السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف خاطب السيسي العالم؟.. تحليل حديث الرئيس الخارجي في 7 سنوات

الرئيس نيوز

مع تولي عبد الفتاح السيسي منصب رئيس الجمهورية، وكسره حاجز الصمت بينه وبين الشعب، وجهت انتقادات قاسية حول خطابه الارتجالي الذي يتحدث فيه بأريحية وبعبارات تلفقتها ماكينة السوشيال ميديا بالسخرية تارة وبالنقد مرات.

بعض الناصحين أوصوا بضرورة تلقى السيسي "كورسات مكثفة" فى الخطابة، فخطاب الرئيس جزء أصيل من بناء صورته الذهنية لدى الجمهور سواء المحلي أو الدولي، وهي النصيحة التي لم تلق قبولا لديه، فقد شعر بعدم ارتياح لوضع حواجز خطابية مفتعلة بينه وبين جمهوره من الناس، واعتاد أن يلقى الكلمات البروتوكولية المكتوبة، قبل أن يزيح الأوراق جانبا ويبدأ في الحديث "باللهجة العامية".

مع مرور الوقت أصبحت لغة الجسد والخطاب للسيسي أكثر انضباطا، مع تضاعف مرات ظهوره وتعدد كلماته التى باتت بشكل شبه أسبوعي خلال افتتاحات المشروعات أو الجولات التفقدية، أصبح السيسي أكثر ارتياحا أمام الكاميرا سواء في حواره مع المسئولين الحاضرين أو خلال كلماته الموجهة إلى الشعب، ليمازح الحاضرين أو الجمهور الذى يتابعه أمام شاشات القنوات.

وأصبحت لغة الخطاب الدولى لغة أكثر رقيا، مدعومة بنغمة أكثر وضوحا  وتطرح وجهة النظر المصرية فيما يتعلق بالشأن الإقليمي بشكل أكثر قوة، وأقل موائمة.
كما جاهر الخطاب المصرى على لسان السيسي بأن الحلول فى إفريقيا لابد وأن تكون أفريقية أفريقية.   
مع أحداث 30 يونيو 2013، اتخذت دول غربية موقفا متشددا مما يدور من أحداث شككت فى حقيقة ما يحدث من كونه بإرادة شعبية أو مدعومة عسكريا، الأمر الذى وضع مصر تحت وطأة دولية  انعكست فى الخطاب المصرى الذى حمل على كاهله عبء الدفاع عن حقيقة ما وقع من أحداث.

إلا أنه بعد مرور 6 أعوام كاملة أعيد فيها انتخاب السيسى لدورة رئاسية ثانية  بإرادة شعبية وبمتابعة دولية، فإن أولويات الخطاب المصرى قد تغيرت، وارتفعت نغمة الندية فى  خطاب السيسى فى مواجهة الخطاب الغربى. وقد ظهر ذلك فى عدد من مقابلات السيسى بشبكات غربية، أبرزها لقاء بثته شبكة سي بي إس الأمريكية، وتساءل مقدم البرنامج عن السبب وراء عدم القضاء على المتشددين في سيناء رغم تلقي مصر مساعدات عسكرية أمريكية بقيمة مليار ونصف دولار، فأجاب السيسي بسؤال قائلا "ولماذا لم تستطع الولايات المتحدة القضاء على الإرهاب في أفغانستان طوال 17 عاما أنفقت فيها تريليون دولار أمريكي".
وفي مطلع العام الحالي أثناء المؤتمر الصحفى المشترك للسيسى ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، رد السيسى على الانتقادات حيال أوضاع حقوقية فى مصر، قال الرئيس السيسي "نحن لسنا كأوروبا ولسنا كأميركا".
وأضاف موجها حديثه لصحافي فرنسي سأله عن حقوق الانسان "لا تنسى أننا نتحدث عن منطقة مضطربة ونحن جزء منها". ووجه السيسي سؤالا الى الصحافي الفرنسي قائلا "ماذا كنتم تستطيعون أن تفعلوا لنا لو أن حربا أهلية قامت في مصر؟".
وتابع أن "القضايا في مصر مختلفة تماما عن (الطريقة) التي تفكرون فيها".  وقال الرئيس "أنتم مطالبون بأن ترونا بالعيون المصرية وليس بالعيون الأوروبية".

الدكتور محمد سعد إبراهيم أستاذ الصحافة، قال إن هناك ملاحظة جوهرية يكشفها تحليل الخطاب السياسي للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الـ7 سنوات الأخيرة خارجيا، فقد ركز في أعقاب 30 يونيو على معالجة أزمة الشرعية السياسية وتصحيح الصورة من خلال تأكيد استجابة الجيش لإرادة الملايين. وارتبط هذا الخطاب بإزالة المخاوف والشكوك الغربية وإعادة دمج مصر في النظام الدولي من خلال الربط بين الدور المصري في مكافحة الإرهاب بالتوجه الأمريكي الأوروبي لوصم الإسلام السياسي بالإرهاب وهكذا تماهي الخطاب الرئاسي في تحذيره من فوبيا الإخوان تلك الجماعة الإرهابية من عبائتها مع الخطاب الغربي المروج لفوبيا الإسلام السياسي.
وتطور الخطاب بعد الولاية الثانية ومع التقارب والاندماج في النظام الدولي وترحيبه بالدور المصري في مجابهة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في منظقة الشرق الأوسط وهنا يبرز خطاب جديد يؤكد تصدر مصر لمجابهة الإرهاب نيابةً عن الغرب والعالم.
ويتزامن هذا الخطاب الجديد مع سلسلة من العمليات الإرهابية خلفت آلاف الشهداء والمصابين من ضباط وجنود الجيش والشرطة الأمر الذي عزز كثيراً من مصداقية الخطاب وألقى بظلاله على الحملات الانتقادية لملف حقوق الإنسان المصري.
ويختلف الأمر مع حقوق الإنسان في نغمة الخطاب ومفرداته فيركز الخطاب الرئاسي على خصوصية الحالة المصرية ورفض تلقي الدروس والتوجيهات من الغرب ومنظماته، فالحق في السكن والصحة والتعليم والأمن لا يقل أهمية عن الحقوق والحريات السياسية، غير أن الخطاب الإنساني الذي تعوزه الحقائق وتفنيد ما يذاع عن عدد المعتقلين وحالات الاختفاء القسري لم ينجح في تصحيح الصورة بالقدر الذي نجح به الخطاب المتعلق بالإرهاب.
وبوجه عام، فإن ما حدث من تطور إيجابي كبير في العلاقات المصرية الأمريكية والمصرية الأوروبية قد تجاوز بكثير تهافت خطاب حقوق الإنسان، لتتراجع نبرة النقد الرسمية وتنسحب لأورقة المنظمات الحقوقية الدولية وتبقي الصورة علي ما هي عليه كلما صدر بيان أو تقرير جديد، الا أن لغة المصالح المشتركة أسهمت إلى حد كبير في إزالة العديد من المخاوف والشكوك وتهدئة نبرة النقد لحالة حقوق الإنسان.