النفط مقابل السلام.. تفاصيل الآلية الأمريكية الجديدة لتأمين عائدات ليبيا النفطية وامدادات الأسواق
تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على أعضاء أوبك + العرب لزيادة إنتاجهم من النفط، لكن دون نجاح كبير، وأعلن سفير واشنطن في طرابلس أن الولايات المتحدة تقترح طرقا لليبيا لإدارة تدفق عائدات النفط لمساعدتها في تجاوز أزمتها السياسية وسط التنافس الشرس على السلطة.
وتجادل الفصائل المتناحرة بشأن من الذي يتحكم في إنتاج النفط ومبيعاته وعائداته لسنوات، مما أدى إلى تأجيج الفوضى السياسية وأعمال العنف التي عصفت بليبيا منذ انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وقال السفير ريتشارد نورلاند لرويترز إن المقترحات الأمريكية تهدف إلى وقف امتداد الأزمة إلى حرب اقتصادية تحرم الليبيين من الرواتب والسلع المدعومة واستثمارات الدولة وتضر بأسواق الطاقة العالمية.
إنتاج ليبيا يصل لـ 1.3 مليون برميل يوميًا
وأي تهديد لإنتاج ليبيا، الذي تجاوز 1.3 مليون برميل يوميًا في الأشهر الأخيرة، من شأنه أن يؤثر على الأسواق العالمية التي تعاني بالفعل من أزمة أوكرانيا لذا تستمر ضغوط الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في اتجاه زيادة إنتاج النفط العربي والليبي على حد سواء، وقالت صحيفة نييورك بوست الأمريكية إنه في الأيام الأخيرة، دعا رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة أوبك + إلى زيادة إنتاجها النفطي ولم يكن لدعوته أي آثار عملية حيث بدا أنها تهدف فقط إلى كسب تأييد القوى الغربية.
وأوضح السفير الأمريكي في طرابلس ريتشارد نورلاند أن "المسألة، هي التوصل إلى اتفاق بشأن أفضل طريقة للتأكد من توظيف الثروة النفطية الليبية حيثما تكون هناك حاجة لمساعدة الناس ومراقبتها حتى يمكن للناس أن يكونوا واثقين من عدم تحويلها لاستخدامات سياسية أو لاستخدامات غير مناسبة".
وتأتي الأزمة الأخيرة في ليبيا بعد انتخابات مؤجلة وهي عنصر أساسي في خطة سلام تدعمها الأمم المتحدة، وأُلغيت في ديسمبر حيث تنازع قادة وفصائل رئيسية حول قواعد التصويت، وتهدف خطة السلام، التي تضمنت أيضًا تشكيل حكومة وحدة مؤقتة العام الماضي، إلى حل الصراع بين الفصائل الرئيسية في البلاد الذي قسم ليبيا في 2014 بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب.
وقال البرلمان الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا له إن تفويض الحكومة المؤقتة انتهى في يوم الانتخابات المقررة وأن البرلمان اختار قيادةوحكومة جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، متعهدا بإجراء انتخابات جديدة العام المقبل.
لكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة المؤقتة المنتهية ولايتها، رفض تحركات البرلمان وقال إنه لن يتنازل عن السلطة إلا بعد الانتخابات التي وعد بإجرائها هذا العام، حيث يحشد الجانبان القوات حول العاصمة، ومن جانبه، أوضح نورلاند أن الرجلين تعهدا بتجنب العنف أو التصعيد لكن الوضع لا يزال خطيرا، وقال السفير الأمريكي: "إذا استمر هذا الوضع فهناك خطر حدوث عنف وإذا حدث ذلك فسيتحمل كل جانب درجة معينة من المسؤولية وأعتقد أن هذا ليس شيئا يريده أي من الجانبين".
النزاع الحالي
بموجب الاتفاقات الدولية، لا يمكن أن تتولى شركة النفط الوطنية الليبية المملوكة للدولة سوى صادرات النفط، حيث يتم إرسال الإيرادات إلى مصرف ليبيا المركزي الذي يدفع معظم الإنفاق الحكومي حتى عبر الخطوط الأمامية للصراع، أدى هذا الترتيب إلى شكاوى بشأن التوزيع غير العادل لعائدات النفط، في حين استخدمت فصائل مختلفة القوة مرارًا وتكرارًا للحصول على مصدر تمويل الدولة وكثيرا ما أوقفت القوات المسلحة المتنافسة إنتاج النفط الليبي طوال الصراع للضغط على السلطات في طرابلس وفي 2020، أوقفت القوات المتحالفة مع الفصائل الشرقية التي تهاجم العاصمة جميع صادرات النفط لعدة أشهر.
في الآونة الأخيرة، استخدم الدبيبة عائدات النفط لمشاريع الإنفاق الشعبوية التي يصفها منتقدوه بأنها محاولة فاسدة لشراء شعبية سياسية قبل الانتخابات التي قد يسعى فيها إلى منصب جديد وتضمنت الدلائل الأخيرة على أن الخلاف السياسي قد يمتد إلى حرب اقتصادية مطالبة البرلمان لمؤسسة النفط الوطنية بالتوقف عن إرسال الأموال إلى البنك المركزي، وهددت الجماعات بوقف إنتاج النفط ومحاولة لتصدير الخام الليبي بشكل غير قانوني عبر ناقلة إيرانية.
عندما انتهى إغلاق تصدير النفط قبل عامين، أوقفت المؤسسة الوطنية للنفط تحويل إيراداتها إلى البنك المركزي، واحتفظت بها في الحساب المصرفي الأجنبي الذي يتم سداد المدفوعات إليه في البداية.
وقال نورلاند إن الولايات المتحدة تقترح آلية قصيرة المدى من شأنها أن تبني على هذا النموذج ولكن بطريقة أكثر تنظيما وبإشراف مالي أكثر شفافية وأضاف إنه سيكون لديه "شفافية كافية مع قيام كل شخص بإصدار بيانات حول ما تم تفريقه وما تم استلامه" حتى يمكن حساب أي فروق.