الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد فشل الحوار السياسي.. تحليل: إخوان ليبيا لا يريدون انتخابات

الرئيس نيوز

حدث ما كان متوقعا وأخفق منتدى الحوار السياسي الليبي في مهمته ونجح جانبان: فريق الراغبين في تأجيل الانتخابات وفريق يعمل على تمديد ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة وخلف الفريقين يقف الإسلاميون وجناحيهم من أمراء الحرب وأباطرة الفساد كما مني المجتمع الدولي بهزيمة لافتة اشار إليها الكاتب التونسي حبيب الأسود في تقرير نشرته صحيفة Arab Weekly، ومقرها لندن.

ورجح الأسود أن بيانات برلين الأول والثاني، وقرارات مجلس الأمن وآخرها القراران 2570 و2571 لسنة 2021، وبيان اللجنة الرباعية والخماسية، والجهود الثنائية والجماعية، والضغوط الإقليمية والدولية، وجهود البعثة الأممية كانت كلها دون جدوى.

وصار المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، يكرر مزاعم بعض القادة السياسيين بدعمهم للانتخابات، وكأن واشنطن راضية بما تسمعه في الاجتماعات الرسمية في تقييمها. ولا يمتلك الأدوات التحليلية والتدقيق الواقعي للمقاصد الحقيقية وراء هذه التصريحات. ولا ينبغي لوكالات الاستخبارات الأجنبية أن تكتفي بمجرد متابعة الأحداث عندما يُتوقع منها فحص خلفيتها وتوقع التداعيات المرتبطة بها.

وهذا أكثر خطورة لأن معظم الليبيين العاديين كانوا يتوقعون فشل المحادثات حتى قبل أن تبدأ. وجادلوا بأن منتدى الحوار لن يتفق على أساس الانتخابات، لأن هناك أحزابًا يعرفها السفير نورلاند جيدًا، لا تريد إجراء الانتخابات في موعدها، ولا أن يقول الناس كلمتهم، ولا أن تتحقق المصالحة، ولا أن تنتهِ الأزمة.

تؤكد كلمات نورلاند بما لا يدع مجالاً للشك أن واشنطن معتادة على التعامل مع المظاهر الخارجية للحياة السياسية، وليس مع العوامل العميقة الكامنة وراءها. ولا تعلم أن قرارات الليبيين لا تتخذ في اجتماعات رسمية بل في نقاشات خاصة وأن التطورات السياسية في ليبيا لا تصوغها أطراف ذات مرجعيات والتزامات عامة واضحة.

يتم تحديد الديناميكيات السياسية من خلال عوامل إقليمية وقبلية وجهوية متشابكة بالإضافة إلى الاعتبارات المالية والاقتصادية. وهم اليوم عرضة للمساومة بين أباطرة الفساد وأمراء الحرب وقادة الإسلام السياسي وأولئك الذين يرغبون في الحفاظ على امتيازات السلطة الحاكمة، ولا سيما في غرب البلاد. وتطور معظم هؤلاء اللاعبين، إن لم يكن كلهم، تحت مظلة المشروع التركي، الذي لم يكن ليتسلل إلى البلاد لولا الأضواء الخضراء الأمريكية السابقة واللاحقة.

وعندما أعلنت مهندسة خارطة الطريق ستيفاني ويليامز قائمة الأشخاص الذين اختارتهم لعضوية منتدى الحوار السياسي الذي عُقد لأول مرة في تونس في نوفمبر الماضي، كان من الواضح أنها زرعت بذور الدمار من أجل المهمة التي أوكلت إليها.

وخصصت 45 مقعدًا من أصل 75 لجماعة الإخوان المسلمين والمقربين منها. لقد جلبت عددا من دعاة الأزمات والشوفينيين الذين يعتبرون أنفسهم فوق الإرادة الشعبية للسيطرة على المنتدى. وكان المنطق انتصار جماعة على المجتمع بأسره، وأن يسود مشروع إقليمي على مصالح الوطن والدولة الوطنية. عندما كان هناك حديث عن الفساد المالي وتخصيص مبالغ ضخمة للتأثير على الناس في منتدى تونس، اكتفت الأمم المتحدة بالحديث عن تحقيق تم إخفاء نتائجه بعد ذلك حتى لو تم تسريب بعضها في يناير الماضي.

والسبب المعلن لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هو عدم رغبتها في التأثير على نتائج الانتخابات في اجتماع جنيف في أوائل فبراير ولا التصويت على الثقة بحكومة دبيبة في مارس الماضي.

وتم استقدام مبعوث دولي جديد لم يكن على دراية بالقضايا والسلطات الجديدة بدافع الماكرة السياسية والرغبة في تجنب أخطاء حكومة فايز السراج خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية والدولية. ولكن من دون محاولات واقعية لتجاوز الصراع الداخلي، حتى توحيد المؤسسات الرئيسية لم يتجاوز المناقشات ولم يتعامل مع الانقسامات الأمنية والعسكرية الناجمة عن هوة التناقضات العميقة التي اختارت حكومة الوحدة الوطنية عدم معالجتها.

وحطم فوز الفصائل الرافضة للانتخابات الاسبوع الماضي مجاديف بعثة الامم المتحدة. إذن، ما زرعه ويليامز حصده كوبيس. وخلص السفير الأمريكي إلى أن "مستقبل ليبيا في النهاية لا يقرره إلا الليبيون" ولكن ماذا بعد ذلك؟

ماذا حدث

حطم فوز الفصائل الرافضة للانتخابات الأسبوع الماضي مجاديف بعثة الامم المتحدة. إذن، ما زرعته ويليامز حصده كوبيس. وخلص السفير الأمريكي إلى أن "مستقبل ليبيا في النهاية لا يقرره إلا الليبيون" ولكن ماذا بعد ذلك؟

ما حدث كان متوقعا، فالإخوان لا يريدون انتخابات يعلمون مسبقا أنهم لا يستطيعون الفوز بها. لقد رفضوا في الماضي قبول نتائج انتخابات 2014. وقد كافأهم المجتمع الدولي بإعادة التأهيل من خلال اتفاقية الصخيرات في ديسمبر 2015. وسعى المجتمع الدولي إلى تهميش الشعب الليبي بزعم أن الأرقام التي اختاروها غير تمثيلية. كانت هناك خطة واضحة لربط الأزمة وحلها بالكيانات والأفراد بما يضمن مصالح القوى الخارجية وليس إعادة بناء الدولة وطي صفحة الماضي.

سمحت البعثة الأممية لبعض الأصوات بالتشكيك في مستوى وعي الناخب الليبي وقدرته على اختيار حكامه للمرحلة المقبلة، بهدف إقصاء شخصيات معينة من السباق لأنها لا تتناسب مع مصالح الإخوان المسلمين وحكامهم عندما لم تصل هذه الأصوات إلى أي مكان، تخلصوا من أهم مرحلة في خريطة الطريق.

انتهى اجتماع جنيف بنخب من المجتمع الدولي، التي كانت ولا تزال تجهل الوضع في ليبيا منذ عام 2011، في محاولة لدفع الأحداث ضد التيار، بطريقة لا تفيد إلا أولئك الذين يدافعون عن استمرار إقصاء الليبيين عن عملية صنع القرار.