الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

تحليل| العلاقات التركية الإسرائيلية.. من الأزمات الاقتصادية الى القضية الفلسطينية

الرئيس نيوز

في بداية عام 2022، توسعت تركيا وإسرائيل في تبادل الرسائل الودية بشكل يشير إلى وجود تحرك جاد من الجانبين لفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما ودخلت هذه العلاقات مرحلة جديدة مع إطلاق سراح زوجين إسرائيليين محتجزين في اسطنبول منذ نهاية العام الماضي واستمرارًا لهذه العلاقات، قام رئيس إسرائيل، إسحاق هرتسوج، بزيارة تركيا بترحيب حار وكانت حادثة السفينة مافي مرمرة قد فتكت العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب في عام 2010 وحاول الجانبان إعادة العلاقات بينهما في عام 2013، لكن هذا لم يحدث بسبب الغزو الإسرائيلي لغزة في عام 2014 وفي عام 2015، حاول الطرفان تحسين العلاقات، وعينت تل أبيب سفيراً لها في أنقرة ومع ذلك، ترددت أنقرة في تعيين سفير وسعت إلى رؤية تغيير في سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين ولم يمض وقت طويل حتى قامت إسرائيل بقمع الاحتجاجات الفلسطينية في غزة بعد افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، وطردت أنقرة السفير الإسرائيلي احتجاجًا في عام 2018 كما طردت تل أبيب القنصل التركي. يعتقد بعض المحللين السياسيين أن وصول بايدن إلى السلطة زاد من زخم السياسة الخارجية لتركيا في إقامة علاقات مع إسرائيل أكثر مما كان عليه خلال عهد ترامب.

ووفقًا لصحيفة نورديك مونيتور السويدية، وفرت التوازنات الجديدة التي يتم تشكيلها في الشرق الأوسط أساساً جيداً لمحاولة دفع الحوار بين الجانبين. أدى اشتداد الأزمة الأمريكية مع الصين في حالة تايوان وروسيا في حالة أوكرانيا إلى تراجع حساسية السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وجعل دول المنطقة أكثر استعدادًا لإصلاح علاقاتها مع جيرانها كما أدى تقليص الوجود الأمريكي في هذه المنطقة إلى نوع من التقارب النسبي بين دول مختلفة في الشرق الأوسط لتأمين مصالحها السياسية ويوفر الحد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك مكافحة التوسع الإسرائيلي، فرصة لأمريكا لدخول مراحل جديدة من المنافسة السياسية والعسكرية في الصين وروسيا.

وفي هذا الصدد، أيدت حكومة بايدن اتفاقيات تطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية تحت مسمى اتفاقيات إبراهام، في عام 2020 بهدف تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل (التي انضمت إليها لاحقًا. البحرين والسودان والمغرب)، ومن ناحية أخرى، قررت العودة إلى المفاوضات النووية مع إيران وترتب على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة على أساس السياسة الأمريكية إنجازان مهمين لحكومة بايدن.
الأول أنها تعمل على استقرار المراقبة العالمية لأنشطة إيران النووية.

والثاني، مع فتح الأسواق العالمية أمام النفط الإيراني، سينخفض الاعتماد على النفط الروسي بعد تدهور العلاقات بين الغرب وروسيا عقب هجوم روسيا على أوكرانيا.

ومن أجل صد نفوذ إيران في المنطقة، تسعى الولايات المتحدة إلى خلق تقارب سياسي واقتصادي وعسكري وأمني بين دول الشرق الأوسط وتنفيذ اتفاقيات إبراهام فيه. لهذا الغرض، سهلت كافة الأطراف المعنية وصول الغاز المصري من سوريا والكهرباء من الأردن إلى لبنان دون عناء مع السلطات الأمريكية ويمكن تقييم العلاقات الجديدة بين تركيا وإسرائيل في هذا الإطار زيوفر الجانبان الأساس لتطوير المصالح المشتركة من خلال تجديد العلاقات الاقتصادية والعسكرية والأمنية.

وفرت السياسة الخارجية لإدارة بايدن المحافظة تجاه قضية إسرائيل وفلسطين مقارنة بالإدارة الجمهورية لترامب أرضية لتفاهم أكبر بين تركيا وإسرائيل وأنهت الانتخابات العامة التي أجريت في مارس 2021 في إسرائيل حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي استمر 12 عامًا، ونتيجة لذلك، تمكنت الحكومة الائتلافية الجديدة في غياب نتنياهو من اتخاذ خطوات عملية في إقامة علاقات مع الدول العربية، بما في ذلك الإمارات والسعودية ومؤخرا تركيا ويواجه رجب أردوغان، الذي حلم بإحياء إمبراطورية عثمانية جديدة من حدود الصين إلى تركيا، أزمات سياسية وأمنية داخل حدوده مع سوريا والعراق.

