الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد اتساع الفجوة بين حماس والجهاد.. غزة على أبواب معاناة جديدة

الرئيس نيوز

يعاني قطاع غزة، منذ انتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 وبداية الخلاف بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عام 2007 وسيطرة الأخيرة على القطاع، من ويلات الفقر والاكتظاظ السكاني إضافة إلى حصار جوي وبري وبحري خانق فرضه الاحتلال، فضلاً عن الكثير من الاحتجاجات التي يخللها مواجهات دامية مع إسرائيل. 
واستكمالاً لمسلسل المعاناة الذي يعشه قطاع غزة، ظهر في الآوانه الأخيرة انقسام واضح بين حركة "حماس" حاكمة غزة بلا منازع، وحركة الجهاد الاسلامي، ثاني أقوى قوة في القطاع.
هذا الاتقسام اتضح أكثر مع المعطيات التي صاحبت التصعيد العسكري الذي حدث في غزة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي عقب اغتيال جيش الاحتلال للقيادي البارز في سرايا القدس الجناح العسكري لحركو الجهاد، بهاء أبو عطا في شهر نوفمبر الماضي.
وية  مراقبون أن الاحداث الاخيرة في القطاع لم تكن أكثر من محطة كاشفة وليست منشئة لهذا الانقسام والتباين في الأهداف الإستراتيجية لكل من حماس والجهاد، حيث أن كلا من الحركتين له أجندته الخاصة والتي تتعارض في كثيراً في أهدافها مع  الطرف الآخر.
مدير تحرير مجلة مختارات إسرائيلية، والخبير الشئون الفلسطينية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، محمد جمعة قال لـ"الرئيس نيوز"، "جذور الانقسام والخلاف موجودة من فترة ليست قصيرة، ولكنها بدت ظاهرة للعيان بعد تعرض القيادي الحمساوي محمود الزهار للإهانة والطرد القسري أثناء حضوره  لتقديم العزاء في أبو العطا، مشيرا إلى أن الحركتين تحاولان إظهار أنهما تقتربان من بعضها البعض، كما بدا هذا أثناء محادثاتهما بالقاهرة أوائل ديسمبر الجاري، وتختزل خلافاتهما بوصفها تعبيرا عن الاختلافات المشروعة في الرأي بين منظمتين ذات هدف مشترك، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى وضع حد للتوتر بين الطرفين أو يُنهى الاحتكاك بين عناصرهما على الأرض.
مضيفاً: "الثابت أن حماس لديها قابلية لإبرام هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل تتزايد يوما بعد الآخر، وهذا يؤدي إلى تعميق الخلافات بينها وبين الجهاد التي ما تزال ترفض الحل المرحلي، وترفض أيضا المشاركة في السلطة، فضلاً عن أن التصاعد المستمر في قدرات حركة الجهاد يُترجم دائما لصالح محاولة قيادة "الجهاد" تكريس اتباعها لمسار مستقل عن حماس وتحديها أيضاً، خاصة فيما يتعلق بتفاهمات التهدئة مع إسرائيل، وعلاقة حماس بالفصائل الأخرى في القطاع.
ويرى المؤرخ الفلسطيني، عبدالقادر ياسين، أن هناك تباين في الأهداف الإستراتيجية لكل من حماس والجهاد الإسلامي، وأضاف قائلاً: لأول مرة منذ فك الارتباط بين إسرائيل والقطاع في عام 2005، لم تُحمِل إسرائيل "حماس" المسئولية عن إطلاق الصواريخ من القطاع خلال شهر نوفمبر الماضي، وإنما ركزت فقط على حركة الجهاد الإسلامي. واللافت أيضاً عدم انخرط حماس وجناحها العسكري "القسام" في المواجهات علي الرغم من استمرار التصعيد والقصف المتبادل بين اسرائيل وغزة لأكثر من 48 ساعة والأدهش أن تقف حماس موقف المراقب لما يحدث.
وتابع ياسين: "حتى وقت قريب كانت الحركتان قادرتين على احتواء الخلاف بينهما من خلال تكاملهما في الرد على العدوان الإسرائيلي، لكن مؤخرا بدا أن التناقضات بين الطرفين تتعمق، فبينما تنظر حماس إلى استخدام التصعيد العسكري كوسيلة لتحسين شروط التهدئة مع إسرائيل وتأمين تدفق الأموال القطرية، وكلاهما يعزز مواقع وحسابات "حماس" في السلطة، تنظر الجهاد إلى التصعيد مع الاحتلال من منظور مختلف.
واستطرد ياسين: هذه الدلائل والمعطيات غير المسبوقة تشير بوضوح إلى التطور الحادث في العلاقة بين حماس والجهاد، مشددا على أن حماس صارت ترى حركة الجهاد تهدد سيناريوهات "التصعيد" و"التهدئة" وصارت تزاحم حماس كحاكم فعلي ووحيد في غزة يتصدر معسكر المقاومة. لافتاً إلي أن "الجهاد" تقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم به "حماس" في السابق مع السلطة الفلسطينية زمن الراحل ياسر عرفات في قطاع غزة. 
ويؤكد الخبير في الشؤون الفلسطينية والاسرائيلية، نائب مدير تحرير الاهرام، خالد الاصمعي، أنه على الرغم من وجود مشتركات عديدة بين حماس والجهاد الإسلامي إلا أن هناك هناك اختلافات بين الطرفين لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها. قائلاً: الطرفان يشتركان في الخلفية الإسلامية، وفي الرؤية السياسية، والإيمان بالمقاومة المسلحة لتحقيق الأهداف، والتحالف الإقليمي مع المحور الإيراني. ويختلفان في أن حماس - ذات الخلفية الإخوانية - تتحالف مع قطر وتركيا، ولذلك تراعى الحسابات الخاصة بروابطها الإخوانية في الإقليم، خلافًا للجهاد التي تغلب البعد الوطني أكثر مما تفعل حماس. 
وأضاف الأصمعي، "حماس اختارت منذ عام 2005 المشاركة في السلطة عبر بوابة الانتخابات، ثم عن طريق الانقلاب علي السلطة الفلسطينية، بينما لم يشارك "الجهاد" في السلطة، وهذه نقطة خلاف كبيرة، مشدداً على أن هذا الامر أفضى إلى سلسلة تباينات تركزت في تزايد قبول حماس بالتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، واستعدادها لمعادلة هدوء مقابل هدوء مع تخفيف الحصار، على أمل أن تصل إلى هدنة طويلة الأمد مقابل الاعتراف بسلطتها ورفع الحصار، علي عكس الجهاد المتحررة من قيود السلطة ومسئولياتها وامتيازاتها ومكاسبها، والتي ترى ضرورة الاستمرار في مناكفة ومشاغلة الاحتلال والامتناع عن هدنة دائمة، خاصة في ظل استمرار الحصار والجرائم الإسرائيلية.