد الأوروبي في مواجهة أزمة طاقة مهمة، أصبح التعاون بين هذين البلدين ضروريًا أكثر من أي وقت مضى.

أما اليونان، بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، فهي الآن طريق عبور رئيسي في أوروبا ودولة تسهل تدفقات الطاقة من جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى البر الرئيسي لأوروبا وهي تطور نظامها الوطني لنقل الغاز الطبيعي مع محطات ضغط جديدة ستسمح بتدفق أكبر للطاقة من الجنوب إلى الشمال.

وتستثمر الشبكة اليونانية مليار يورو لتوسيع قدراتها بحلول عام 2032، وبالتالي تمكين اليونان من مضاعفة قدرتها على تصدير الغاز أربع مرات ونتيجة لذلك، ستكون اليونان قادرة على التعامل مع 8.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا بحلول عام 2025، لتصبح مركزًا للغاز الأوروبي يعمل بالتعاون الوثيق مع مصر باعتبارها المصدر الرئيسي للغاز في البحر الأبيض المتوسط ويمكن لليونان، نظرًا لموقعها الجغرافي وعضويتها المتداخلة في الاتحاد الأوروبي ومنتدى غاز شرق المتوسط أن تعمل كدولة عبور لصادرات الطاقة المصرية وكشريك دبلوماسي قيم في الاتحاد الأوروبي.

إن التعاون الفعال في تصدير الغاز سيفيد ملايين العملاء في كل من أوروبا ومصر ويخفض أسعار المنتجات والخدمات المختلفة ذات الصلة، وبالتالي يخفف من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها جميع الدول خلال هذه الفترة غير المستقرة دوليًا وتعد مصر من خلال صادراتها المتزايدة من الغاز الطبيعي المسال بالفعل الدولة المحورية التي تساعد الاتحاد الأوروبي خلال أزمة الطاقة الحالية وهذه حقيقة يجب أن تؤخذ في الاعتبار في دوائر صنع القرار الأوروبية، من أجل تطوير تآزر جديد للتعاون على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المتطابقة.