الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

إنتاج النفط والمنافسة الاقتصادية.. لماذا يخيم التوتر على العلاقة بين السعودية والإمارات؟

الرئيس نيوز

بدا أن المنطقة العربية عامة والخليجية خاصة، ستشهد خريطة جديدة للتحالفات، خاصة بعد الخلاف الذي طفى على السطح بين الحليفين التاريخيين السعودية والإمارات، وبينما تقول تقارير أن الخلاف حول كمية إنتاج النفط وفق منظمة "أوبك+" كان هو السبب الرئيس المفجر للخلاف بين السعودية والإمارات، إلا أن مراقبين يتحدثون عن جملة من الأحداث والمواقف هي التي ربما أوصلت الأمور إلى هذا الحد بين الدولتين الجارتين.
في الاجتماع الأخير عارضت الإمارات بشدة اقتراحا من تحالف "أوبك بلاس" للإبقاء على حجم إنتاج النفط اليومي (3.100 برميل)، واصفة إيّاه بأنّه "غير عادل" وقالت إنه تريد رفعه إلى (3.800 برميل)، ما تسبّب في تأجيل الاتفاق، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة عملية موازنة الأسعار في سوق النفط الخام خلال أزمة وباء كوفيد 19. 

وبحسب تقارير فإن الموقف الإماراتي يشكّل تحديا نادرا للسعودية في سوق النفط من حليف وثيق. والمملكة أكبر مصدّر للخام في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، الأمر الذي دفع وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان إلى القول إن موقف الإمارات مستغرب وأنه إذا ما كان لديها تحفظات على الاتفاق القديم لماذا لم تعلن عنه وقتها، ولماذا الآن؟
المثير للدهشة هو أن الإمارات بحسب تقارير فاجأت الجميع بطرحها، وأنها ترفض الاتفاق الحالي لإنتاج النفط، ويقول مراقبون إن الإعلان الإماراتي والخروج لوسائل الإعلام والقول به ما هو إلا محاولة للتعريف بوجود أزمة، إذ أن مثل هذه الأمور لا يتم الإعلان عنها بمثل هكذا، بل إن الوسطاء واللوبي داخل "أوبك" هم من يقومون بمهمة التنسيق، وإتمام مثل هذه الإتفاقات.

منافسة قديمة 
ويقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة غير مسبوقة لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط، مستفيدا من خبرة الإمارات الناجحة في هذا المجال، وربما هذا الطموح هو ما خلق تنافس اقتصادي على حساب الصداقة.
وتقول تقارير إن دول الخليج بينما تحاول الاستفادة قدر المستطاع من احتياطاتها النفطية الهائلة، تواجه بداية نهاية عصر النفط، والسعودية في حاجة ماسة إلى تمويل ضخم لبرنامجها الاقتصادي قبل اكتمال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وربما كان يظن السعوديون بأن الإماراتيين سيتفهمون بأنّه يتعين عليهم توفير بعض المساحة لذلك.
بدأت السعودية تنافس دبي في بعض القطاعات، خاصة فيما له صلة بالمركز الرئيسي للأعمال والخدمات في المنطقة، من خلال تطوير قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا.
في فبراير الماضي أصدرت الحكومة في الرياض إنذارا للشركات الأجنبية بأن تلك التي تسعى للحصول على عقود حكومية سيتعيّن عليها أن تنقل مقرها الإقليمي الرئيسي إلى المملكة بحلول عام 2024.

‏الخلاف الأول 
منذ منتصف العام 2019 وبدأت اليمن في اتباع سياسة جديدة نحو اليمن الذي يشهد صراعًا مسلحًا منذ العام 2015 حينما أطلقت الرياض عملية عسكرية ضد جماعة "أنصار الله" المعروفة بـ"الحوثي" وأطلق عليها وقتذاك "عاصفة الحزم".
قررت الإمارات الحليفة الأولى للسعودية في الحرب، الانسحاب من الحرب، في منتصف 2019، بعدما لعبت مع السعودية الدور الأبرز في التحالف العسكري، لتجد الرياض نفسها غارقة في "مستنقع" لا تزال تكافح للخروج منه بأقل الأضرار، كما أن المعطيات على الأرض تؤكد أن ما يسمى الجيش اليمني لا يزال يرواح مكانه ولا تقدم على الأرض على حساب الحوثيين.

