الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الأصول المبكرة لصداقة الإنسان للكلاب.. جذور عميقة في حضارة مصر القديمة

الرئيس نيوز

لعبت الكلاب في مصر القديمة دورًا بالغ الأهمية في حياة أصحابها وكانت تستخدم لأغراض الحراسة وكحيوانات أليفة مدللة بالمنازل ورموزًا لعدد من الآلهة وكان الكلب آنذاك، كما هو الحال الآن، أفضل صديق للرجل، وفقًا لدراسة نشرتها صحيفة "ذي كوليكتور".

كانت الكلاب في زمن المصريين القدماء تُعتبر "أفضل صديق للإنسان". هذا ليس مفاجئًا لأن الكلب كان أول حيوان أليف يعيش جنبًا إلى جنب مع الإنسان منذ 23000 سنة قبل الميلاد، بل وأدرك المصريون القدماء دورهم المتنوع، مستخدمين الكلاب المخلصين كحارس، أو مساعد أثناء الصيد، أو كحيوان أليف منزلي. 

وامتدت الرابطة بين الإنسان والكلب إلى ما وراء هذا العالم إلى الحياة الآخرة وتم دفن الكلاب المحنطة مع أصحابها أو في بعض الأحيان في توابيت خاصة بهم وبالإضافة إلى ذلك، احتلت الكلاب مكانة مهمة في الديانة المصرية القديمة وكان الكلب مرتبطًا بأنوبيس، إله الموت، والتحنيط، والحياة الآخرة، وعادة ما يتم تصويره على أنه كلب أو رجل برأس كلب.

وأشارت الدراسة إلى أن الكلاب في مصر القديمة أول الحيوانات المستأنسة في وادي النيل، ونشرت الصحيفة صورة أردوازية للكلاب يعود تاريخها إلى قبل 3200 سنة من ميلاد المسيح، وهي من ضمن مقتنيات متحف هيرست للأنثروبولوجيا، بولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وتشير الدراسة إلى أن الكلاب في حياة المصريين القدماء لعبت دورًا أساسيًا في تطور الحضارة في وادي النيل وقام المصريون باستئناس الحيوانات مثل الأبقار والأغنام والماعز والخنازير في فترة ما قبل الأسرات (حوالي 6000 - 3150 قبل الميلاد)، ولكن يبدو أن الكلب كان رفيقًا للمصريين القدماء حتى قبل وجود الدولة وحدث استئناس الكلب بطرق مختلفة، في مواقع مختلفة.

وصلت بعض الكلاب إلى مصر من عدة مواقع في الشرق الأوسط، حيث تم استئناسها حوالي 10000 قبل الميلاد وتبع آخرون أصحابها، الذين جاءوا إلى وادي النيل من شمال إفريقيا، بحثًا عن ظروف معيشية أفضل وكثيرًا ما كان الرعاة والصيادون في الصحراء يصورون الكلاب على الصخور المتدلية، والتي استخدموها كمأوى لهم وقام المصريون القدماء أيضًا باستئناس الذئب الأفريقي ومن خلال تقاسم اللحوم الزائدة مع الحيوانات البرية التي جابت ضواحي المستوطنات المبكرة بحثًا عن الطعام.

ونشرت الصحيفة صورة لطبق من الفخار يصور مشهد الصيد، ويعود تاريخه إلى فترة ما قبل الأسرات، 4500-4000 قبل الميلاد، من مقتنيات متحف بوشكين للفنون الجميلة في موسكو، وفي مصر القديمة، تم إثبات وجود الكلاب في وقت مبكر من فترة بدء ظهور الحضارة حول قرية نقادة، على الضفة الغربية لنهر النيل بالقرب من مدينة قنا بناءً على الأدلة المادية من المقابر والنقوش واللوحات الجدارية كما تم العثور على عظام الكلاب الأولى في مرمدة بني سلامة، أحد أقدم المواقع المصرية في غرب دلتا النيل ويأتي أحد أقدم الأدلة على الارتباط الوثيق بين الإنسان ورفاقه من الكلاب من طبق من الفخار من فترة ما قبل الأسرات (حوالي 4000 قبل الميلاد) يظهر الرجل المصري القديم برفقة أربعة كلاب صيد، وقد ربط كل منها بحبل خاص به.

