الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عاجل.. مصر تضحي ببعض الغاز لإنقاذ دول أخرى من انقطاع الكهرباء

الرئيس نيوز

سلطت مجلة كوارتز الدولية المهتمة بالشؤون التجارية، ومقرها نيويورك، الضوء على اعتزام مصر قريبًا البدء في ترشيد الكهرباء المستخدمة في إنارة الشوارع، والمرافق الرياضية، والمباني الحكومية، وترشيد الكهرباء المستخدمة في تشغيل أجهزة التكييف بمراكز التسوق من أجل توفير المزيد من الغاز بغرض تصديره، بصفة خاصة، إلى البلدان التي تعاني من نقص إمدادات الغاز.
وكان قرار روسيا بتضييق الخناق على صادراتها من الغاز الطبيعي قد أدى إلى عجز عالمي كبير، وفي المقابل، وصلت أسعار الكهرباء في أوروبا إلى مستويات قياسية، وتستعد المملكة المتحدة لانقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء، وتعمل البلدان المستوردة للغاز في آسيا على تقنين استهلاك الكهرباء وبالنسبة للبلدان التي تنتج الكثير من الغاز الخاص بها، يصبح السؤال: أيهما أكثر جدوى: الاحتفاظ به لتوليد الكهرباء محليًا أم بيعه لتحقيق ربح كبير من تصديره إلى الخارج؟
ولفتت المجلة إلى أن مصر، على سبيل المثال، تميل إلى الخيار الأخير، ففي أعقاب التعافي البطيء من جائحة كورونا ثم التداعيات الاقتصادية السلبية للحرب في أوروبا الشرقية، أصبت على مصر بحاجة إلى السيولة النقدية أكثر من الغاز، وتعد مصر لاعبًا ثانويًا نسبيًا في سوق الغاز العالمي، حيث لا يمكنها شحن أكثر من 3.2٪  من الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال حتى إذا بلغت ذروة الإنتاج، ولكن سلسلة من الاكتشافات البحرية الكبرى في العشر سنوات الماضية رفعت مكانة مصر على خريطة الطاقة، وعالجت الدولة انقطاع التيار الكهربائي الذي أصاب القاهرة خلال سنوات الاضطرابات والثورة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقد وفّر النقص العالمي الأخير في الغاز مكاسب غير متوقعة، فخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، كسبت مصر 3.9 مليار دولار من صادرات الغاز، كما في عام 2021 بأكمله، وفي يونيو، وقعت البلاد صفقة مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز صادرات الغاز مقابل 100 مليون يورو (103 دولار)، علاوة على ما قيمته مليون دولار) من المساعدات الغذائية، بعد أن أعاقت حرب أوكرانيا مصر بطريقة ما، لكنها أثرت خزانة الدولة بطريقة أخرى، وباعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم، شهدت مصر ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية بسبب الاضطرابات التجارية الناجمة عن الحرب،  لذا فإن دفع مصر لبيع الغاز للمشترين اليائسين من تدبير احتياجاتهم من الطاقة في الخارج ليس انتهازية على الإطلاق، لأن الدولة في حاجة ماسة إلى السيولة النقدية لدفع مقابل واردات المواد الغذائية وغيرها من السلع، ولتدبير ما يلزم من تمويل لتنفيذ مجموعة من مشاريع البنية التحتية باهظة الثمن التي تسعى الحكومة لتحقيقها، بما في ذلك بناء عاصمة إدارية جديدة،  وتواجه مصر ديونًا تقارب 400 مليار دولار، وتراجع احتياطيات العملات الأجنبية، وتضخمًا متصاعدًا، وإذا استطاعت مصر ترشيد استهلاك الكهرباء فصل الصيف، عندما ترتفع درجات الحرارة إلى أعلى مستوى، لأن نصف الكهرباء في مصر تستخدم في تكييف الهواء، من الممكن أن ترتفع صادرات الغاز، التي وصلت إلى مستويات قياسية في الشتاء الماضي، وعادةً، تستعين مصر بمحطة تصدير إدكو للغاز الطبيعي المسال، وهي الأكبر في البلاد، في تدبير 11٪ فقط من طاقتها في يونيو وكانت معطلة تمامًا في يوليو، ووفقًا لشركة استخبارات السوق كيبلر، تستعين مصر بمحطة أخرى في دمياط لتصدير الغاز الطبيعي المسال في مصر، حوالي ثلثي طاقتها فقط،  لذلك هناك طاقة تصديرية يجب توفيرها ومن المتوقع أن توفر خطة الحكومة للحد من استخدام الكهرباء حوالي 570 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، وفقًا لتحليل أجرته شركة استخبارات السوق ريساند إنيرجي وهذا يمثل حوالي ثلث الطاقة التصديرية لمصر، مما يعني أن تدابير توفير الكهرباء ستوفر دفعة كبيرة لما تستطيع البلاد شحنه للخارج من الغاز، ولكن ذلك سيمثل حوالي 1.2٪ فقط من الطلب العالمي، ومع ذلك، فإن أي إنتاج إضافي تضخه مصر في سوق الغاز الدولي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار للجميع، ولم يتضح بعد إلى أين ستتجه صادرات الغاز الإضافية لمصر بالضبط ومن سيشتريه.

تاريخيًا، يذهب حوالي ثلثي صادرات الغاز المصري إلى الهند والدول الآسيوية، لكن الغاز في أوروبا في الوقت الراهن يحقق سعرًا أعلى بكثير من أي مكان آخر،  بالإضافة إلى ذلك، تقوم مصر أيضًا بتحويل بعض محطات الطاقة للعمل على زيت الوقود بدلاً من الغاز، كما قال جاستن دارجين، الذي يدرس أسواق الطاقة في شمال إفريقيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وينتج عن زيت الوقود تلوث الهواء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري أكثر بكثير من الغاز الطبيعي، وهو ما قال دارجين إنه قد يمثل مشكلة في العلاقات العامة حيث تستعد مصر لاستضافة قمة المناخ الأممية COP27، وعلق دارجين على ذلك بالقول: "هذا وقت عصيب بشكل خاص بالنسبة لمصر في الوقت الذي تحاول فيه الالتزام بإصلاحات الاقتصاد الكلي التي حددها صندوق النقد الدولي بينما تحافظ على العقد الاجتماعي والاستقرار السياسي وتحاول تجنب أي تأثيرات ضارة قد تنجم عن مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة، فإن تعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية ليس مجرد قضية اقتصادية، بل قضية أمن قومي في الوقت ذاته".