الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

رهانات عالية على أفريقيا.. روسيا تنافس الغرب على النفوذ بالقارة السمراء

الرئيس نيوز

يعتقد ويليام جوميد، مدير منظمة وركس غير الحكومية للديموقراطية أن هناك "حرب باردة جديدة تدور رحاها في إفريقيا، حيث تحاول الأطراف المتنافسة كسب النفوذ"، وجاءت تعليقات جوميد التي سلطت عليها صحيفة آراب ويكلي الضوء بسبب جولات القادة والساسة الروس والفرنسيين والأمريكيين في أفريقيا من أجل كسب التأييد لمواقفهم بشأن الحرب في أوكرانيا، ويشنون ما يقول البعض إنه أشد منافسة على النفوذ تشهدها القارة السمراء منذ الحرب الباردة.
وزار كل من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدة دول أفريقية خلال الأسبوع الماضي، كما سافرت سامانثا باور، رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى كينيا والصومال الأسبوع الماضي وتتوجه السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد إلى غانا وأوغندا الأسبوع المقبل.
وسعى لافروف، في رحلاته عبر القارة حيث تعاني العديد من الدول من الجفاف والجوع، إلى تصوير الغرب على أنه الطرف الشرير، وحرص إلقاء اللوم على القوى الغربية بزعامة أمريكا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في حين اتهم القادة الغربيون الكرملين باستخدام الطعام كسلاح وشن حرب غزو على الطراز الإمبراطوري، واستخدم كلا الطرفين كلمات محسوبة لجذب تعاطف المستمعين في إفريقيا ما بعد الاستعمار، وفي عهد الرئيس فلاديمير بوتين، عملت روسيا على كسب الدعم في إفريقيا لعدة سنوات، مما أدى إلى تنشيط الصداقات التي تعود إلى نصف قرن، عندما دعم الاتحاد السوفيتي العديد من الحركات الأفريقية التي كانت تقاتل لإنهاء الحكم الاستعماري، وأضاف جوميد: "الآن هذه الحملة تسير على قدم وساق".
ظهر نفوذ موسكو في إفريقيا في مارس أثناء تصويت الأمم المتحدة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. في حين صوتت 28 دولة أفريقية لصالح القرار، فإن 25 دولة أخرى إما امتنعت عن التصويت أو لم تصوت على الإطلاق، وزار كبير الدبلوماسيين الروس هذا الأسبوع مصر والكونغو وأوغندا وإثيوبيا، وتعهد بالصداقة واتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية برفع أسعار المواد الغذائية من خلال اتباع سياسات بيئية "متهورة" كما اتهمهم بتخزين الطعام أثناء جائحة كوفيد-19.
وقال لافروف في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: "لقد أثر الوضع في أوكرانيا سلبًا بشكل إضافي على أسواق المواد الغذائية، ولكن ليس بسبب العملية الروسية الخاصة، بل بسبب رد الفعل غير الملائم تمامًا من الغرب، الذي أعلن فرض عقوبات"، واستقبل الرئيس يويري موسيفيني لافروف بحرارة في أوغندا، والذي كان حليفًا للولايات المتحدة لسنوات، لكنه رفض انتقاد روسيا بشأن الغزو حتى أن موسيفيني اقترح عند اندلاع الحرب أن تصرفات بوتين قد تكون مفهومة لأن أوكرانيا تقع في دائرة نفوذ روسيا وأعرب لافروف عن دعمه لإصلاح مجلس الأمن الدولي لمنح الدول الأفريقية مقاعد دائمة ونفوذ أكبر.
تحدث الرئيس الأوغندي مع لافروف باعتزاز عن العلاقات القديمة مع روسيا، متسائلاً كيف يمكنه أن يرفض موسكو عندما تكون لديه علاقات جيدة مع الدول التي شاركت في العبودية، وقال المحلل السياسي الأوغندي أسومان بيسييكا، إن الرئيس موسيفيني، زعيم الرأي في القارة والذي تولى السلطة لمدة ثلاثة عقود، هو خيار واضح لروسيا كشخص تقوي العلاقات معه، باعتبار أوغندا أحد مراكز الثقل في شرق إفريقيا.
كان موسيفيني، 77 عامًا، يرتدي الكمامة في الأماكن العامة منذ تفشي عدوى كوفيد، ولكنه لم يرتدي الكمامة عند تحية لافروف أمام المصورين، على ما يبدو يريد إظهار الدفء للروس كما تتودد روسيا إلى الرأي العام الأفريقي من خلال شبكتها التلفزيونية الحكومية روسيا اليوم، التي أعلنت أنها ستفتح مكتبًا جديدًا في جوهانسبرج، عاصمة جنوب أفريقيا، وتم حجب روسيا اليوم فجأة من أكبر منصة تلفزيونية مدفوعة في إفريقيا في إفريقيا، ومقرها جوهانسبرج، في مارس بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات ضد موسكو. وليس من الواضح ما إذا كان إنشاء المكتب الجديد سيمكن روسيا اليوم من استئناف البث إلى إفريقيا من خلال نفس المنصة "مالتي تشويس" التي تضم ما يقرب من 22 مليون مشترك في القارة.
بالنسبة لروسيا، يجب أن يُسمع صوتها في إفريقيا، ويقول أنتون هاربر، أستاذ الصحافة في جامعة ويتواترسراند في جنوب إفريقيا، إنه ليس مهمًا للجهود الحربية الفعلية ولكن لتأثيرها السياسي طويل المدى، مضيفًا: "إن الروس يرون أفريقيا كأرض خصبة لتنمية نفوذهم، و وبالطبع التصويت في الامم المتحدة مهم بالنسبة لموسكو".
وفي جولته الأفريقية، اتهم ماكرون الفرنسي الكرملين باستخدام قنوات تلفزيونية لنشر الدعاية الداعمة للحرب في أوكرانيا، وعلاوة على ذلك، اتهم ماكرون الكرملين بابتزاز العالم من خلال إحباط تصدير الحبوب من أوكرانيا وقال في بنين "إنهم يبتزوننا لأنهم هم من منعوا الحبوب في أوكرانيا إنهم من ينظمون نقل الحبوب"، كما شمل خط سير رحلة الرئيس الفرنسي الأفريقية الكاميرون وغينيا بيساو وناشد ماكرون الأفارقة الوقوف في صف ضد روسيا، وتابع في تصريحات حظيت بالكثير من الاهتمام: "أقول لكم هنا في إفريقيا، القارة التي عانت من الإمبريالية الاستعمارية: روسيا هي واحدة من آخر القوى الاستعمارية الإمبريالية وقررت غزو دولة مجاورة للدفاع عن مصالحها وهذه هي الحقيقة."
كانت السفيرة باور، أكبر مسئول في المعونة الأمريكية، يأتي لشرق إفريقيا للتعهد بتقديم مساعدات في مجال مكافحة الجوع في المنطقة وسط جفاف مدمر لعدة سنوات ولم تتردد في انتقاد روسيا، وقالت باور في نيروبي: "من خلال حظر صادرات الحبوب الأوكرانية وتقييد تجارة الأسمدة الروسية، كان لأفعال بوتين عواقب إلحاق الأذى بشعب كينيا ودول أخرى في جميع أنحاء العالم. كينيا من أجل إفادة وضعه".