الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تفاصيل مبادرة الكونغو الجديدة لكسر جمود أزمة سد النهضة

الرئيس نيوز

قدمت جمهورية الكونغو الديمقراطية، بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، مبادرة جديدة لحل النزاع الجاري بشأن مشروع السد الإثيوبي على النيل الأزرق؛ أهم روافد نهر النيل.

ومن أجل إحياء المحادثات التي توقفت منذ أكثر من شهر حتى الآن، قدم فيليكس تشيسكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، مبادرة جديدة بشأن النزاع حول سد النهضة الإثيوبي خلال جولة شملت مصر والسودان وإثيوبيا، وجذبت جهود الرئيس الكونغولي وتفاصيل مبادرته انتباه العديد من وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث العالمية.

والتقى تشيسكيدي بمسؤولين من الدول الثلاث في محاولة لاستئناف المفاوضات المتقطعة التي امتدت لعقد من الزمان حول السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل.

وقالت صحيفة جلوبال تايمز الكندية إن المبادرة مدعومة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتتضمن اتفاقية مبدئية قصيرة الأجل بشأن المرحلة الثانية لملء خزان السد، وتنص وثيقة المبادرة على أن إثيوبيا ستقدم معلومات عن الجداول الزمنية للملء وحجم تدفقات المياه إلى دولتي المصب.

وفي حين يقترب موعد الملء المستهدف لإثيوبيا مع بقاء شهرين فقط، وهو وقت غير كافٍ لتسوية جميع القضايا العالقة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، منصور بولاد، لموقع "المونيتور" الأمريكي إن بلاده تدرس مبادرة الرئيس الكونغولي. وأضاف أن السودان يصر على منهجية تفاوض جديدة تقوم على الوساطة الدولية.

وتدعو مصر والسودان إلى تشكيل رباعي دولي للتوسط في المحادثات يتألف من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلى جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفتها رئيس الاتحاد الأفريقي. ولكن من جانبها، تصر إثيوبيا على أن الوساطة يجب أن تقتصر على الاتحاد الأفريقي.

وفشلت جهود الاتحاد الأفريقي للتوسط في صفقة لإنهاء المأزق بشكل متكرر. ولم تسفر الجولة الأخيرة من المحادثات، التي عقدت في كينشاسا في 4 و5 أبريل 2021، عن أي حلول حيث اتهم كل طرف الآخر بعرقلة المحادثات. وبينما لم تعلق مصر بعد على خطة تشيسكيدي، أعربت إثيوبيا عن دعمها لها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي في مؤتمر صحفي يوم 8 مايو "ليس لدينا مانع من توقيع اتفاقية شاملة، لكن في الوقت الحالي نريد التوصل إلى اتفاق بشأن الملء الثاني لبحيرة السد".

وأضاف المسؤول الإثيوبي أنه ينبغي استئناف المحادثات تحت مظلة اتفاق عنتيبي الذي لا تعترف به مصر والسودان. وبعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في كينشاسا، رفضت مصر والسودان مقترحًا إثيوبيًا لتبادل البيانات حول الملء الثاني للخزان دون التوصل إلى اتفاق مسبق.
ويعتقد المراقبون أن المبادرة الجديدة المقترحة قد تسمح لإثيوبيا بفرض أمر واقع على دولتي المصب، مما يهدد سكانهما البالغ تعدادهم 150 مليون نسمة. وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الحاكم في السودان عبد الفتاح البرهان التزامهما باتفاق ملزم قانونًا بشأن ملء وتشغيل السد المتنازع عليه.

تحركات مصرية

وبحسب بيان للرئاسة المصرية صدر في 16 مايو، التقى السيسي والبرهان، الموجودان في باريس لحضور مؤتمر يركز على دعم السودان، لمناقشة ملف السد وقضايا إقليمية أخرى، حيث شددا على التوافق على أهمية قضية المياه لكليهما كمسألة تتعلق بالأمن القومي.

