الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

انفجار» يبعثر أوراق «الانتخابات الليبية»: داعش يرفض الموت.. والخريطة تتعقد

الرئيس نيوز

في بداية غير مبشرة للإعلان عن انطلاق قطار الانتخابات الليبية، سقط ثلاثة قتلى داخل مقر مفوضية الانتخابات في العاصمة طرابلس، بعد أن اقتحم “داعشيان” المبنى وفجرا نفسيهما. واشتبكت عناصر الأمن بمفوضية الانتخابات في طرابلس مع المقتحمين في محاولة لمنعهما من تفجير نفسيهما داخل مقر المفوضية. وتتجه ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجاري، ويأتي ذلك في ظل ضغط أوروبي وأممي، تمثلت بدايتها في إعلان المبعوث الأممي غسان سلامة، عن إجراء الانتخابات الليبية عقب لقاء جمعه بالقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، ورئيس الحكومة فائز السراج، بالقاهرة، منتصف سبتمبر الماضي. إلا أن مؤشرات متضاربة تأتي من داخل ليبيا حول عدم توافق الأطراف لإجراء تلك الانتخابات، الأمر الذي يشكك في القدرة على إجرائها وفق الخطة الزمنية المعلنة من قبل المبعوث الأممي، ويظل السؤال يطرح نفسه، هل إجراء انتخابات رئاسية في ذلك التوقيت حلا لحالة الانسداد السياسي في ليبيا، أم سيؤدى إلى مزيد من التعقيد؟، في ظل وجود حكومتين متنازعتين ومجلس نواب، ومجلس رئاسي. تبدو الخريطة الليبية في غاية التشابك، في الوقت الذى يرحب رئيس الحكومة فائز السراج، بإجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجارى، أقره في يوليو 2017 في فرنسا، ضمن إعلانا مشتركا مع حفتر لإنهاء الأزمة. إلا أن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي عاد ليقلل من أهمية إجراؤها، في أول من مطار بينيا، عقب عودته من باريس بعد تعافيه من أزمة صحية، وقال: “الانتخابات تمثيل، وأن الضمان الحقيقي هو الجيش، الحريص على أن يعيش الشعب الليبي حياة سعيدة”.
وبينما أعلن عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى عن موافقته عن إجراء الانتخابات، متهما البرلمان بالانقسام على نفسه، شكك أعضاء من المجلس الأعلى للدولة المعترف به أمميا من جدية إجراء انتخابات في أجواء يسيطر عليها عدم التوافق السياسى بين الأطراف، كذا حالة الانعدام الأمني.
ومن المرتقب إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا قبل نهاية 2018، وفق خارطة طريق للأمم المتحدة، وأعلن سلامة خارطة لحل الأزمة في ليبيا، ترتكز على 3 مراحل رئيسة، تشمل تعديل الاتفاق السياسي، الموقع بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015، وعقد مؤتمر وطني يهدف إلى فتح الباب أمام المستبعدين من جولات الحوار السابق، وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور، وانتخابات نيابية ورئاسية.
استبعد محمد معزب عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إجراء انتخابات رئاسية هذا العام، خاصة في ظل عدم التوافق بين الأطراف حتى الآن. وقال معزب، إن “البدء في الخطوات اللازمة للتمهيد لإجراء الانتخابات يستلزم توافقا سياسيا وعسكريا وأمنيا، وهو ما لم يتوفر حتى الآن”.
البرلمان الليبي مفكك
وأكد رئيس مجلس النواب الليبى، عقيلة صالح،  أنه من الصعب الوصول إلى اتفاق سياسى حقيقى في الوقت القريب، داعيا لانتخاب رئيس للدولة يكلف رئيس وزراء ليحل مشاكل الشعب الليبى وأزماته، موضحا أنه سيعرض فكرة الانتخابات على زملائه في مجلس النواب الليبى لأنه مطلب شعبى. وأوضح أن المبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة، أخبره أن كل الاستطلاعات في ليبيا يرغب منها المواطنون بالتوجه للانتخابات، مشيرا لوجود توجه دولى وأممى داعم للتوجه للانتخابات في ليبيا كحل للأزمة، داعيا للإسراع في التوجه للانتخابات الرئاسية لكى يتم تجنيب ليبيا مزيد من الانقسام. وأكد أن مجلس النواب الليبى والمجلس الأعلى للدولة تأخروا في الوفاء بالتزاماتهما، موضحا أنه يؤيد إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا قبل نهاية العام. وأضاف أنه نتيجة للانقسام داخل مجلس النواب وأيضا داخل المجلس الأعلى تبين لدى المجتمع الدولي  أنه من الصعب الوصول لاتفاق سياسي حقيقي في الوقت القريب، متابعا: “هناك قناعة بتكوين السلطة التنفيذية في ليبيا من رئيس الدولة ورئيس الوزراء حتى تتحقق متطلبات الشعب”.
