الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

هل توفير الحكومة 9.5 مليار دولار للمستوردين يُنهي أزمة الموانئ؟

الرئيس نيوز

سلطت صحيفة فاينانشيال تايمز على تصريحات المسؤولين في القاهرة وتأكيداتهم أن البنوك المصرية ستكون قادرة قريبًا على مساعدة المستوردين في التخلص من تراكم البضائع في الموانئ بقيمة 9.5 مليار دولار.

وأشارت الصحيفة، في تقريرها، إلى نقص المعروض من العملات الأجنبية في مصر، وقضاء المستوردين معظم شهر ديسمبر في انتظار معرفة ما إذا كانت بنوكهم ستوفر لهم المبالغ التي يحتاجونها لسداد قيمة رسوم وتكاليف استيراد شحناتهم من السلع المختلفة وقطع غيار السيارات من أوروبا، ولكن حتى قبل نهاية العام بقليل، لم تتوافر الدولارات ؛ ونتيجة لذلك، كانت وارداتهم في عام 2022 مجرد 10% من الكميات المعتادة في السنوات السابقة.

ويعتبر المستوردون أن هذه ظروف صعبة بالنسبة لشركاتهم ولا توجد دولارات وليس لديهم أي فكرة عن كيفية حلها، علاوة على أن لديهم موظفين ويلتزمون بدفع الرواتب، والأمر يضع أمامهم "تحديات لم يكن عليهم مواجهتها بنفس الحدة، في السنوات السابقة".

وتشترك العديد من الشركات العاملة في مصر في مأزق المستوردين حيث تكافح مصر لحل أزمة العملات الأجنبية كما أدت الأسابيع الثلاثة الأولى من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير إلى خروج 20 مليار دولار من التدفقات الخارجة من أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، حيث هرع مستثمرو المحافظ الأجنبية إلى الملاذات الآمنة والاستثمار في الذهب على سبيل المثال لا الحصر.

وعلى الرغم من الودائع البالغ إجماليها 13 مليار دولار من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر و3.3 مليار دولار أخرى في مبيعات عدد من الأصول إلى شركات إماراتية، في عام 2022، ظلت العملة الأجنبية في حالة نقص شديد في المعروض من الدولة المعتمدة على الاستيراد، ولفتت الصحيفة إلى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أسبوع، عندما قال إن البنوك ستؤمن العملات الأجنبية اللازمة لتصفية الواردات المتراكمة في غضون أربعة أيام، دون الخوض في التفاصيل.

أدى التأثير التضخمي لحرب أوكرانيا على أسعار السلع الأساسية مثل القمح إلى زيادة الضغوط على موارد العملة الأجنبية في البلاد، مما اضطر البنك المركزي المصري لخفض قيمة الجنيه في مارس وأكتوبر وبلغ معدل التضخم كما في نوفمبر 18.7 في المائة، وهو أعلى معدل له في خمس سنوات وللمرة الرابعة خلال ست سنوات، اضطرت مصر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، الذي وافق الشهر الماضي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار على مدى أربع سنوات ويكمن جوهر الاتفاقية في التزام القاهرة بالانتقال إلى نظام سعر صرف مرن تحدد فيه قوى السوق قيمة العملة - وهو أمر طالما قاومته الحكومات المصرية.

وفي محاولة للحفاظ على العملة الأجنبية، وضع البنك المركزي قيودًا على الواردات في مارس، وأدى اشتراط استخدام خطابات الاعتماد إلى إبطاء إجراءات الاستيراد وتسبب في تراكم الطلبات غير المستوفاة على الدولارات كما أعطى الأولوية للوصول، ووضع السلع الأساسية مثل الأغذية والأدوية على رأس القائمة وألغى البنك المركزي المصري مطلب استخدام خطابات الاعتماد في 29 ديسمبر.

ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس في 22 ديسمبر، مما رفع سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 16.25 في المائة وتجاوز الارتفاع توقعات المحللين وعكس القلق المتزايد بشأن التضخم وهبوط الجنيه، وفقا لكابيتال إيكونوميكس المتخصصة في الاستشارات المالية ومقرها لندن.

وتضررت الأعمال التجارية من مزارع الدواجن إلى مصنعي السيارات بشدة في بلد يستورد معظم أغذيته والعديد من المدخلات لصناعاته وبينما يفكر صانعو السياسات في موعد وكيفية الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن حيث لا يدعم البنك المركزي قيمة الجنيه، يشكو رواد الأعمال من عدم وجود رؤية للمستقبل.

وقال رئيس شركة تعمل في مجال تربية الدواجن "نحن نعمل يوما بيوم"، واشتكى من أن شحنات الحبوب، وخاصة فول الصويا والذرة المستخدمة في العلف، عالقة في الموانئ بسبب نقص الدولار وقال "كل يوم علينا أن نجد علفًا، ونفد أحيانًا ولا تتغذى الطيور"، وقال إن الأعمال التجارية الزراعية اضطرت إلى بيع الطيور بخسارة قبل أن يتم إرسالها عادة إلى السوق قال المسؤول التنفيذي: "السعر أقل بكثير من التكلفة".

ونقلت الصحيفة عن محمد أبو باشا، رئيس قسم تحليل الاقتصاد الكلي في البنك الاستثماري "إيه إف جيه – هيرمس" الذي يتخذ من القاهرة مقرًا له، إن التحول إلى سعر صرف مرن لا يمكن أن يحدث "بين عشية وضحاها" وإن السلطات بحاجة إلى "بناء احتياطي من العملة الأجنبية أولًا بشكل مثالي للمساعدة ومسح تراكم الطلب "قبل الانتقال إلى سعر الصرف، وأوضح فاروق سوسة، الاقتصادي في بنك جولدمان ساكس، الخيارات الصعبة التي تواجه القاهرة في سعيها لتكوين سيولة للتعامل مع الطلب على الدولار في المدى القريب.

وقال "يمكن للبنك المركزي تصفية السوق من خلال الاستمرار في رفع أسعار الفائدة وتعويم العملة وتقييد المعروض النقدي، لكن التداعيات على الأسعار والنمو تنطوي على مشاكل والخيار المفضل لدى السلطات هو انتظار التدفقات الداخلة من الخليج لشراء أصول في مصر، لكن هذا غير مؤكد أيضًا".

نظرًا لأن صانعي السياسات يفكرون في الخيارات، فإن التوقعات بالنسبة للعديد من الشركات غير مؤكدة وقال أحد كبار المديرين في شركة مكونات سيارات متعددة الجنسيات إن شركته كانت أفضل حالًا من معظم الشركات لأنها كانت أيضًا مُصدِّرة، مما أتاح لها الوصول إلى العملات الأجنبية ولكن هذه الاحتياطيات كانت تستنفد ولم تكن الشركة متأكدة مما إذا كانت ستقبل طلبيات الجديدة.