السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مليارات القذافي المختفية.. حالة قصر لندن الراهنة تثير الأسئلة

الرئيس نيوز

لا تزال الصحافة البريطانية والغربية تواصل البحث عن ثروة النظام الليبي السابق وخاصة مع تأجج الخلافات الداخلية، ونشرت صحيفة ذي ناشيونال صورة للرئيس الليبي السابق معمر القذافي بينما يمشي أمام لوحة في مكتب رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي في بروكسل في 27 أبريل 2004، وتوفي القذافي متأثرًا بجروح أصيب بها أثناء القبض عليه بالقرب من مسقط رأسه في سرت في 20 أكتوبر 2011.

ووفقًا لعبد المجيد ملقة المسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي في تصريحاته لرويترز أسر القذافي وأصيب في ساقيه فجر اليوم الذي كان يوافق الخميس أثناء محاولته الفرار في قافلة هاجمتها طائرات حلف شمال الأطلسي، أما قصر لندن فهو العقار الذي تبلغ تكلفته عدة ملايين من الجنيهات الإسترلينية والمملوك من قبل عائلة القذافي وتقول التقارير في بريطانيا أنه قد تم الاستيلاء عليه باسم الشعب الليبي قبل عقد من الزمان.

وللقصر قصة منذ أن اقتحمه المتظاهرون الغاضبون، ومنذ اشتبكوا حول ملكيته في المحاكم ثم سرعان ما أهمله أصحابه الجدد، والمقصود هو المنزل الواقع في 7 ويننجتون كلوز، ويمكن اليوم رؤية أكياس القمامة المتكدسة والملقاة في الحديقة الأمامية وقد نبتت الحشائش الضارة في فنائه، ويقول جيران المنزل إن السكان الوحيدين للقصر منذ سنوات هم الجرذان والفئران، التي ترتع في المنزل الواقع في شمال لندن والذي يفضله المستثمرون في الشرق الأوسط كرمز للبحث عن الأصول التي نهبها معمر القذافي وعائلته وشركاؤه.

تم الإعلان عن مصادرة العقار البالغ قيمته 9 ملايين جنيه إسترليني (12.1 مليون دولار) في عام 2012 كبداية لاستيلاء الشعب الليبي على الأصول الخارجية المنهوبة التي تقدر بما يتراوح بين 40 مليار دولار و200 مليار دولار، علاوة على منزل السعدي القذافي في ضاحية هامبستيد جاردن في لندن، والذي أعيد إلى الدولة الليبية في عام 2012 بعد الإطاحة بنظام والده، ولكن مثل المنزل المكون من ثماني غرف نوم والذي ظهرت عليه إمارات الأبهة والبذخ في السابق وبه حمام السباحة وقاعة للسينما، فإن جهود استرداد الأصول الليبية تنهار ببطء.

لا يوجد سوى القليل للغاية من الأدلة التي يمكن تقديمها للمحاكم بعد الاقتتال الداخلي الذي دام أكثر من 10 سنوات، والصراع على السلطة، والأدلة المدمرة والمسارات الزائفة التي لن تؤدي إلى نتائج ملموسة فيما يتعلق باسترداد ثروة القذافي فمعظم السجلات التي تضمنت تفاصيل النهب الذي ارتكبته عائلة القذافي قد تم إتلافها أو فقدها، وفقًا لملفات بعض المحاكم البريطانية والأمريكية، ولدى المسؤولين في ليبيا القليل من السجلات التي تظهر أين ذهبت الأموال في أعقاب فرار وهرب المطلعين الذين كانوا على علم بآليات الفساد أو قتلوا أو سُجنوا، في حين أن القادة الجدد في البلاد غير مجهزين وغير مهيئين لملاحقة الثروات والأصول المنهوبة.

وكتب المحامي الليبي محمد شعبان المقيم في لندن والذي شارك في جهود استرداد قصر وينينجتون كلوز أن أموال ليبيا استخدمت في "تشحيم عجلات المراكز المالية والمضاربين العقاريين حول العالم"، وتيسير أمور عدد ليس قليلا من المضاربين، وأشارت دراسة أجراها مستشارون في منظمة الشفافية الدولية الخيرية لمكافحة الفساد عام 2016 إلى أن مسؤولي النظام الليبي السابق قد نهبوا ما بين 60 إلى 120 مليار دولار، لكن 20 مليون دولار فقط من ذلك المبلغ أعيد إلى ليبيا، تجدر الإشارة إلى أن نصف ذلك المبلغ هو عقار وينينجتون كلوز المملوك للسعدي القذافي، نجل الرئيس السابق والقائد السابق للقوات الخاصة الليبية، وتم تجميد 130 مليون دولار أخرى، ولكن الجزء الأكبر من المبلغ لا يزال مجهول المصير وكان هناك تحسن طفيف في السنوات الست التالية.