وبينما يتم تصوير الكلاب في العديد من الأعمال الفنية المصرية، بدءًا من الفخار إلى لوحات المقابر والتماثيل، يصعب تمييز سلالتها وربما هذا هو السبب في أن المصريين القدماء، بدلًا من أن يكون لديهم أسماء سلالات محددة، استخدموا كلمتين لجميع الكلاب المستأنسة: iwiw لـ "كلب ينبح" وtesem لـ "كلب لا ينبح"، أو كلاب الصيد.

بناءً على الأدلة المرئية، جاءت الكلاب في مصر القديمة في سبعة أنواع متميزة، وعثر على أدلة على استقدام عدد من السلالات من اليونان واشتهر بأنه كلب الحرب في العالم القديم، أما الأنواع الأخرى فكانت سلالات شمال أفريقية، وغالبًا ما تكون حيوانات رشيقة وأنيقة، تُستخدم كلاب صيد لكل من الطرائد الصغيرة والكبيرة، وتستخدم كلاب حراسة وحيوانات أليفة منزلية. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ما يسمى بـ "كلاب منبوذة"، وهي كلاب ذات أنياب برية وشذرات من سلالات مختلطة، غالبًا ما يتم اصطيادها حول ضواحي مستوطنة أو مقبرة. 

كانت الكلاب المنبوذة تتنقل في مجموعات وتنقب عن الطعام، حتى أنها تحفر في المقابر بحثًا عن العظام ربما لهذا السبب بالذات، بدأ المصريون القدماء في دفن موتاهم في مقابر وأدخلوا الكلاب في تعاليم دينهم وألهمت الكلاب الفنان المصري القديم بصورة وهيئة أنوبيس، حامي المقابر فقد تم تصوير أنوبيس كشخصية بشرية برأس كلب وكان أحد الآلهة الرئيسية للموتى وهمته هي إرشاد أرواح المتوفى إلى أوزوريس والحياة الآخرة.

ومثل القطة، وهي حيوان مشهور آخر في مصر القديمة، كانت الكلاب تعتبر أواني إلهية - وسطاء بين البشر والآلهة وكان مركز عبادة أنوبيس، المسمى سينوبوليس ("مدينة الكلب") مليئًا بالكلاب التي تتجول في المعبد والشوارع بحرية تامة، وكانت بعض الكلاب تقتل ويتم التضحية بهم لنيل رضا أنوبيس وابتكر الكهنوت نوعًا من طاحونة للجراء الصغيرة لغرض وحيد هو تربية الكلاب من أجل طقوس التضحية لأنوبيس وبينما بالنسبة لنا، قد يبدو هذا تصرف بلا قلب، اعتقد المصريون القدماء أن هذه الكلاب كانت تتجه مباشرة لمقابلة أنوبيس، وبالتالي تذهب إلى مكان أفضل.

كان يتم دائمًا تسمية الكلاب في مصر القديمة، وكُتبت أسمائها على أطواقها وظهر ذلك على الأطواق الجلدية المحفوظة والرسوم على اللوحات الجدارية، واللوحات، والنقوش تشمل أسماء تعكس صفات كلاب فردية، بالإضافة إلى صفاتها المحببة، وأوصاف اللون وكان كل من عامة الناس والأرستقراطيين يعشقون الكلاب، بما في ذلك الأمراء وكان الكلب أبو تيو (أو أبوتيو)، الذي مات قبل عام 2280 قبل الميلاد، كلب حراسة ملكي حصل على دفن احتفالي متقن في مقبرة الجيزة بأمر من أمير مجهول.

واستمر دور الكلب خلال حياته في الآخرة ولهذا السبب بالذات، قام المصريون القدماء بتحنيط رفقائهم من الكلاب ودفنهم في توابيتهم الخاصة، وغالبًا ما كانت مزينة بشكل متقن وفي الواقع، أحب المصريون القدماء كلابهم وتصور العديد من مشاهد المقابر كلًا من الحيوانات الأليفة وكلاب الصيد بجانب أسيادها، جالسين بصبر تحت الكراسي أو برفقة الإنسان في الصيد وحتى بعد ضم الرومان لمصر، احتفظت الكلاب بمكانتها الخاصة باعتبارها "أفضل صديق للإنسان" وبقيت إلى جانب المصريين القدماء بإخلاص.