الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

قفزة كبيرة في حجم التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل

الرئيس نيوز

ارتفعت صادرات وواردات القاهرة مع محيطها الأفريقي بشكل كبير، ولكن التبادل التجاري لا يزال يمثل جزءًا صغيرًا من الإجمالي ولا يزال النمو متفاوتًا مما يعني أن هناك الكثير مما يلزم فعله لتعزيز التعاون الاقتصادي الأفريقي، وفي مؤشر آخر على تنامي التكامل الإقليمي، ارتفع التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل بنسبة 32.6٪ في عام 2021، وفقًا لآخر البيانات الصادرة الشهر الماضي عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وتمثل الزيادة انتعاشًا قويًا بعد الانخفاض الطفيف المسجل في عام 2020 في أعقاب جائحة كوفيد-19، ويعيد البلدان إلى مسارها التصاعدي السابق في مجال التبادل التجاري.

وعكس نمو العلاقات التجارية بين مصر ودول حوض النيل سعي القاهرة لجعل التعاون مع المنطقة أحد الركائز الأساسية لسياستها الخارجية في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالخلاف مع إثيوبيا حول إدارة مياه النهر وأيضًا بسبب ذلك الخلاف الأمر الذي يؤثر على كافة ملفات الأمن والفرص الاقتصادية.

ورصد تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي، جهودًا ملحوظة لتوسيع البصمة الاقتصادية لمصر في إفريقيا حيث تعتمد مصر بشكل كبير على نهر النيل في الحصول على المياه، ويعد تركيز الحكومة على تعزيز التبادل التجاري في حوض النيل جزءًا من استراتيجية لإقامة علاقات أكثر ودية مع دول المنبع، بينما هي في خضم نزاع مع إثيوبيا حول سد النهضة، وفقًا لزينب محمد، المحللة السياسية لدى أكسفورد إيكونوميكس أفريكا.

وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن القيمة الإجمالية لصادرات مصر إلى دول حوض النيل في عام 2021 بلغت 1.55 مليار دولار، بزيادة قدرها 29.5٪ عن العام السابق مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، عندما بلغت قيمة صادراتها إلى دول المنطقة 1.22 مليار دولار، ولا يزال الارتفاع المسجل في عام 2021 يمثل زيادة بنسبة 27٪.

وبالكاد تجاوزت قيمة صادرات مصر إلى دول حوض النيل 200 مليون دولار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 حول هذا التبادل وفي عام 2009، ارتفع هذا الرقم إلى حوالي 900 مليون دولار، ومنذ ذلك الحين ظل مستقرًا إلى حد كبير عند حوالي مليار دولار حتى الزيادة الجديدة في العام الماضي، متجاوزًا علامة 1.5 مليار دولار لأول مرة.

وتكشف البيانات الواردة من مركز التجارة الدولية المستندة إلى إحصائيات الأمم المتحدة كومتريد زيادة معتدلة في التجارة أكثر من تلك المعلنة من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والذي لا يفصل مصدر البيانات في تقريره وفقًا لحسابات المونيتور الخاصة بناءً على خريطة التجارة الدولية، بلغت قيمة صادرات مصر إلى دول حوض النيل 1.3 مليار دولار في عام 2021، بزيادة 15.7٪ عن عام 2020 و9.5٪ عن مستويات ما قبل الجائحة.

تجدر الإشارة إلى أن ما يزيد قليلًا عن 95٪ من صادرات مصر لعام 2021 إلى المنطقة تتركز في خمسة بلدان: السودان، الذي يشكل بمفرده ما يزيد قليلًا عن 50٪ من الإجمالي؛ وكينيا، بحوالي 25٪ ؛ وإثيوبيا وأوغندا وتنزانيا بأرقام أكثر تواضعًا.

