السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الغلاء والطاقة والتضخم.. أزمات وبداية ضبابية لعهد ملك بريطانيا الجديد

الرئيس نيوز

تمثل وفاة الملكة إليزابيث الثانية بداية حقبة جديدة للمملكة المتحدة لكنها محفوفة بعدم اليقين الاقتصادي والمشاعر الوطنية المتردية، وحدادًا على وفاتها، سيتوقف مؤقتًا إصدار أي إعلانات أو بيانات حكومية إلا بعد جنازتها يأتي ذلك في وقت يشهد تقلبًا شديدًا بالنسبة لبريطانيا، وهي دولة مثقلة بأسوأ توقعات اقتصادية لها منذ سنوات، وأزمة طاقة متفاقمة وزيادة عدم المساواة.
ومنذ أمس الخميس الموافق 8 سبتمبر، تجمعت حشود أمام قصر باكنجهام لتقديم العزاء بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية وقد ولدت إليزابيث ألكسندرا ماري وندسور في شارع بروتون، مايفير، لندن في 21 أبريل 1926 وتزوجت من الأمير فيليب عام 1947 وتسلمت عرش المملكة المتحدة والكومنولث في 6 فبراير 1952 بعد وفاة والدها الملك جورج السادس وأمس توفيت إليزابيث الثانية في قلعة بالمورال في اسكتلندا، وكان أبرز الأحداث التي عاصرتها طوال حكمها الذي دام 70 عامًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية: انهيار إمبراطورية بريطانيا الشاسعة، والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، ووباء كوفيد العالمي، إلى الحد الذي حولها إلى رمز للثبات النادر في عالم من التغيير المستمر ويخلفها نجلها الأكبر، الذي أُعلن ملكًا بعد ساعات من وفاتها.
تعليق السياسة العادية
إذن فقد بدأ عهد تشارلز الثالث، ويأتي تعليق السياسة العادية بعد أيام فقط من تنصيب المملكة المتحدة لرئيسة وزراء جديدة من حزب المحافظين، وهي: ليز تروس، التي عينتها الملكة نفسها يوم الثلاثاء، ضمن آخر مهامها الملكية، وتدخل ليز تروس مقر الحكومة في 10 داونينج ستريت في وقت يشهد تقلبًا فريدًا لبريطانيا، حيث ورثت بلدًا مثقلًا بأسوأ توقعاته الاقتصادية منذ سنوات، وأزمة طاقة عميقة وزيادة عدم المساواة وقبل ساعات من وفاة الملكة، شرعت تروس في العمل على وضع الخطوط العريضة لخططها لمكافحة أزمة تكلفة المعيشة في المملكة المتحدة، وكشفت النقاب عن حزمة تحفيز واسعة مصممة لمساعدة البريطانيين في فواتير الطاقة، والتي ارتفعت بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، يأتي ذلك بعد أن بدأت مقاطعة فواتير الطاقة تكتسب زخمًا في المملكة المتحدة.
وتقول وزارة الخزانة إن الحزمة، التي من المقرر أن تكلف أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني، ستخفض ذروة التضخم بمقدار 4-5 نقاط مئوية ولكن الاقتصاديين حذروا من أن هذه الخطوة قد تعقد مهمة بنك إنجلترا الضخمة بالفعل المتمثلة في كبح الأسعار المرتفعة لمستويات قياسية، من خلال تحفيز الإنفاق على السلع والأجور.
حقق البنك المركزي البريطاني الشهر الماضي أكبر زيادة في سعر الفائدة منذ 27 عامًا، ورفع المؤشر القياسي إلى 1.75٪، في محاولة لخفض التضخم، والذي يعد حاليًا الأعلى بين دول مجموعة السبع عند 10.1٪. كان المستثمرون يتوقعون على نطاق واسع ارتفاعًا إضافيًا بمقدار 50 نقطة أساس عندما يجتمع بنك إنجلترا المقبل، لكن البعض الآن يقول إنه سيضطر إلى رفع أسعار الفائدة إلى أعلى وبسرعة أكبر.
ارتفاع مخاطر الركود
تأتي التوقعات غير المؤكدة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد مخاطر ركود متزايدة. وقد حذر بنك جولدمان ساكس الأسبوع الماضي من أن المملكة المتحدة قد تقع في ركود في الربع الأخير من هذا العام، مرددًا التوقعات السابقة من بنك إنجلترا ويستعد البريطانيون الآن لفصل الشتاء الشاق لكل من المنازل والشركات وكان الجنيه البريطاني بالفعل في مسار هبوطي خلال الأشهر العديدة الماضية، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في 37 عامًا عند 1.1469 دولار يوم الأربعاء، ويزيد أداء الجنيه من الضغط ليس فقط على تروس ولكن أيضًا على الملك تشارلز، الزعيمان الجديدان لبريطانيا، والذي سيكون دوره حشد المشاعر العامة خلال فترة الأزمة ومن المقرر أن يلتقي الثنائي في وقت لاحق من اليوم الجمعة في لندن.
ويواجه النظام الملكي أيضًا انتقادات مستمرة لكونه عفا عليه الزمن ويستنزف الكثير من الأموال العامة وبالفعل، فإن تكلفة مراسم تشييع جنازة الملكة وحفلها من الممكن أن تضيف إلى معاناة بلد واقع في قبضة أزمة غلاء المعيشة، ومن الواضح، أن ما يريد الناس رؤيته هو أن يروا العائلة المالكة تقديرًا لظروف الأزمة بشكل ملموس وبعدًا تاماً عن كافة مظاهر البذخ في الإنفاق.
قال أندرو روبرتس، المؤرخ والأستاذ في كينجز كوليدج لندن، لشبكة سي إن بي سي اليوم الجمعة: "الملك تشارلز لديه بالفعل خطط - سنراها على مدار الأشهر القادمة وبالتأكيد سنوات - لتقليص حجم العائلة المالكة"، وقال: "نحن نواجه أزمة غلاء المعيشة في المملكة المتحدة، ومن الواضح أن ما يريد الناس رؤيته هو أن العائلة المالكة تعكس ذلك"، مضيفًا أنه قد يكون هناك عدد أقل من أفراد العائلة المالكة يشاركون في الأحداث البارزة في المستقبل، وكانت رئيسة الوزراء تروس قد دعت يوم الخميس بريطانيا إلى "العمل معا كشعب" ودعم رأس الدولة الجديد.
وقالت تروس في خطاب من أمام مقر حكومتها: "كانت الملكة إليزابيث الثانية هي الصخرة التي بنيت عليها بريطانيا الحديثة ومع مرور العصر الإليزابيثي الثاني، ندخل حقبة جديدة في التاريخ الرائع لبلدنا العظيم"، وأضافت أنه يتعين على البريطانيين الالتفاف حول تشارلز الثالث "لمساعدته على تحمل المسؤولية الهائلة التي يحملها الآن لنا جميعًا، ليحمي الرب الملك".