الانسحاب الإماراتي لم يكن انسحابًا بالمعنى الحرفي للكلمة، بل كان إعادة تموضع، حيث تدعم الإمارات بقوة ما يسمى اليمن الجنوبي، الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أصبح فيما بعد المنافس الأكبر لسلطة عبد ربه منصور هادي رئيس الحكومة اليمنية، المدعوم من السعودية.    
بحسب تقارير صحافية كان هناك بعض الحساسية السعودية عندما خرج الإماراتيون بسرعة من اليمن. كان يأمل السعوديون بأن يكون الإماراتيون أقل عجلة وأكثر تنسيقا".
تباين آخر 
بدا أن السعودية لم تكن راضية أو موافقة على الأقل على شكل العلاقة بين الإمارات وإسرائيل، فقد  طبّعت الإمارات علاقاتها مع إسرائيل في 2020  في اتفاق توسّطت فيه الولايات المتحدة، وتوسّع في وقت لاحق ليشمل البحرين والمغرب والسودان، ولم تحذُ الرياض حذوها رغم تشجيع واشنطن.
المثير للدهشة كانت ممارسات الإمارات تجاه إسرائيل، فمنذ قررت الإمارات الإقبال على مثل هذه الخطوة وهي تسارع في إبرام اتفاقات متنوعة مع إسرائيل في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والنقل البحري.  

ربما تكون العلاقة مع قطر سبب أخر في الخلافات بين الإمارات والسعودية، فبينما تتخذ الأخيرة خطوات متسارعة في المصالحة مع قطر، يبدو ان الإمارات غير متحمسة للشيء ذاته، ودلالة ذلك هو أن العلاقات بين الإمارات وقطر لا تأخذ ذات الشكل الذي عليه العلاقات بين قطر والسعودية منذ قرار المصالحة الذي أعقب قمة العلا في يناير الماضي.
ردود فعل 
ويبدو أن موقف الإمارات في "أوبك" يزعج الرياض؛ لكون السعودية هي المنتج الأول للنفط وكذلك المصدر الأول له، لذلك فإن أي هزة في سوق النفط ستتضرر السعودية منه بشكل رئيس، وهي تريد في الوقت الحالي الحفاظ على الأسعار العالمية للنفط وهي نحو 76 دولارًا للبرميل، في ظل استمرار جائحة كورونا.
وإذا ما تمسكت الإمارات بموقفها الحالي في "أوبك" فإن هذا يعني أن سوق النفط ربما سيشهد تضخمًا في الإنتاج يأتي على حساب سعره العالمي، وهو الأمر الذي ربما يعيد صراع النفط الذي وقع بين السعودية وروسيا العام 2018.

ما يعكس أن الأمور بين السعودية والإمارات غير مستقرة، هو ما صدر عن الرياض بأنها لن تقبل بالتخفيض الجمركي للبضائع التي تم تصنيعها من قبل شركات إسرائيلية في الإمارات، وأكدت على ضرورة أن المنتج الذي سيحصل على شهادة تخفيض جمركي لابد أن تكون العمالة المحلية فيه نحو 25% بنسبة مكون محلي 40 %، الأمر الذي يعني أن البضائع التي صنعتها شركات إسرائيلية في الإمارات لن تحوز على تخفيض جمركي في الخليج.
وفي تطور اعتبر من أشكال المكايدة بين الدولتين الجارتين، نظمت الخارجية الإيرانية مراسم احتفال للقائم باعمال السفارة الإيرانية في الإمارات، فيما أفردت فضائية "العربية" مساحة هوائية للرئيس السابق لحركة حماس خالد مشعل، كما أدرجت السعودية الإمارات على النشرة الحمراء للدول الأكثر انتشارًا لفيروس كورونا، ما ردت عيله الإمارات بالمثل. 
وبحسب مراقبين فإن الخلاف بين السعودية والإمارات، لن يصل إلى حد القطيعة، وأن الأمور بأي حال من الأحوال لن تصل إلى استنساخ الفترة التي تم فيها مقاطعة قطر.