الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بسبب أزمة الطاقة.. هل تلجأ أوروبا لنقل نشاطها الزراعي لشمال أفريقيا؟

الرئيس نيوز

بسبب مجموعة من العوامل الاقتصادية والبيئية، ترتفع صعوبة تحقيق آمال المزارعين الأوروبيين، وتكتسب منطقة شمال إفريقيا الكثير من الجاذبية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة أجريكونسالت الأوكرانية، المهتمة بشؤون الاستثمار الزراعي، وعبر شمال وغرب أوروبا، يفكر منتجو الخضروات في وقف أنشطتهم داخل أوروبا بسبب الضربة المالية الناجمة عن أزمة الطاقة في أوروبا، مما يهدد الإمدادات الغذائية بشكل أكبر، بل ويرى البعض أنفسهم في نقل نشاطهم الزراعي إلى شمال إفريقيا أو استيراد المواد الغذائية من جنوب البحر الأبيض المتوسط كحل وجيه.
لكن الخبراء في المنطقة المغاربية يشككون في احتمال أن يجد الأوروبيون كل ما يحتاجون إليه في شمال إفريقيا لعدد من الأسباب الاقتصادية والبيئية
المأزق الأوروبي
في أوروبا، ستؤثر أسعار الطاقة والغاز المرتفعة على المحاصيل المزروعة خلال فصل الشتاء في الصوبات والبيوت الزجاجية الساخنة، مثل الطماطم والفلفل والخيار، إلى جانب تلك التي يجب وضعها في التخزين البارد، مثل التفاح والبصل وثمار الأنديف، التي تعتبر بشكل خاص من الزراعات المتعطشة للطاقة وبعد حصاد البصيلات في الخريف، يتم تخزينها في درجات حرارة أقل من درجة التجمد ثم إعادة زرعها لاحقًا في حاويات يمكن التحكم في درجة حرارتها للسماح بالإنتاج على مدار العام.
ونقلت وكالة رويترز عن إيمانويل لوفيفر، مزارع ينتج آلاف الأطنان من نبات الأنديف سنويًا في مزرعته بشمال فرنسا، أنه قد يتخلى هذا العام عن محصوله بسبب تكاليف الطاقة المعوقة اللازمة لتجميد البصيلات المحصودة وقال ليفبفر لرويترز في الموقع الذي يعبأ فيه النبات: "نتساءل حقًا ما إذا كنا سنحصد ما يوجد في الحقول هذا الشتاء، وأشك في قدرتنا على فعل ذلك".
يحذر المزارعون الأوروبيون من عجز وشيك في المحاصيل وضربة متوقعة للإنتاج وقفزة تلوح في الأفق في الأسعار تعني أن المتاجر الكبرى قد تتحول إلى الحصول على المزيد من السلع من البلدان الأكثر دفئًا مثل المغرب وتونس ومصر وتبقى تركيا احتمال آخر وهذا التوجه يفترض مسبقًا أن دول شمال إفريقيا لديها فائض في الإنتاج للتصدير، وهذا ليس هو الحال تمامًا في أماكن مثل تونس حيث كان نقص الغذاء واضحًا وتعطل المعروض في السوق.
ومع ذلك، لا يزال من الممكن أن تجتذب بلدان المغرب العربي وعائدات العملة الصعبة من الصادرات الغذائية ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على المستهلكين المحليين والمخاطرة بإثارة الاضطرابات الاجتماعية وعامل معوق آخر هو أن الصادرات الزراعية لم تصبح بعد جزءًا من الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي مع شمال إفريقيا وقد تطالب دول المغرب العربي، وخاصة تونس، بمراجعة الاتفاقات الحالية التي لا تشمل المنتجات الزراعية.