وقالت كندة حتر، المستشارة الإقليمية للشرق الأوسط لمنظمة الشفافية الدولية: "تمت استعادة بعض الأصول في بعض البلدان ولكن ليس بالقدر الذي نتمنى أن يحدث"، لقد غيرنا رؤساء الدول، لكننا لم نغير الأنظمة"، وتحدثت صحيفة ميرور البريطانية عن صندوق ليبي حكومي أخفق في مطالبة 12 مليون دولار ضد أحد معاوني سيف الإسلام القذافي، وتعثرت محاولة لتنشيط الجهود في عام 2021 مع "أكبر قضية لاسترداد الأصول في التاريخ" في الولايات المتحدة في غضون أيام من إطلاقها بسبب معركة على السلطة بين رجلين يتنافسان على قيادة البحث عن أموال القذافي.

وأمرت القاضية الأمريكية باربرا موسيس بوقف الإجراءات في يناير بسبب النزاع، منهية الجهود المبذولة لتعقب "عشرات المليارات" من الدولارات المشتبه في تمريرها عبر النظام المصرفي الأمريكي، وكان الاقتتال الداخلي داخل مكتب استرداد الأصول الليبية وإدارتها بمثابة ضربة قوية لمصالح الليبيين لأن المنظمة، التي تأسست بمساعدة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، كانت تعتبر أفضل أمل لاستعادة أي شيء كما فشلت الجهود السابقة جزئيًا بسبب الخلافات بين الوكالات الحكومية المتنافسة وصعد عدد من المحتالين على سطح الأزمة.

ووفقاً لجيمس شو، أحد كبار المسؤولين في المنظمة، فإن الدول التي تحتفظ بالأصول المنهوبة أصبحت مترددة في مصادرة الأصول الليبية وإعادتها لأنها لم تكن تعرف مع من تتعامل واتصل بها أفراد فاسدون يدعون أنهم يتصرفون نيابة عن الدولة الليبية ولكن يونيكري قال إن هناك منظمة وطنية تأسست في عام 2017 ولكنها تعاني من نقص الخبرة في الهيئات الليبية الأخرى، وحددت 54 مليار دولار من الأصول المنهوبة في الخارج.

ويعتقد يونيكري أن التقدم الذي أحرزته المنظمة تحت قيادة رئيسها أنور عارف جدير بالثناء و"ينبغي إيلاء اعتبار قوي لتمكين هذه المنظمة وتدريب كوادرها لتكون الكيان الوحيد لتتبع الأصول المنهوبة"، وكانت تلك المنظمة قد وقعت على مشروع قانون للتحقيق مع ثمانية بنوك أمريكية وطلبت استصدار أمر محكمة يجبر المؤسسات على تسليم السجلات المرتبطة بالمعاملات المالية لنظام القذافي، كما استعانت بشركة بيكر هوستلر للمحاماة الأمريكية، التي قادت السعي لمدة 12 عامًا لاسترداد أصول القذافي.

تم تجميد أكثر من 50 مليار دولار من أموال هيئة الاستثمار الليبي في الخارج بموجب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة ولا يمكن إرجاعها نظرًا لافتقار ليبيا إلى القيادة والفساد المستشري هناك، ولكن الوضع معقد بسبب طبيعة نظام القذافي، الذي استخدم وكالات الدولة كمرافق مصرفية شخصية - مما يجعل من الصعب على الوكالات أن تفكك الأصول التي نُهبت وتحديد أيها استثمارات حكومية حقيقية.

قالت برقية دبلوماسية أمريكية مسربة من عام 2009: "تظل ليبيا دولة كليبتوقراطية يكون للنظام فيها حصة مباشرة في أي شيء يستحق الشراء أو البيع أو الامتلاك"، وحاولت هيئة الاستثمار الليبية نفسها مقاضاة الرجل الأيمن المزعوم للمرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي بسبب مدفوعات خلفية مزعومة خلال الصفقات بين الصندوق والبنوك الغربية قبل سقوط النظام.