الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

«التطرف المتعاقب».. استراتيجيات جماعات الإسلام السياسي في مصر

نشاط جماعات الإسلام
نشاط جماعات الإسلام السياسي مع ثورة يناير 2011

سلط موقع المرصد الأوروبي للتطرف الضوء على كتاب يحمل عنوان «إضفاء الطابع المؤسسي على العنف: استراتيجيات الجماعات التكفيرية في مصر» من تأليف جيروم دريفون، صدر في العام الجاري 2022، ونشرته مطبعة جامعة أكسفورد، ويتكون من 272 صفحة.

 ويعد من الكتب الدقيقة والشاملة والسلسة التي تتناول إضفاء الطابع المؤسسي على العنف، ولفت المرصد إلى أن استراتيجيات الجماعات التكفيرية في مصر تمثل مصدرًا لا يقدر بثمن للقراء من خلفيات متنوعة الذين يرغبون في تعميق معرفتهم بالعنف السياسي في مصر وخارجها بالاعتماد على إعادة بناء تاريخية خالية من التحيزات ويستفيد الكتاب أيضًا من البحث الميداني الشامل الذي أجراه المؤلف جيروم دريفون.

وسنحت الفرصة للمؤلف دريفون، كبير المحللين في الإسلام السياسي والصراع الحديث لدى مجموعة الأزمات الدولية، لإجراء مقابلات وجهًا لوجه مع عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي وأعضاء سابقين وهؤلاء منحوه بدورهم الوصول إلى قيادة الجماعات والتواصل معهم، وبعد عام 2011، نظم اجتماعات جماعية وفردية وانضم إليها في مجتمعاتهم المحلية، واجتماعات الأحزاب السياسية، والاعتصامات، والمظاهرات في الشوارع. كان النهج الإثنوغرافي واتساع نطاق المقابلات مهمًا لتحليل واقع هذه الجماعات من الداخل وفهم التجارب الفردية فضلًا عن مواقفهم المتغيرة بشأن العنف واللاعنف.

في عام 2011، تسببت انتفاضة شعبية، بدأت في تونس ثم امتدت إلى دول عربية أخرى، في حدوث اضطرابات سياسية في غضون أيام قليلة فقط وفي مصر، أطاحت الانتفاضة بالرئيس آنذاك حسني مبارك وكان هذا إنجازًا لم يتمكن الإسلاميون من تحقيقه خلال ثلاثة عقود على الرغم من جهودهم القصوى ونتيجة لذلك، كان على هذه الجماعات الإسلامية التكيف مع واقع جديد، وإعادة بناء منظماتها، والتوفيق بين الفرص السياسية الجديدة والتزاماتها الأيديولوجية.

التطرف المتعاقب

من أجل ربط الماضي والحاضر للجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، يقوم دريفون ببناء الكتاب بشكل موضوعي فبعد المقدمة، يعرض الفصل الثاني الإطار التحليلي للكتاب في أجندة أبحاث السياسة المثيرة للجدل ويضع العمل الجماعات الجهادية في بيئة متعددة المستويات تتكون من بيئتها السياسية، والحركة الاجتماعية، والخدمات الأمنية، والجمهور، والحركة المضادة المحتملة ومن المثير للاهتمام، أن الفصل يرجح أن الجماعات الجهادية يمكن أن تتطرف على التوالي في تفاعلها مع أي من هؤلاء الفاعلين، ويؤكد المؤلف أن تعاقب عدة مراحل من التطرف وإضفاء الطابع المؤسسي يشكل مسارات وخيارات استراتيجية طويلة المدى للجماعات.

وفي الفصل الثالث، يحلل الظهور المقارن للجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في السبعينيات، وعلى حد تعبير المؤلف، ركزت الجماعتان مبادئهما الأيديولوجية الرئيسية للسلفية الجهادية على معارضتهما للزعماء المسلمين العلمانيين والمتغربين الذين لم يطبقوا الشريعة الإسلامية بشكل شامل، من وجهة نظرهم على الرغم من هذا التشابه، فإن التطرف النسبي يعكس آليات مختلفة للتطرف شكلت مأسسة هذه الجماعات في وقت مبكر. 

وتطرف تنظيم الجهاد الإسلامي في تفاعلاته مع الدولة والبيئة السياسية لكنه أخفق في إضفاء الطابع المؤسسي داخليًا بسبب الطبيعة عالية الخطورة لمحاولة الجماعة الإطاحة بنظام الحكم ولذلك، ظل عبارة عن تكتل من الخلايا غير المترابطة قبل عام 1981. 

وعلى العكس من ذلك، كانت الجماعة الإسلامية عبارة حركة دعوية تم إضفاء الطابع المؤسسي عليها قبل أن تتبنى العنف ردًا على التطورات السياسية والقمع اللاحق من قبل قوات الأمن وهذه المسارات المتناقضة تضع في سياقها مأسسة الجماعات الداخلية المتقدمة نسبيًا قبل اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في 6 أكتوبر 1981.

يتعمق الفصل الرابع في مأسسة الجماعات الجهادية الاستراتيجية، ويؤكد هذا الفصل أن بناء وتنفيذ الآراء الاستراتيجية للجماعات المسلحة هو نتاج تطورات خارجية وداخلية وتوسطت المسارات المؤسسية للجماعتين في تأثير نفي هذه الجماعات إلى أفغانستان وباكستان أثناء الحرب ضد الاتحاد السوفيتي والفشل الاستراتيجي النهائي في تحقيق أهدافها في مصر وهذا ما يفسر تخلي الجماعة الإسلامية عن إمكانية تطبيق العنف في البلدان الإسلامية عندما انضم عدد من أعضائها جزئيًا إلى القاعدة ويبحث الفصل الخامس في لجوء هذه الجماعات إلى العنف المسلح في مصر وخارجها ويحلل الفصل السادس ظهور البدائل السياسية القائمة على فكرة اللاعنف.