الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد استقبال باهت لجو بايدن.. «مجلة أمريكية» تسلط الضوء على تحركات الصين في البلدان العربية

الرئيس نيوز

رسمت طائرات سلاح الجو الملكي السعودي خطوطًا حمراء وصفراء في السماء فوق مطار الرياض في 7 ديسمبر بينما صعد الرئيس الصيني شي جين بينج على مدرج المطار تحت ألوان العلم الصيني لبدء زيارة يقول المراقبون إنها "معلم بارز" في علاقات الصين مع العالم العربي.

ولفتت مجلة نيوزويك الأمريكية إلى أنه من الصعب تجنب المقارنات بين استقبال الرئيس الصيني في السعودية واستقبال جو بايدن الصيفي الفاتر من قبل المملكة العربية السعودية وتقول وسائل الإعلام الأمريكية إن الرئيس الأمريكي نجح في مواجهة ولي العهد محمد بن سلمان بملف حقوق الإنسان في المملكة، ولكن المملكة لم تستقبله بحفاوة ولم تفرش له البساط الأرجواني الكامل الذي حظي به الرئيس الصيني.

بعد أكثر من عامين من العزلة الذاتية بسبب الوباء، جاءت رحلة شي الثالثة إلى الخارج في غضون عدة أشهر بعد رحلاته إلى آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وعلى مدى ثلاثة أيام في الرياض، في اجتماعات مع القيادة السعودية ودول الخليج العربية وجامعة الدول العربية، سعى الرئيس الصيني إلى تسليط الضوء على دوره كبطل للجنوب العالمي، مع تعميق المصالح الاقتصادية الحالية وتقويض نفوذ الولايات المتحدة المتعثر في منطقة كانت فيها بكين تتحدى بنجاح القوة الناعمة لواشنطن.

ويعد الشرق الأوسط مكونًا جغرافيًا رئيسيًا لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها شي، وهي إطار تعاون واسع لدعم تصدير البنية التحتية والتقنيات الصينية وغيرها من الصناعات التقليدية والناشئة وتحظى مبادرة الحزام والطريق بدعم جميع الدول العربية تقريبًا، التي تشكل سواحلها الجماعية "طريق الحرير البحري" الذي يربط التجارة الصينية وتجارة الطاقة من البحر الأبيض المتوسط إلى بحر الصين الجنوبي.

وذكر إيان ماكجيلفري، المحلل بمعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي في واشنطن العاصمة أن "السبب في اهتمام شي بزيارة السعودية هو أنها كانت واحدة من أولى الزيارات الدولية التي قام بها شي بعد توقف دام عامين، وكان الأمر يتعلق بإظهار أن الصين عادت إلى الشؤون العالمية".

وكشف قرار منظمة أوبك + بخفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميًا في أكتوبر، في وقت كان بايدن يكافح فيه للإبقاء على أسعار البنزين منخفضة قبل انتخابات التجديد النصفي، حدود الضغط الأمريكي على المملكة العربية السعودية، في حين أن زيارة شي إلى الرياض كشفت عن فائدة الصين كوسيلة تحوط ضد لي الذراع الغربي.

على الرغم من استياء واشنطن والمزيد من الوعود بمراجعة العلاقات الأمريكية السعودية، بدت الرياض متأكدة من أن إمداداتها من الأسلحة الأمريكية التي استمرت لعقود طويلة لن تنقطع وفي غضون ذلك، وقعت عشرات الصفقات الاستثمارية مع بكين، وهي اتفاقيات شملت كل شيء من الطاقة المتجددة إلى تكنولوجيا المعلومات وتواصل السعودية، مثل دول الخليج الأخرى، العمل كسوق بديل للتقنيات الصينية، مثل تلك التقنيات الخاصة بشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية هواوي، التي يتجنب الغرب بنيتها التحتية للجيل الخامس بسبب مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني كما رسخ نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية محلي الصنع، مكانته كمنافس لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الأمريكي.

وقال ماكجيلفري لمجلة نيوزويك، في إشارة إلى مدينة الأمير محمد المستقبلية التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، وهي محور عصر ما بعد البترول في المملكة: "بالنسبة للمملكة العربية السعودية، من المهم الحصول على استثمارات صينية في مشاريع مثل نيوم، حيث تبتعد عن مواردها النفطية واعتمادها على النفط".

نفوذ الصين في الشرق الأوسط
كانت المحادثات الافتتاحية بين شي وقادة مجلس التعاون الخليجي - الكتلة الاقتصادية التي تتخذ من الرياض مقرًا لها وتتألف من البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - تهدف إلى تعاون واسع النطاق في مجالات مثل التجارة، والتمويل والتكنولوجيا العالية والفضاء، ومع ذلك، فإن المصالح التجارية المتبادلة عادة ما تكون مدفوعة بالطاقة.

وتم استيراد أكثر من نصف النفط الخام الصيني من دول الخليج العربية العام الماضي. والسعودية، التي تمثل 18 بالمئة، هي أكبر مورد لبكين، بينما من المتوقع أن تصبح قطر أكبر مصدر لها من الغاز الطبيعي المسال في إطار صفقة تاريخية من المقرر أن تستمر لمدة 27 عاما. 

وتعتبر الصين بدورها نفسها الشريك التجاري الأكبر في العالم العربي، ويقول الخبراء إن "البترويوان" كان هدفًا بعيد المنال ولكن تصريحات شي في الرياض كانت متسقة مع نيته تقديم بكين كشريك سياسي قابل للحياة في جميع المجالات.

وتعتقد توفيا جيرنج، الباحثة في مركز جليزر للسياسات الإسرائيلية الصينية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "ترى الصين في العالم العربي تركيزًا كبيرًا للغاية للدول التي عانت في الغالب من عدوان استعماري غربي، وبالنسبة لهم، ليس الأمر تاريخيًا فحسب، بل في أوقات أكثر معاصرة. إنهم يرون أنفسهم على أنهم يتشاركون نفس التاريخ ويعانون تحت نفس الضغوط من الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة" وتشمل "شراكة بكين الاستراتيجية الشاملة" مع الرياض، على سبيل المثال، التنسيق في الأمم المتحدة لدعم المصالح الأساسية لبعضهما البعض ووقعت المملكة، التي تضم بعض أقدس المواقع الإسلامية، على بيانات مشتركة تعترض على التحقيق الغربي في سياسات الصين في منطقة شينجيانغ الشمالية الغربية، حيث انتقد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة انتهاكات ضد الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة.

ولطالما شجعت بكين حلفاء وشركاء الولايات المتحدة التقليديين على السعي إلى المزيد من "الحكم الذاتي الاستراتيجي"، والذي يتعلق بشكل مباشر بقدرة أمريكا على تنسيق قرارات مثل العقوبات ضد روسيا، أو فصل التكنولوجيا الفائقة عن الصين وحظي قرار الرياض برفض واشنطن بشأن إنتاج النفط بإشادة واسعة بين الخبراء الصينيين، وشعر بعضهم أن لجوء السعودية إلى بكين هو تعبير لا تخطؤه عين عن الامتنان والطريق المشترك.