الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بسبب فيلم.. لقاء غامض بين نجيب محفوظ وصلاح نصر في المخابرات

الرئيس نيوز

"لاحظت عند دخولي مكتب نائب رئيس المخابرات وجود شخص يحدق فيّ".. هكذا لم يتعرف الروائل الراحل نجيب محفوظ على صلاح نصر، رئيس جهاز المخابرات من 1957 إلى 1967، رغم أنه كان أحد أشهر الشخصيات في ذلك الوقت.

وتحل اليوم، 11 ديسمبر، ذكرى ميلاد الأديب نجيب محفوظ عام 1911، وهو الأديب المصري والعربي الوحيد الحاصل على جائزة "نوبل" في الآداب عام 1988، وتوفي في 30 أغسطس 2006.
قصة اللقاء الغريب بين محفوظ ونصر والذي كان في الستينيات، رواها الأديب الراحل في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ"، للناقد الراحل رجاء النقاش.
يحكي نجيب محفوظ أن الفنان فريد شوقي عرض على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة آنذاك، فكرة فيلم سينمائي يدور في إطار عمل المخابرات المصرية، وطلب منه التدخل لدى المخابرات لكي تساهم في تمويل الفيلم.
وافق "عكاشة" على الفكرة، وأسند مهمة كتابة سيناريو الفيلم إلى نجيب محفوظ الذي كان يشغل وقتها منصب مدير مؤسسة السينما".
بدأ "محفوظ" العمل، وبعد أن انتهى من كتابة الفيلم طلب منه ثروت عكاشة الذهاب إلى مبنى المخابرات لمناقشة مسئولي الجهاز في النص، واستطلاع رأيهم في إمكانية التمويل.
يُكمل نجيب محفوظ: "لم أكن أعرف مكان مبنى المخابرات، فحدده لي، وذهبت. وفي المبنى التقيت مع نائب رئيس المخابرات، طلعت خيري، الذي كان مختصا بمثل هذه الأمور، وقدمت له نفسي".
ويضيف: "لاحظت عند دخولي مكتب نائب رئيس المخابرات وجود شخص يحدق فيّ، ثم هم بالانصراف فاستبقاه طلعت خيري طالبا منه الانتظار، لأن الحديث سيدور عن السينما ويمكن أن يفيدنا هذا الشخص في المناقشة".
لم يقدم هذا الشخص نفسه لنجيب محفوظ، لكنه فتح معه مباشرة حوارا طويلا، فقال إنه قرأ رواية "بين القصرين" في إجازته الصيفية وأعجبته كثيرا، ثم تحدث عن رواية "أولاد حارتنا"، التي نٌشرت في الأهرام عام 1959، والمشكلات التي ثارت حولها.
أخذ هذا الشخص المجهول بالنسبة لنجيب محفوظ يسأله عن قصده من الرواية، ومدى صحة ما يقال عن وجود تجاوزات دينية بها، لكن نائب مدير الجهاز طلعت خيري نقل الحديث إلى الموضوع الأصلي.
يقول "محفوظ": "بعد مناقشة قصيرة أخبرني بأن المخابرات ليس لديها اعتراض على فكرة الفيلم من حيث المبدأ، أما مسألة التمويل فتحتاج إلى محادثات طويلة مع ثروت عكاشة".
انتهى اللقاء وانصرف "محفوظ"، وبعد عدة شهور شاهد صورة في الصفحة الأولى لجريدة الأهرام للرئيس جمال عبد الناصر في إحدى جولاته في إفريقيا.
انبته "محفوظ" فجأ لوجه شخص يظهر في الصورة خلف عبد الناصر، وعندما دقق في ملامحه اكتشف أنه نفس الشخص الذي كان يتحدث معه في مكتب طلعت خيري، وكانت دهشته شديدة عندما علم أنه رئيس المخابرات صلاح نصر.
خطر على بال نجيب محفوظ أن اللقاء كان مرتبا لكي يسأله صلاح نصر شخصيا في رواية "أولاد حارتنا" التي كانت أثارت غضب مؤسسة الأزهر آنذاك، لكنه استبعد هذا الاحتمال لثقته في ثروت عكاشة الذي لا يمكن أن يشارك في خطة تقوده إلى مبنى المخابرات.
لكن الشيء المحير الذي لم يجد له تفسيرا كان إخفاء صلاح نصر لشخصيته في مكتب نائب مدير المخابرات!