الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"ماذا يريد أردوغان الآن؟".. خبير سياسي يوضح ما فعلته الدولة العثمانية في ليبيا

الرئيس نيوز

علق رئيس اللجنة التسيرية لـ"تكتل المجتمع الديمقراطي" الليبي، الدكتور سليمان المزيني بشأن التدخل التركي وتصريحات رئيسها عن ليبيا قائلاً: "هل يريد أردوغان أن يعيد ليبيا إلى عصر الولاية التركية مرة ثانية من منظور أن التاريخ يعد نفسه؟".

 وأضاف المزيني، في تصريحات لموقع "الرئيس نيوز": "لا بد من استحضار التاريخ لكي نستطيع أن نقدم إجابة منطقية وواقعية حول الموقف التركي الحالي من الأزمة الليبية استناداً على المسار التاريخي للعلاقات التركية الليبية على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية التي كانت تجمع الطرفين قديمًا وحديثًا".

وأوضح: "يعد حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان من بين العديد من الأحزاب التركية التي يدعي أن توجهه  إسلامي وقد وصل هذا الحزب إلى الحكم في مطلع عام 2000، ومنذ وصوله إلى السلطة حاول الرئيس التركي أن ينفرد بالسلطة وأن يقصي كل من حوله لكي يتمكن من فرض سياسة الاستبدادية على المجتمع التركي حيث استطاع أن يغير الدستور من النظام البرلماني حيث  رئيس الدولة له سلطة محدودة إلى نظام  رأسي يحظى فيه الرئيس بسلطات واسعة، كما قام بإقصاء وابعاد الكثير من كبار الجيش من مناصبهم وذلك بتدبير انقلاب عسكري مزعوم في 2016، استطاع من خلاله سجن الآلاف من كبار الضباط والجنود ومن ثم عزلهم من المؤسسة العسكرية".

أكد "المزيني": " المؤامرات والدسائس لم تقتصر على "أردوغان" والمؤسسة المدنية فقط، ولكن تاريخ تركيا يشهد الكثير من المآسي  حتى من جانب المؤسسة العسكرية نفسها حيث كان للجيش التركي الدور البارز في الحياة السياسية في الماضي والحاضر في تاريخ تركيا، وذلك منذ تأسيس مصطفى كمال أتاتورك جمهوريته العلمانية مطلع القرن العشرين الذي تخلى فيها عن كل ما كان يربط الإمبراطورية العثمانية بالعالم العربي والإسلامي، فقد منع "أتاتورك" الآذان في المساجد التركية وألغى ما كان يعرف بحكم الخلافة الإسلامية التي كانت تسيطر بها الإمبراطورية العثمانية على عقول العرب والمسلمين، كما تم إغلاق العديد من  المدارس والمعاهد الإسلامية التي كانت منتشرة في تركيا، ومن هنا سيطر ما يسمى بالنهج العلماني على الدولة التركية منذ تولي "أتاتورك" السلطة في تركيا فيما كان يعرف بحكم "العلمانية"، أي فصل الدين عن الدولة ومن ثم تحولت تركيا إلى دولة بعيدة كل البعد عن العالم العربي والإسلامي وتصرفت مؤسساتها بشكل أبعدها تماماً عن هويتها الإسلامية حيث حاول حكامها تطبيق المفاهيم والتشريعات الغربية في محاولة لضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ولكن كل تلك المحاولات فشلت في إقناع الاتحاد الأوروبي بالموافقة علي ضم تركيا إلى يومنا هذا".

وأشار "المزيني" إلى أن تركيا فشلت عبر تاريخها القديم والحديث أن تقيم علاقات سليمة ومستقرة على المستويات كافة سواء مع الشرق أو الغرب، هذا وقد حكمت هذه الإمبراطورية العثمانية  الفاشلة العرب لأكثر من "أربعمائة سنة" دون أن تحقق المجتمعات العربية أي نهضة حضارية أو صناعية، وكل ما ورثته هذه الشعوب هو الفساد والتخلف الذي سيطر على حكام وممالك هذه الإمبراطورية المزعومة وليبيا ايضا كانت من بين ضحايا هذه الحقبة التركية المظلمة في التاريخ العربي وقد دخلها الأتراك عام 1551 بعد ما حاول فرسان القديس يوحنا احتلالها.

وتابع: "حكم الأتراك ليبيا كغيرها من البلاد العربية الأخرى بطريقة حكم فاشي متخلف، فقد أثقلت السلطات التركية كاهل الليبيون في تلك الحقبة بالضرائب التي كانت تعرف بالميري حيث كان الليبيون مجبرون على دفعها وهم في تلك الفترة فقراء لا حول لهم ولا قوة ولايملكون ثروات تذكر إلا الأغنام والإبل أو بعض المنتجات الزراعية،  كما اعتمد الأتراك في حكم ليبيا على سياسة فرق تسد بين أبناء الشعب الليبي الأمر الذي أدى إلى إثارة الفتن بين القبائل الليبية وقد نتج عن ذلك عدة حروب أهلية بين القبائل والمناطق الليبية هذا ولم تعرف ليبيا بفعل هذه السياسة الميكافيلية التركية.

وتساءل رئيس اللجنة التسيرية لــ"تكتل المجتمع الديمقراطي" الليبي:" أي نوع من الاستقرار أو التنمية يمكن أن يستفيد منها الليبيين وهم يعانون من التخلف والفقر بفعل الحكم التركي، وبدلاً من أن تكافيء الحكومة التركية الشعب الليبي على صبره على حكمها والضرائب التي كان يدفعها للخزينة، اختتمت الحكومة التركية حكمها الفاشل بتسليم ليبيا إلى الإستعمار الإيطالي بعدما وقعت اتفاقية "لوزان" مع ايطاليا التي بموجب هذه الاتفاقية المذلة تنازلت عن ليبيا لإيطاليا عام "1912".

وشدد "المزيني" أن تركيا اليوم تحت حكم "أردوغان" تحاول أن تستعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية الفاشلة وذلك من خلال تدخلها في سوريا عسكرياً بحجة حماية أمنها والحقيقة أنها تريد القضاء علي التواجد الكردي على حدودها.  اختتم "المزيني": "هاهو أردوغان يتحدث بكل وقاحة عن ليبيا وأزمتها وكأنها ولاية تحت حكم وسيادة تركيا ويريد أن يعطي لنفسه الشرعية بتدخله العسكري في ليبيا، مؤكداً أنه يجب على الرئيس التركي أن يعرف أن تدخل بلاده في ليبيا مرفوض من كافة مكونات الشعب الليبي في الغرب والشرق والجنوب وحتى من قبل المجتمع والمنظمات الدولية، بخاصة الأمم المتحدة التي أعربت عن رفضها للتدخل التركي في ليبيا، كما أن ما يسمى بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج لا يملك شرعية دستورية لتوقيع اتفاقية مع تركيا، ومن هنا فإن الاتفاقية التي تم توقيعها ليس لها أي أثر قانوني وأن السلطة التشريعية متمثلة في مجلس النواب هي المخولة  دستورياً في ليبيا بإجراء مثل هذه الاتفاقيات، مشيراً إلى أنه من الناحية الواقعية فإن ما يسمى بحكومة الوفاق لاتسيطر إلا على "20%" من الأراضي الليبية، وأن الجيش الوطني يسيطر الآن على "80%" من الأراضي الليبية وأن الجيش قادر على حسم المعركة والقضاء على باقي المجموعات الإرهابية  والمليشيات الاجرامية التي اختارت بعد هزيمتها وانهيارها أن تحتمي بتركيا.