السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عاجل| هل يُحدث التقارب المصري التركي انفراجة في أزمة ليبيا المعقدة؟

الرئيس نيوز

ما إن بدا أنه مسار جديد ربما يتمخض عنه إعادة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، وعول مراقبون على تقارب البلدين في إحداث حل جذري للأزمة الليبية المعقدة منذ أكثر من عقد، بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي؛ إذ تملك أنقرة نفوذًا كبيرًا في الغرب الليبي، عبر دعم ميليشيا مسلحة ومرتزقة أجانب، إلى جانب تدشينها قواعد عسكرية جوية وبحرية هناك، في مقابل ذلك ترفض القاهرة أي تواجد عسكري أجنبي في ليبيا، وترفض فكرة الميليشيات والمجموعات المسلحة وتطالب بتفكيكها وتوحيد المؤسسات الأمنية.

وترى مصر أن ليبيا هي امتداد لأمنها القومي من الناحية الغربية، وأن استقرار الأوضاع فيها والوصول إلى حكومة منتخبة، سينعكس بشكل إيجابي على الوضع العام الذي يهيمن عليه ميليشيا مسلحة وأخرى مرتزقة أجانب، يتحكمون في قرار الحكومات المتتالية التي تقبع في العاصمة طرابلس.

وخلال وقت سابق حددت مصر خطوطها الحمراء في ليبيا، وقالت إن أي تجاوز للمجموعات المسلحة لمدينتي سرت والجفرة، سيترتب عليه تدخل عسكري مصري؛ لأنه من شأن ذلك تهديد صريح ومباشر للأمن القومي؛ إذ تمتد الحدود المشتركة بين البلدين لنحو 1200 كيلوامتر. وحصلت مصر على موافقة من البرلمان الليبي ومن شيوخ القبائل على التدخل العسكري لحفظ أمن ليبيا، وكذلك على موافقة البرلمان المصري على تنفيذ مهمات عسكرية في ليبيا.

تغول تركي في غرب ليبيا

الكاتب الصحفي الليبي، نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا"، حسين مفتاح يقول لـ"الرئيس نيوز": "أزمة ليبيا في أساسها ليست أزمة محلية صرفة، بل هي أزمة تتفاعل فيها قوى إقليمية مع أطراف محلية، وجميع القوى المحلية الفاعلة في الأزمة ما هي إلا أداة في يد قوى إقليمية، وتتكفل بتنفيذ أجندات أجنبية تأثيرها سلبي وضار على أزمة ليبيا".

يضيف مفتاح: "من أكثر الدول التي تقوم بهذا الدور طيلة عقد كامل، تركيا"..

موضحًا أن تركيا لديها قوات داخل ليبيا، وتسيطر على قواعد ليبية في أكثر من منطقة؛ فهي تسيطر على قواعد بحرية وجوية استراتيجية، بينها قاعدة معيتيقة في العاصمة طرابلس، وقاعدة عقبة بن نافع في منطقة الوطية، والقاعدة ‏الجوية مصراته، والرصيف الحربي في ميناء الخمس، شرقي العاصمة طرابلس، وكل هذه المناطق نقاط استراتيجية على ساحل جنوب المتوسط، وهذا بالتأكيد يتعارض مع الأمن القومي المصري وكذلك الأمن الوطني الليبي، لذلك تعترض عليه مصر بشدة.

يقول الكاتب الليبي إنه يعتقد أن سببًا رئيسًا وراء تعطل الحوارات المفتوحة، ومحاولات التكامل والتطبيع بين مصر وتركيا، هي الأزمة الليبية، وأنه إذا ما تقدمت الحوارات المصرية التركية فإن هذا سينعكس بشكل واضح على الأزمة الليبية، يضيف: "نحن جميعًا ندرك أبعاد وتفاصيل الموقف المصري فهو موقف واضح سواء ما يتم إعلانه ‏رسميًا أو داخل الغرف المغلقة، فمصر وعلى لسان مسؤوليها الرفيعين، مثل وزير الخارجية، وكذلك على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي، ‏تؤكد على ضرورة إخراج جميع القوات الأجنبية من ليبيا وكذلك إخراج المرتزقة، وأن إصرار مصر على هذا الشرط في حوارها مع أنقرة، سينعكس بشكل ‏أساسي على فك تشابكات الأزمة الليبية". ‏

ليبيا بوابة الشمال الأفريقي

يوضح الكاتب الصحفي الليبي أن الجميع يدرك أن أساس أزمة ليبيا هو المشكلة الأمنية المتمثلة في وجود قوات أجنبية ‏ومرتزقة، تنفذ أجندات أجنبية، وتحديدًا أجندة تركية، وإن لم تخرج هذه القوات ستكون جميع المسارات مهددة، وتمسك مصر ‏بشطرها الأساسي وهو إخراج القوات الأجنبية من البلاد، سيصب بلا شك في صالح حل الأزمة.