دفع الوضع الاقتصادي لتركيا في أعقاب هذه الأزمات وتراجع قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في تاريخ تركيا إلى إحياء علاقاتها مع إسرائيل ولا شك أن لدى الجانبين توقعات بشأن تطبيع العلاقات الثنائية ومن خلال إعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، تسعى تركيا في المقام الأول إلى الخروج من العزلة الإقليمية وزيادة وجودها السياسي في الشرق الأوسط أمام خصومها، مصر واليونان، وخاصة في البحر المتوسط. بمثل هذا الاتفاق، تنتظر تركيا دعم "جماعات الضغط" المؤيدة لإسرائيل في واشنطن للحد من الروح المعادية لتركيا في الكونجرس الأمريكي.

في 13 سبتمبر 2013، قدمت شركة تركاس التركية التابعة لشركة شل اقتراحًا لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي من حقل ليفياثان للغاز إلى جنوب تركيا بتكلفة 2.5 مليار دولار وقادر على نقل 16 مليار متر مكعب من الغاز ووصفت الشركة المشروع بالمشروع الجذاب رغم المخاطر السياسية القائمة بسبب توتر العلاقات بين إسرائيل وتركيا وهذا هو أول بيان علني لشركة تركية لتصدير غاز إسرائيلي إلى تركيا وتفاوضت العديد من الشركات التركية، بما في ذلك شركة زورلو إينرجي، الشريكة لمحطة دوراد للطاقة في عسقلان، على بيع الغاز وعقد بناء خطوط الأنابيب مع شركاء ليفياثان.

ولم يقم مجلس الوزراء الإسرائيلي بإلغاء الإذن بتصدير أكثر من 40٪ من احتياطي الغاز الإسرائيلي وعقد مؤتمر دولي للطاقة في بافوس، قبرص، في سبتمبر 2013، حيث قدم بريزا، مدير شركة تركاس للنفط، خطة مفصلة لمشروع خط الأنابيب المقترح للشركة لأول مرة في مؤتمر عام شارك فيه العديد من رجال الأعمال الإسرائيليين وسيمتد خط الأنابيب مسافة 470 كيلومترا من ليفياثان إلى ميناء إكسان أو مرسين في جنوب تركيا وسيستخدم معظم غاز ليفياثان في السوق التركية التي تحتاج إلى مصادر جديدة وسيباع جزء منه لأوروبا خاصة اليونان ويجب أن يمر أقصر مسار لخط الأنابيب عبر المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان لتجنب عبور الأراضي السورية.

وفي 22 مايو 2014، بدأت شركة زورلو هولدنج العمل في مشروع خط أنابيب بحري مدته 20 عامًا بقيمة 2.5 مليار دولار لنقل الغاز الطبيعي المكتشف في ليفياثان في إسرائيل إلى تركيا. ومن المتوقع أن ينقل هذا النظام البحري 8 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا ويعد مشروع تزويد الغاز "إيست ميد" أحد الخطط الإستراتيجية لإسرائيل من أجل نفوذ أكبر في الاقتصاد الأوروبي عبر جزيرة كريت واليونان وقبرص وتركيا.
وتعتبر الدول الأوروبية أسواقًا محتملة لصادرات إسرائيل من الغاز، ويفترض أن تقوم إسرائيل بتصدير الغاز إلى أوروبا من حقول الغاز بشرق البحر المتوسط وقدم قرار وزارة الخارجية الأمريكية بوقف دعم مشروع خط أنابيب الغاز شرق المتوسط، والذي يهدف إلى نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، فرصة جغرافية اقتصادية ذهبية لأنقرة وسعت أنقرة علاقاتها مع إسرائيل لحل مشاكلها الاقتصادية كما تعلم تل أبيب أن مشروع خط أنابيب الغاز إلى أوروبا غير ممكن بدون تدخل تركيا وحل المشكلة القبرصية وتتوقع إسرائيل أنه مع دخول تركيا في الخطة الإستراتيجية الإسرائيلية في مجال الطاقة، إذا تم تنفيذ هذه الخطة، ستكون قادرة على استبدال الخطط التي اقترحها الاتحاد الأوروبي لتوفير الطاقة بدلاً من الغاز الروسي وتقليل اعتماد أوروبا على روسيا في مجال الطاقة.