وتبقى عقدة أنصار القذافى في ليبيا، عائقا آخر لإجراء الانتخابات، وتندرج ضمن الأولويات الأساسية إعادة نحو أربعين ألف شخص هجرهم مقاتلو مصراتة من تاورغاء في عام 2011عقب خلع الزعيم الليبي معمر القذافي ثم قتله. ومنذ ذلك الوقت، يعيش أهالي تاورغاء، الذين كانوا يدعمون القذافى، في خيم في المخيمات الصحراوية، وفرتها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين. وعلى الرغم من الوصول إلى اتفاق أممى بعودتهم إلى قراهم، أعاقت مليشيات مصراتة هذا الاتفاق، لتمنع عودة ما يزيد عن 40 ألف. والتقى رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الدكتور غسان سلامة، بالقاهرة مع أنصار النظام الجماهيرى الليبى، وضم اللقاء الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، وجبهة النضال الوطنى الليبى، والتجمع الوطنى الليبى، ومؤتمر أنصار النظام الجماهيرى، والقوى الوطنية والمستقلين ومؤسسات المجتمع المدنى والشباب والمرأة والإعلاميين. وقالت مصادر ليبية حضرت اللقاء إن اللقاء بحث أربع محاور، المحور السياسي والاجتماعي والعسكري والمصالحة» لافتا إلى أن الأمم المتحدة تبحث عن الحلول المرضية للجميع والمصالحة الوطنية دون إقصاء أي طرف ومشاركة الجميع. وأضاف «أبلغنا سلامة بضرورة التسريع في اجراء انتخابات وطرح الخطوات القادمة، وضرورة دعم المصالحة العامة بين كل الأطراف الليبية، إضافة إلى توحيد المؤسسة العسكرية، وتأسيس جيش ليبي موحد، حتى تتم الانتخابات بشكل نزيهة». وأضاف «أن الاجتماع لفت انتباه سلامة إلى أنه بمجرد الإعلان عن ترشح سيف الإسلام القذافي أقبل الليبيين على التسجيل في سجل الناخبين، حيث إن أنصار النظام السابق يشكلون 70 % من ليبيا». وأعلن سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في مؤتمر صحفى بتونس، ترشحه للانتخابات الرئاسية المنتظرة. إلا أن العودة للمشهد السياسي من الباب الواسع لنجل القذافى، تصطدم بعدد كبير من الصعوبات والعراقيل، لعل أبرزها العائق القانوني المرتبط بأحكام قضائية صدرت بحق نجل القذافي، إلى جانب مطالبات دولية بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، ولا يقل الأمر أهمية بمدى احتفاظه بشعبيته بين الأوساط الشعبية. وقال الناطق باسم القبائل الليبية وعائلة القذافي باسم الهاشمي الصول للميادين إن سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي الأسبق “يحظى بدعم ن 80% من قبائل ليبيا تدعم سيف الإسلام في انتخابات الرئاسة. وشدد المبعوث الأممي غسان سلامة على ضرورة عودة جميع النازحين داخليا في ليبيا البالغ عددهم 165,478 إلى قراهم قبل إجراء الانتخابات.

