الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

«الرئيس نيوز» يحقق في أسباب غياب الدراما التاريخية الدينية.. نقاد يضعون «روشتة العودة للمنافسة عربيًا» (1-2)

الرئيس نيوز

تشهد الدراما المصرية حالة من الغياب التام عن تقديم الأعمال التاريخية، ذات الطابع الديني؛ منذ سنوات طويلة، بعد أن كانت مصر رائدة في هذه النوعية على مدار تاريخها الدرامي؛ ما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات على صناع الدراما من منتجين ومؤلفين ومخرجين، إضافة إلى الفنانين الذين قدموا هذه النوعية من الأعمال، وبعض كبار النقاد.

 "الرئيس نيوز" يفتح هذا الملف، للبحث عن أسباب غياب هذه النوعية من الأعمال التاريخية الدينية، والسبل التي تجعلنا نعود لإنتاجها مجددا؛ في ظل وجود منافسة قوية، خصوصًا بعد دخول سوريا وتركيا والخليج بأكمله إلى عالم الدراما التاريخية الدينية، خلال السنوات الأخيرة.

كتاب ونقاد يتحدثون عن الأسباب ويضعون روشتة العودة للمنافسة

قالت الناقدة ماجدة موريس: "السبب الرئيسي لغياب المسلسل الديني، يرجع لارتفاع تكلفته الإنتاجية، خاصة أن هذه النوعية من الأعمال ترصد مرحلة تاريخية، ويجب على صناع العمل أن يوفروا كافة الإمكانيات في الديكورات والشكل لكي يتلائم العمل مع الواقع ويكون مقنعا للمشاهدين".

وأضافت أن هناك أيضا عوامل أخرى تتسبب في خوف المنتجين، وصناع الدراما من تقديم هذه الأعمال، أبرزها الموافقات الرقابية وخوف المؤلفين من مواجهة الجمهور، في حال تقديم المؤلف لرؤيته الخاصة، وعدم توافق ذلك مع قناعات المشاهدين.


تابعت موريس: "المسلسل الديني يجب أن يقدم بمستوى عالي لأن المشاهد لن يقبل رؤية مسلسل ديني على طريقة (محمد رسول الله) التقليدي، وكان يقدم المسلمين في صورة هزلية والكفار هم في حالة جيدة طيلة الوقت، لاسيما أن الديكورات كانت ضعيفة"، موضحة: "استكفينا من المسلسلات ضعيفة المستوى، وإذا أردنا تقديم أعمالا جديدة يجب أن تكون بنفس مستوى مسلسل (عمر) الذى أنتجته السعودية، ومستوى المسلسل التاريخي (ممالك النار) الذي قدمه الفنان خالد النبوي، مؤخرا من إنتاج إماراتي".


وأشارت إلى أن العصر الحالي يتطلب تقديم مسلسل ديني متطور في كل شىء، مثلما قدمت مسلسلات دينية في السنوات الماضية في الخارج، وحققت نجاحا كبيرا، مثل المسلسل الإيراني "يوسف الصديق"، مؤكدة أن الأمر يتعلق بمن يتحكم في الإنتاج الدرامي وخطته.

الغياب الإنتاجي للتليفزيون المصري

في السياق نفسه، أكد المؤلف أيمن سلامة، أن الأمر يرجع لأن انتاج هذه النوعية من المسلسلات كانت مهمة التليفزيون المصرى، ولم يكن مهتما وقتها بالربح أو الخسارة بقدر اهتمامه أن تكون هناك استراتيجية لأفكار درامية لابد أن تتم.

 وأضاف أن هناك معايير يضعها مجلس أمناء اتحاد الاذاعة والتليفزيون، بناء على تقارير من أجهزة وطنية سيادية والمجالس القومية المتخصصة، التي كانت تطالب الإعلام وقتها بضرورة التحدث في هذه المسلسلات عن قضايا هامة مثل الطلاق والزواج والقضايا الاجتماعية الموجودة حينها، والتي ظهرت مؤشراتها من خلال المجالس القومية المتخصصة.