أشار مفتاح إلى أن التحكم في ليبيا هو من ضمن أولويات المشروع التركي في الشمال الأفريقي، فليبيا بالنسبة لهم بوابة العبور إلى شمال أفريقيا، لذلك منذ أحداث الثورة ضد نظام العقيد القذافي وسعت أنقرة إلى التحكم في الدولة الليبية عبر دعم الميليشيات وإرسال المرتزقة، لذلك لن تتخلى تركيا عن ليبيا بسهولة، إلا باستمرار الضغوط المصرية وبسياسة التحفيز بالمغريات الأخرى، لافتًا إلى أن كفة موازين القوى باتت متعادلة إلى حد كبير بين القاهرة وأنقرة.

أهمية جيواقتصادية لشرق المتوسط

يقول الصحفي الليبي إن التطورات التي تحدث حاليًا سواء المتعلقة بحرب أوكرانيا، أو في الشرق الأقصى وتحديدًا بين أمريكا و‏الصين، صرفت انتباه العالم عما يجري في حوض شرق المتوسط، من تركيا التي عكفت خلال الفترة الماضية على العبث هناك في محاولة منها إيجاد موطئ قدم لها، في ظل الطوق المفروض عليها من قبل الثلاثي مصر واليونان وقبرص، مما زاد من أهمية ليبيا الدولة المتوسطية بالنسبة لتركيا، لكن مصر، وهي دولة ذات واجهة عربية، تدير الأمور في شرق المتوسط بتوازن شديد، ولعلها تصل إلى اتفاق مع تركيا يحفظ لها بعض من حقوقها في شرق المتوسط في مقابل أن ترفع تركيا يدها عن الغرب الليبي.

يوضح مفتاح: "الآن الكفة بين مصر وتركيا متكافئة تمامًا، فمصر لها شروط وكذلك تركيا لإعادة تطبيع العلاقات بينهما، ولا أعتقد أن مصر ستتنازل عن شرط خروج القوات الأجنبية والعناصر المرتزقة من ليبيا، ورفع اليد التركية عن غرب ليبيا، وستكون تركيا مضطرة لقبول الشروط المصرية، في مقابل حوافز أو فرص أخرى ستوفرها لها مصر وتحديدًا في شرق المتوسط.

يضيف: "أعتقد أن ذلك سيتم في المفاوضات بين الجانبين، وظني أن مصر قادرة على أن تقديم بدائل مقنعة لتركيا من باب التفاوض السياسي الذي لطالما سيكون فيه تحقيق مكاسب لكل الأطراف، فكل طرف سيحاول الحفاظ على ما هو استراتيجي بالنسبة له، أما المكاسب المتحركة قد تكون متباينة بين كلا الطرفين".

بديل مقنع لتركيا 

وفصل الكاتب الصحفي الليبي فيما يعد من وجهة نظره حافزًا مصريًا لتركيا لرفع يدها عن ليبيا، بالقول: "ظني أن مصر ستقدم لتركيا بديلًا مقنعًا، وهو أنها ستمنحها نافذة على المتوسط ضمن شراكة إقليمية تتوافق مع القانون الدولي، شراكة تتناسب مع كل الدول وتخدم مصالحها؛ لأن ترسيم الحدود البحرية بين الدول المتشاطئة في المتوسط، قد يمنح تركيا بعض المساحات التي تجعلها شريكًا بنسبة ما في ثروات شرق المتوسط، سواء كانت المتعلقة بالثروات الطبيعية في البحار أو تحت البحار مثل البحث عن الطاقة الكربونية في حوض المتوسط".

مصير الترسيم البحري التركي الليبي 

علق مفتاح على ما تعتبره أنقرة اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، وقال: "كلام في الهواء، وغير شرعي لأنه جاء مع غير ذي صفة في الجانب الليبي. وهذا اتفاق لا يتوافق مع سيادة ليبيا التي للأسف يقودها حاليًا أناس ليسوا أكفاء، كما أن القوانين المحلية والدولية المتعلقة بقانون البحار ترفض مثل هذه الاتفاقيات؛ التي هي بمثل هكذا صيغ، وبمثل هكذا أطراف وقعوا عليها؛ فحكومة الدبيبة غير مؤهلة لتوقيع هكذا اتفاقيات". 

يتابع: "يحق للدولة الليبية حينما تكون مكتملة السيادة أن توقع أي اتفاقيات. لكن الظروف الحالية في ظل وجد سلطة غير مكتملة السيادة لا يحق لها فعل ذلك".

مصير الميليشيات الليبية

يضع الكاتب الليبي سيناريوهان لمصير الميليشيات والمجموعات المسلحة الليبية، التي تحصل على الدعم من الجانب التركي، فيقول: "إذا ما حدث توافق مصري تركي بشأن الوضع في ليبيا، فإن من شأن ذلك رفع الغطاء عن تلك المجموعات، وإما أن تقبل تلك المجموعات بتسليم سلاحها والانضواء تحت مؤسسة أمنية موحدة، أو أنها ترفض ذلك وتقبل على تشكيل كيانات منفصلة تمارس أعمال عدائية ضد الدولة لكن في ذلك الوقت ستكون هي الخاسر الأكبر لأنها لن تجد غطاءً شعبيًا، وسيكون من السهل القضاء عليها".

لفت مفتاح إلى أن ما يتعلق بالقوات الأجنبية والمرتزقة، فإن خروجهم لا يستوجب أي اشتراطات، فهو خروج بدون شروط.