تدفع عدد من دول الاتحاد الأوربي المتضررة من حالة الانعدام الأمني بليبيا، والهجرة غير الشرعية التي تنوء بها سواحلها، في اتجاه الإسراع بإجراء انتخابات رئاسية، وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في ما يتعلق بضرورة تنظيم انتخابات في ليبيا، أن “هذا الجدول الزمني الانتخابي يعد الحل الأمثل بالنسبة لليبيا. وبالتالي، وجب في الوقت الحاضر تفعيله بسرعة قصوى”. وأضاف إيف لودريان، مؤكدا: “عندما أقول خلال فصل الربيع، يعني ذلك خلال فصل الربيع، وأنا أعي جيدا ما أقول”. وقد اختار المبعوث الأممي لليبيا بدوره التوقيت نفسه. وتتفق رؤية إيطاليا بشأن أهمية إجراء الانتخابات للخروج من الأزمة السياسية في ليبيا مع فرنسا، التي دعت إلى ضرورة التطبيق السريع لخطة الأمم المتحدة . وهو ما أشار وزير خارجيتها أنجيلو ألفانو في زيارة له إلى طرابلس، محادثات أجراها مع رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في طرابلس على النقيض أبدت روسيا تحفظها على إجراء الانتخابات في مثل تلك الأجواء الغير مستقرة سياسيا وأمنيا، و قال رئيس مجموعة الاتصال الروسية الخاصة بالتسوية في ليبيا، ليف دينغوف: إنه “من المستحيل والسابق لأوانه الحديث عن موعد للانتخابات في ليبيا، قبل تلقي موافقة رسمية من الأطراف المعنية”. وطالب المسؤول الروسي، بضرورة وجود موافقة موثقة وليست شفوية فقط، وهو ما سيكون شرطًا لعملية الانتخابات، ولكن حتى الآن هذه مجرد كلمات بأن “سلامة” تلقى موافقة من حفتر والسراج، ومن مجلس الدولة والبرلمان، لكننا لم نر وثيقة موقعة. ومن جهتها، أكدت الولايات المتحدة تأييدا تاما لجهود الممثل الخاص للأمم المتحدة في سعيه لمساعدة الليبيين على التفاوض على تعديلات على الاتفاق السياسي الليبي وإرساء الأساس للانتخابات في عام 2018، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية كريستيان ك. جيمس.
وفى إطار تعزيز القدرات الانتخابية لليبيا، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم مساهمة مالية قيمتها 5 ملايين يورو، وأشارت البعثة الأوروبية إلى أنه بهذه المساهمة ينضم الاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا وهولندا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا لتعزيز القدرات الليبية لتنظيم الانتخابات، وزيادة المشاركة في العمليات الانتخابية. وقررت الحكومة الألمانية تقديم مليون يورو لدعم إجراء الانتخابات في ليبيا، في إطار مشروع الأمم المتحدة،وبلغ الدعم الفرنسي مائتي ألف يورو،وحمل مشروع الأمم المتحدة الانتخابي في ليبيا عنوان “تعزيز الانتخابات من أجل الشعب الليبي”،ويهدف لمساعدة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، للوصول إلى أفضل الممارسات والمبادئ المعترف بها دوليا. وأكدت وزارة الخارجية الإيطالية عن عزمها على تخصيص مبلغ ستين ألف يورو لصالح الحوار الوطني، ومئتين و خمسة و سبعين ألف يورو للانتخابات المزمع تنظيمها في ليبيا برعاية أممية. وتعهدت الحكومة الهولندية بتقديم مبلغ 1.65 مليون دولار أمريكي لصندوق المشروع الانتخابي التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي يشترطان «التعهد المكتوب بالالتزام» في المقابل فإن اجتماعا رباعيا بالجامعة العربية، ضم كلا من الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيدريكا موغريني، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، وبيير بويويا، رئيس بوروندي الأسبق، الممثل الأعلى للاتحاد الإفريقي إلى مالي والساحل. اشترطت فيه الرباعية تعهدا من كافة الأطراف الليبية بشكل مسبق على احترام نتائجها والالتزام بها، وكذا وضع إطار دستورى وقانون انتخابى.
من جانبها لم تمانع مصر إجراء انتخابات رئاسية، وشهدت القاهرة  مباحثات بين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والرئيس عبد الفتاح السيسي، وأعلنت الرئاسة أن وجهات نظر مصر وفرنسا اتفقت على “حدوث تقدم نسبي بالمشهد الليبي، وهو ما يستلزم الإسراع في عقد الانتخابات قبل نهاية العام الجاري”. يأتى ذلك بالتزامن مع الجهود المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وهى اللجنة التي ضمت ممثلين عن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر من شرق البلاد، إضافة إلى ضباط محسوبين على حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج. وتنقسم المؤسسة العسكرية في ليبيا إلى جناحين، الأول شرقي البلاد ويتبع لمجلس النواب المنعقد في طبرق، ويقوده المشير خليفة حفتر، بينما يتبع الثاني لحكومة الوفاق، ومقرها العاصمة طرابلس، غربي البلاد.