وتابع سلامة: "اليوم لا يوجد قطاع الإنتاج، مما أدى لارتباط الإنتاج الدرامي بالإعلانات، وأصبح المنتج يقدم مسلسله للقناة وهي تجلب الإعلانات عليه بمردود مالى سريع، وغالبا المسلسل الديني لن يجلب الإعلانات لذلك اختفى من حياتنا المسلسل الديني منذ سنوات"، مؤكدًا أن الأمل يمكن أن يكون في شركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" التي تحاول تقديم مسلسل ديني في شهر رمضان هو "سيف الله خالد بن الوليد"، خصوصًا أن إنتاج هذه النوعية من المسلسلات الدينية، يدخل في إطار دور الدولة ومؤسساتها، وهي أعمال يتعلق بها الجمهور المصري لسنوات طويلة.


تحدث الناقد محمد الصناديلي عن الأمر، قائلا: "صناعة الدراما أصبحت للأسف مع الوقت سلعة وبيزنس في شهر رمضان.. لذلك لم يعد يشغل الصناع تقديم الجانب المميز في أجواء رمضان ويشغلهم فقط الاستفادة المادية"، مضيفًا: " المسلسلات السورية حينما اتجهت لهذا الجانب من تقديم مسلسلات تاريخية ودينية قدمت أعمال رائعة على مستوى الإخراج والكتابة والتمثيل، وكانت وجبة درامية يحتاجها الجمهور، لأنه كان مشتاق لها سواء المسلسلات التاريخية أو الدينية، أي أن أحد أسباب غياب الدراما الدينية في مصر يرجع لعوامل تسويقية مختلفة".

تابع الصناديلي: "قطاع الإنتاج والتلفزيون المصري كان جهة إنتاج هامة لنوعية هذه المسلسلات، التي تتطلب ميزانية ضخمة جدا فيما يخص الأزياء والديكور، لذلك عزف عنها منتجو القطاع الخاص خوفا من الخسارة المادية للعمل، لاسيما أن مدينة الإنتاج توقفت عن إنتاج هذه الأعمال الدينية والتاريخية".

وأوضح: "يجب أن تعود نوعية هذه الدراما التي يهتم بها قطاع من الجمهور، وقدمها نجوم كبار مثل الراحل نور الشريف، حينما قدم عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد، لأنه كان يفهم قيمة هذه الأعمال التاريخية والدينية، التي تساهم في زيادة وعي المشاهدين في فهم ومعرفة تاريخهم".


 ارتفاع التكاليف وصعوبة التجهيزات

من جانبه، يقول الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: "الدراما التاريخية تحتاج إلى تكاليف مادية مرتفعة جدا خاصة في التجهيزات ومواقع التصوير والأعداد المطلوبة، وتحتاج أيضا جهد كبير"، مشيرًا إلى أن هناك توجه في الفترة القادمة لإنتاج هذا النوع من الدراما، وأن قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري قدم أعمالا خالدة، في هذا النوع من الدراما خلال سنوات عمله.

واقترح مرسي، إنتاج أعمال درامية مشتركة مع شركات عربية، أو قطاع خاص بأقل التكاليف، مؤكدا أن هناك مواهب كثيرة لديهم المقومات اللازمة للإنتاج الدرامي التاريخي مثل اللغة العربية السليمة والآداء الجيد، وحول ارتباط الدراما التاريخية بالدراما السورية مؤخرا.


 وتابع: "كان هناك منافسة بين مصر وسوريا، في هذا المجال في فترات سابقة، وحاليا توقفت مصر وانفردت سوريا ومن بعدها الخليج وتركيا وإيران بهذه النوعية من الدراما"، مضيفًا: "مصر كان لها سوق كبير عربيا في هذا النوع من الدراما، خاصة أن الأعمال الدرامية التاريخية تترك أثرا ثقافيا عميقا في وجدان المشاهدين، كما تشكل عقل ووجدان أمة، وله عائد كبير أيضا".