الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

لغة المصالح تحكم ردود الفعل العالمي على الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا

الرئيس نيوز

جاء أول رد إسرائيلي بعد أن اجتاحت القوات بأوامر الرئيس الروسي بوتين مدينتي (لوجانسك ودونيتسك في منطقة دونباس) في أوكرانيا في شكل على طلب رسمي من الحكومة الإسرائيلية إلى الجانب الروسي بحماية المواطنون اليهود في أوكرانيا وطلب إسرائيل مساعدة روسيا في إجلاء اليهود والإسرائيليين المقيمين في أوكرانيا في حالة نشوب حرب ووارتكزت الخطة الإسرائيلية لإجلاء يهود أوكرانيا على مبدأ حق العودة لليهود حول العالم، وكذلك للإسرائيليين المقيمين في أوكرانيا، من خلال إجلائهم عبر الطرق البرية، مع طلب إسرائيل بعدد بضمانات قانونية وأمنية من العاصمة موسكو لفتح ممرات إنسانية ورغم المحاولات الإسرائيلية السابقة للوساطة بين الطرفين الروسي والأوكراني لتحقيق التوازن بينهما، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين فشلوا في تحقيق أي نوع من التقارب مع الكرملين في هذا الشأن.

من بين أهم المخاوف في الشرق الأوسط بشكل عام أن هذه التطورات المتعلقة بالاعتراف الروسي بمدينتي "لوجانسك ودونيتسك" كدولتين مستقلتين، قد تؤدي إلى تصعيد المخاوف الأمنية وإضافة تهديدات جديدة ستؤثر سلبًا على صادرات القمح الأوكراني إلى المنطقة، والتي تشكل "أكبر تهديد للأمن الغذائي العالمي"، خاصة وأن معظم المناطق الأوكرانية المنتجة للحبوب والزيوت النباتية موجودة في الجانب الشرقي من أوكرانيا، وهو الجانب الأكثر تهديدًا واستهدافًا من قبل روسيا أكثر من غيره، خاصة بعد الاعتراف بـ "لوجانسك ودونيتسك" كدولتين مستقلتين، الأمر الذي قد يمهد الطريق لتصعيد الصراع واحتمال هجوم روسي محتمل وتشير التوقعات إلى أن مصر، كدولة مهمة في الشرق الأوسط، لديها احتياطيات قمح كافية لمدة خمسة أشهر، على الأقل وفقًا لموقع مودرن دبلوماسي الأوروبي المهتم بالشؤون السياسية.

وهنا، فإن أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية وروسيا في حال نشوب حرب بينهما على مصر ودول الشرق الأوسط ستكون اقتصادية بشكل أساسي، مع الاعتماد الشديد لدول الشرق الأوسط بشكل كبير على أوكرانيا إلى مستوى يحذر البعض من خطورته في حالة الحرب. وفيما يلي أهم تداعيات هذا الصراع الأوكراني الروسي على مصر والشرق الأوسط:

لم يثبت الحلفاء والشركاء في الشرق الأوسط أهمية كبيرة في الجهود المبذولة لردع روسيا عن غزو أوكرانيا، وقد يكونوا على استعداد للمساعدة على الهامش وهنا تستطيع "قطر" تحويل إمدادات الغاز من عقود طويلة الأجل في آسيا إلى السوق الأوروبية في حال استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، باعتبار أن السعودية والإمارات يمكنهما العمل على تخفيف الضغط على أسعار النفط ويمكن لإسرائيل الاستمرار في تمرير رسائل إلى الكرملين للحث على وقف التصعيد بين طرفي الصراع، بحسب ما أعلنته إسرائيل نفسها.

لكن الصمت العلني لجميع تلك البلدان في هذه الأزمة يتحدث عن الحاجة إلى الإشارة والنظر  وتحليل واقع الجغرافيا السياسية الجديدة للشرق الأوسط، فقد أصبحت روسيا لاعباً في المنطقة وملأت الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة جزئياً ووفقًا لبعض حلفاء الولايات المتحدة، تبدو موسكو أكثر ثقة من واشنطن ولا يوجد مجال للالتفاف على هذا الإحلال والاستبدال في النفوذ، بالنظر إلى حقيقة أن الصين الصاعدة وروسيا العدوانية يتطلبان المزيد من أجل مواجهتهما من قبل الولايات المتحدة.

ربما يلجأ الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تخفيف ضغطه على دول الشرق الأوسط، بدلاً من مطالبة شركائه وحلفائه في المنطقة باتخاذ موقف علني واضح وهذا يتجاوز التصريحات والإدانات حول أوكرانيا وقد تضطر واشنطن إلى المساومة مع السياسات السعودية، ومع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خاصة إذا احتاج بايدن إلى اللجوء إلى الجانب السعودي لخفض سعر النفط.

وبناءً عليه، قد يضطر بايدن إلى تبني سياسة واقعية جديدة لتحقيق مصالحه، من خلال سياسة التخلي عن الضغط على السعودية والإمارات لإنهاء حربهما في اليمن، وإفساح المجال لدعم جهودهما لردع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران وهنا، قد تضطر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاستمرار في منح إسرائيل حرية التصرف في التعامل مع التخريب الإيراني الإقليمي حتى مع عودة بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران.

 كما قد يكون التعاون الأمريكي مع مصر في غزة وليبيا أولوية للولايات المتحدة الأمريكية في تواصلها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولفت التقرير إلى أن الأزمة الأوكرانية الروسية كشفت إلى أي مدى تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، رغم الصمت الرسمي من قبل الأنظمة السياسية العربية للتعليق على هذه الأزمة ولكن التحليل والرؤية العامة للمشهد الحالي في المنطقة، ربما تشير إلى انحياز عدد كبير من الدول العربية للجانب الروسي وحليفه المقرب المتمثل اليوم في الصين لا سيما في ضوء هذه التغييرات الدولية التي تحدث.

إن الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على الشرق الأوسط بعد الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة تبرهن أن حلفاء وشركاء واشنطن في الشرق الأوسط، حتى لو كانوا متعاطفين مع أوكرانيا و ملتزمون تجاه الولايات المتحدة، ولكن في الوقت نفسه، ليس لديهم الاستعداد لاتخاذ أي مواقف معادية أو سلبية أو تحريضية ضد موسكو.

ومن أجل فهم مدى التغيير بالنسبة لأقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، وهو "إسرائيل"، في منتصف يناير، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل جولة من المشاورات الاستراتيجية وكان التركيز الإسرائيلي على طموحات إيران النووية ومدى استغلال إيران وروسيا للأزمة الأوكرانية وانشغال العالم بها لتهديد مصالح إسرائيل في هضبة الجولان السورية المحتلة كعقاب لإسرائيل كحليف ثقة من واشنطن.، في الوقت الذي بدأت فيه محاولات واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بشدة لإنقاذ اتفاقية 2015 مع إيران التي ألغاها الرئيس السابق ترامب.

والأهم هو أنه بينما تضغط إدارة بايدن لمعارضة تكتيكات الضغط التي تمارسها موسكو ضد كييف، لم تذكر المشاورات الأمريكية الإسرائيلية أي مشاورات بخصوص تأثير الأزمة الأوكرانية على إسرائيل، فحتى قبل بدء العملية العسكرية أمس الأول، ومنذ بدء تعزيز القوات الروسية منذ عام 2020، التزمت إسرائيل بسياسة الصمت المستمر، باستثناء عرض رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" للتوسط بين أوكرانيا وروسيا، وهي فكرة رفضت رفضا قاطعا من جانب موسكو.