الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد عبد العزيز يكتب:لماذا ترفض الأحزاب قانون المحليات؟!

الرئيس نيوز

"إن الدولة العميقة مجموعة من الأِشخاص والسياسات تحاول أن تقف أمام كل إصلاح ونمو لأي نظام قائم، وتظهر دائما عقب الثورات، من يقاوم إصدار قانون الإدارة المحلية هي الدولة العميقة بالمحليات، طالما لا يوجد محليات يدهم مطلقة، هؤلاء هم أنفسهم من وضعوا العقوبات أمام قانون التصالح في مخلفات البناء، بقالنا 9 سنوات من غير محليات".

هذه الكلمات لم تكن لقيادي في المعارضة، أو  تدوينة لأحد الشباب المتحمس على وسائل التواصل الاجتماعي، ستدهش حينما تعلم أن قائل العبارات الماضية هو رئيس السلطة التشريعية بنفسه، الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب المصري، وفي جلسة عامة من جلسات المجلس بتاريخ ٢٣ ديسمبر ٢٠١٩م، حين ضاق ذرعا من ما اعتبره فيما يبدو "تعطيلا متعمدا" من حزب الأكثرية البرلمانية مستقبل وطن وأحزابا أخرى انضمت إليه في رفض قانون الإدارة المحلية، والحجة التي صاغوها بالطبعلها وجاهتها، إن كانت - فعلا – هي السبب لرفضهم القانون وطلبهم تأجيله، حيث أشار ممثلي الأحزاب الرافضة للقانون بوجود عوار دستوري في المشروع المقدم، وبالتأكيد لا أحد يريد قانونا به عوارا دستوريا خاصة في ملف هام مثل انتخابات المجالس المحلية، لكن حين يقول رئيس البرلمان نفسه هذه الكلمات فإن الأمر قد يبدو ليس كما يجري تصويره من أزمة عدم دستورية القانون، حيث أنه - وبحسب علمي - لم يتقدم أي من هذه الأحزاب بمشروع قانون آخر، سواء من حزب الأكثرية أو أحزاب الأقلية، ولم أجد حتى تصريحا واحدا يفيد بإجابة لسؤال ما هي النقاط التي تمثل عوارا دستوريا في المشروع المعروض؟!، إذ ربما نحاول المساعدة لبحث حلولا دستورية لتلك النقاط مثلا !

يقول البعض أن الأمر برمته ليس أكثر من حجة لتعطيل هذا القانون لعدة أسباب، منها عدم جاهزية هذه الأحزاب لخوض الانتخابات المحلية على الأرض، وخشيتهم من انكشاف جماهيري حقيقي، حيث تمثل المحليات العصب الرئيسي في البناء التنظيمي سواء للدولة أو حتى على المستوى الحزبي، فمؤسسات الدولة الدستورية لا تكتمل إلا بمجالس محلية منتخبة قادرة على المساهمة في حل المشكلات المحلية، والمساهمة في الخطط المحلية للتنمية، والرقابة على ميزانيات الوحدات المحلية، وكذلك العمل الحزبي المؤسسي الحقيقي لا يكتمل إلا بقدرة الحزب على التنظيم محليا، وبالتالي فإن "هروب" بعض الأحزاب البارزة على الساحة، من فكرة إجراء الانتخابات قد تبدو عدم جاهزية للأمر برمته، ربما قد يكون في الأمر كذلك خوف من التغيير، حيث أن الدستور يتوسع في صلاحيات المجالس المحلية ويرفع كفاءتها وسلطاتها، مما يبشر ببناء نظام جديد لإدارة الدولة محليا، وبالتأكيد فإن فكرة التغيير والتحديث الإداري في حد ذاتها فكرة يخشى منها كل أصحاب الفكر القديم، وتخشى منها البيروقراطية وشبكات المصالح كذلك، أو ما أطلق عليه السيد رئيس البرلمان "الدولة العميقة في المحليات"، ومن هنا ينبغي إدراك خطورة لحظة بناء نظام جديد للإدارة المحلية، وأن خروج هذا القانون للنور وإجراء الانتخابات أمر حتمي في النهاية، والتأجيل لم يعد ذي جدوى، فليبدأ الآن قبل الغد حوارا جادا ينتهي بمحددات واضحة، إن كان الأمر عدم دستورية القانون فنغيره، وإن كانت هناك شبكات للمصالح تعيق صدوره، فلنواجه ذلك معا لبناء الدولة المدنية الدستورية الحديثة، فالهروب بالتأجيل لا يفيد بأي شيء في النهاية !