وعلى هامش المؤتمر نفسه، التقى السيسي والبرهان أمس الاثنين مع الرئيسة الإثيوبية ساهلي وورك زودي لمناقشة ملف السد. وتخطط أديس أبابا لملء سد النهضة في موسم الأمطار المقبل في يوليو وأغسطس بـ13.5 مليار متر مكعب إضافية، بغض النظر عما إذا تم التوصل إلى اتفاق.
وأعلنت إثيوبيا في عام 2020 أنها أكملت من جانب واحد المرحلة الأولى من الملء إلى 4.9 مليار متر مكعب، مما أغضب مصر والسودان. تسعى دولتا المصب إلى اتفاقية ملزمة قانونًا بشأن ملء السد وتشغيله، بما في ذلك آلية فعالة وملزمة لتسوية النزاعات المستقبلية. ومع ذلك، تريد إثيوبيا اتفاقًا يتضمن مبادئ توجيهية غير ملزمة.

تتعلق القضايا الفنية العالقة بشكل رئيسي بتشغيل السد خلال سنوات الجفاف، عندما تنخفض كمية المياه التي تطلقها إثيوبيا إلى مصر والسودان.
ووصف أحمد المفتي العضو السابق في وفد السودان لمفاوضات سد النهضة المبادرة الكونغولية بأنها كارثية ودعا السودان ومصر لرفضها. وقال المفتي لصحيفة جلوبال نيوز: "إن الحجة القائلة بأن الوقت ينفد غير صحيحة.

وأشاد الخبراء برفض دولتي المصب المستمر لأي اتفاق جزئي وإصرارهما على اتفاق شامل وملزم رغم الضغوط الدولية.
ربما تمكنت إثيوبيا من الترويج لرؤيتها حول السد داخل مراكز الأبحاث الأمريكية بفضل دعم ومساعدة من إسرائيل، التي لها مصلحة إستراتيجية في الحد من قدرات مصر في المنطقة، وستكون مياه النيل واحدة من أكثر الأدوات البارزة في هذا الصدد.

المبعوث الأمريكي

قام المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان بجولته الأفريقية الخاصة من 4 إلى 13 مايو، وهي الأولى له منذ تعيينه في أبريل. عقد فيلتمان اجتماعات مع مسؤولي الحكومات الثلاث مع تزايد المخاوف من تصعيد عسكري يمكن أن يشعل المنطقة المضطربة بالفعل.

أما الرئيس السيسي، فقد حمل إثيوبيا صراحةً مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق. وخلال لقائه مع فيلتمان في 5 مايو، قال إن قضية السد هي قضية وجودية بالنسبة لبلاده، التي لن تقبل أن تتضرر فيما يتعلق بحصصها من المياه ولن تسمح بتضرر مصالح الناس. ودعا السيسي المجتمع الدولي لتحمل مسؤولية حل الأزمة وقال إن للولايات المتحدة دور حيوي تلعبه في هذا السياق.

في 12 مايو، التقى السيسي برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على هامش قمة إفريقيا في موسكو، حيث ورد أنه نقل رسالة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن السد.

بعد جولة فيلتمان الأفريقية، حثت الولايات المتحدة في 14 مايو على استئناف المفاوضات بوساطة الاتحاد الأفريقي بين مصر وإثيوبيا والسودان. وبحسب بيان صحفي، قالت الخارجية الأمريكية إن "مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي وسلامة وتشغيل السد يمكن التوفيق بينها وبين احتياجات إثيوبيا التنموية من خلال مفاوضات جوهرية وموجهة نحو النتائج بين الأطراف تحت قيادة حكومة السد. الاتحاد الأفريقي الذي يجب استئنافه على وجه السرعة ".

وجاء في البيان أن "الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة".

ويرى المراقبون أن الولايات المتحدة لا تعير الأزمة اهتمامًا إلى درجة الاستعجال التي تستحقها، وأن تركيز فيلتمان الأساسي لم يكن موضوع سد النهضة ولكن: ملف الصراع في منطقة تيجراي الإثيوبية والتوترات بين السودان وإثيوبيا حول المنطقة الحدودية المتنازع عليها. ويدعو الخبراء مصر والسودان إلى تقديم اقتراح مضاد لاستئناف المفاوضات، داعين إثيوبيا إلى تأجيل ملء المرحلة الثانية.