وصرح خبير اقتصادي تونسي للصحيفة الأوكرانية قائلاً: "التونسيين أمضوا سنوات في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الزراعة والخدمات دون نتيجة بسبب الحمائية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي ويجب تحديد إطار العمل المناسب أولاً، ولكن ارتفاع أسعار الغاز أكبر تكلفة يواجهها مزارعو الخضروات داخل الصوبات الزراعية، في غضون ذلك، ذكر مزارعان فرنسيان يجددان عقود الكهرباء الخاصة بهما لعام 2023 إن أسعارهما تزيد عن عشرة أضعاف أسعار عام 2021 وذكر بنيامين سيمونوت دي فوس الذي يزرع الخيار والطماطم والفراولة في مزرعته بجنوب باريس "في الأسابيع المقبلة سأخطط للموسم لكني لا أعرف ماذا أفعل وإذا بقيت على هذا النحو، فليس هناك فائدة من بدء عام آخر هذا يتعارض من أبسط مبادئ الاستدامة".
التوجه جنوبًا
لا يتعامل المزارعون مع أسعار الطاقة المتصاعدة فقط. إن تكلفة الأسمدة والتعبئة والنقل كلها في ارتفاع وتهدد هوامش الربح وقال يوهانس جروس، نائب مدير المبيعات في الجمعية التعاونية الألمانية التي تغطي صوباتها الزجاجية مساحة تقدر بحوالي 60 هكتارًا: "نواجه زيادة في تكلفة الإنتاج الإجمالية بحوالي 30 بالمائة" وقال إن الطاقة تمثل ما بين نصف وثلثي هذه التكاليف الإضافية" وأضاف أن "بعض الزملاء يفكرون في ترك صوباتهم فارغة لإبقاء التكاليف عند أدنى مستوى ممكن ولا أحد يعرف ماذا سيحدث في العام المقبل"، وتقول مجموعة صناعة جرين هاوس الهولندية إن ما يصل إلى 40 ٪ من أعضائها البالغ عددهم 3000 يمرون بضائقة مالية، وحتى في البلدان التي تغمرها أشعة الشمس مثل إسبانيا، يكافح مزارعو الفاكهة والخضروات لزيادة تكاليف الأسمدة بنسبة 25٪، وقال جاك وارد، الرئيس التنفيذي لاتحاد المزارعين البريطانيين، إنه من الحتمي أن يتحول إنتاج الفاكهة والخضروات إلى مناخ أكثر دفئًا وأضاف جاك وارد: "سننقل الإنتاج أكثر فأكثر جنوبًا عبر إسبانيا وصولا إلى المغرب وأجزاء من إفريقيا".
السياحة المناخية
لكن الخبراء يقولون إن عددًا من العقبات قد تعيق مثل هذا التحرك جنوبا حيث يواجه المغرب وتونس، وهما بلدان المغرب العربي اللذان يتمتعان بإمكانيات زراعية أكبر، مجموعة من ضغوط الطاقة الخاصة بهما، وقد لا يكونا على استعداد بشكل جيد للتعامل مع الطلب الإضافي ومن غير المتوقع أن يبدِ البلدان المغاربيان الأخريان اللذان ليس لديهما مخاوف في مجال الطاقة، ليبيا والجزائر أي اهتمام أو قدرة على تطوير التعاون الزراعي مع أوروبا ومن العوامل المثبطة الرئيسية الأخرى نقص المياه في المغرب وتونس نتيجة لاستنفاد الموارد المائية وتغير المناخ العالمي ويمكن تقديم فرصة أكثر إلحاحًا من خلال تعزيز محتمل لسوق السياحة جنوب البحر الأبيض المتوسط نتيجة مخاوف الأوروبيين من شتاء فاتر في الأشهر المقبلة وبالفعل يقضي آلاف المتقاعدين الأوروبيين أشهر الشتاء في المغرب وتونس حيث المناخ وفواتير الكهرباء أكثر هدوءًا وقد يمنح هذا الاحتمال الترحيب الحار التقليدي للبلدان المغاربية معنى جديدًا تمامًا، وقالت الصحيفة: "السياحة المناخية من أوروبا إلى جنوب البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تكون الترند الرئيسي خلال السنوات القادمة.