وتكشف بيانات مركز التجارة الدولية الأكثر تفصيلًا زيادة أكثر دقة في صادرات مصر إلى دول حوض النيل ووفقًا لأرقامها، كان المحرك الرئيسي لنمو الصادرات هو السودان، حيث ارتفع بنسبة 50٪ عن عام 2020، بينما تراجعت الصادرات إلى كينيا فعليًا بنسبة 3.2٪ في عام 2021 كما نمت الصادرات إلى إثيوبيا بنسبة 14.4٪ خلال عام 2020، لكنها لا تزال أقل بنسبة 28.1٪ من مستويات ما قبل الجائحة. وتظهر تنزانيا وأوغندا، وإن كان ذلك ببطء، اتجاها تصاعديا ومعظم المنتجات الرئيسية التي تصدرها مصر للمنطقة تشمل البلاستيك ومشتقاته (13.8٪) والسكريات (10.6٪) والملح والأسمنت والطوب (5.4٪).

وفي غضون ذلك، بلغت قيمة واردات مصر من دول حوض النيل في عام 2021، نحو 783 مليون دولار، بزيادة 39.4٪ عن العام السابق، واستحوذ السودان مرة أخرى على ما يقرب من نصف الإجمالي، تليها كينيا (32٪) والكونغو (14٪)، وبدلًا من ذلك، بلغت الواردات من دول حوض النيل كما جمعتها شركة التجارة الدولية 418 مليون دولار، على الرغم من أن سبب الاختلاف بين الرقمين غير واضح في هذه الحالة، وتشمل المنتجات الرئيسية التي استوردتها مصر البن والشاي والتوابل (30٪) والماشية (27٪) والنحاس ومشتقاته (14٪) على الرغم من زيادة الصادرات إلى دول حوض النيل، إلا أن صادرات مصر إلى العالم لا تزال تتراوح بين 3٪ و3.7٪ فقط، وفقًا لحسابات المونيتور التي تستند إلى بيانات مركز التجارة الدولية.

ومن أجل زيادة وتعزيز التبادل التجاري، يجب توجيه المزيد من الجهود لتطوير البنية التحتية في مجالات مثل النقل والطاقة والاتصالات وهناك حاجة إلى مزيد من التنسيق والتكامل بين اللوائح والمعايير التجارية، فثمة فجوة بين التجارة الفعلية بين مصر ودول حوض النيل والآمال المعلقة عليها، وتقليص هذه الفجوة يتطلب المزيد من الجهود.

كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت القاهرة إلى السعي إلى تنمية علاقات أوسع وأوثق مع دول شرق إفريقيا منذ عام 2014 هو الخلاف الذي لا يزال دون حل حول إدارة مياه النيل، ومع ذلك، فإن حسابات مصر تشمل أيضًا الفرص الاقتصادية التي يوفرها التكامل الإقليمي الأكبر، المبني من بين أمور أخرى على موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية واتفاقيات التجارة الدولية المعمول بها.

وفي هذا السياق، ركزت مصر اهتمامها على السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، وهي أكبر منظمة اقتصادية إقليمية في القارة وفي السنوات الأخيرة، أبرمت مصر أيضًا العديد من اتفاقيات التعاون العسكري والاستخباراتي مع دول مثل كينيا وأوغندا وبوروندي والسودان. كما بذلت القاهرة جهودًا لتوضيح تعاون أكبر مع دول حوض النيل في قطاعات مثل الزراعة والصحة والتعليم والبنية التحتية.

ونقل المونيتور عن محمد سليمان، مدير شركة مكلارتي اسوشيتد للاستشارات الإستراتيجية، ومقرها واشنطن، قوله: "تدعم التجارة العلاقات متعددة الأطراف وتخفف التوترات بين العواصم الإقليمية، وينبغي الترحيب بأي جهد لزيادة التجارة والنظر إليه على أنه تطور إيجابي".

وأضاف: "لكل دولة من دول حوض النيل أهداف تنموية محددة، وشواغل تتعلق بالموارد على المدى القريب، ونقاط قوة ينبغي تعزيزها.