الصندوق الأسود للقنوات الفضائية..سنوات الفوضى والجمود (1)
مقدمة
نفتح ملف تبدلات الإعلام المستقل في مصر
خلال السنوات الثمانية الماضية، وانتقال المشهد على الشاشة من مرحلة الفوضى العارمة
إلى مرحلة الجمود، ونحن نعلم جيداً أن الخلافات التي صاحبت حالة الفوضى في الإعلام
المصري، بعد 25 يناير 2011، كانت حصيلة خلافات بين مجموعة من حيتان العمل الإعلامي،
وأن هذه الخلافات التي اندلعت بين الكبار، دفع الزملاء الصحفيون والإعلاميون والسادة
المشاهدون ثمنها غالياً، الأمر الذي أساء إلى مهنة الإعلامي، وجعل المشهد يصل إلى ما
هو عليه الآن من تجميد.
(الحلقة الأولى)
سعى إبراهيم عيسى وشركاؤه إلى إطلاق القناة على القمر الصناعى الأردنى نور سات، وبالفعل بدأ البث التجريبي يوم 28 فبراير 2011، وترجع ملكية القناة في هذا التوقيت إلى ثلاثة أشخاص على هذا النحو النسبي: المنتج الفني أحمد أبوهيبة 50%، مهندس الديكور محمد مراد 26%، والكاتب إبراهيم عيسى الذي تولى رئاسة القناة 24%، وشرع عيسى فى وضع سياسة القناة التحريرية، واختيار أسماء مقدمى البرامج.
وبالطبع اختار عيسى مجموعة من مقدمي البرامج المحسوبين على نفس توجهه السياسي، كما أدخل مجموعة من شباب الثورة لتقديم برامج على شاشة القناة، برغم عدم امتلاكهم أي خبرات إعلامية سابقة، كان على رأسهم نوارة نجم، ابنة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم والسياسي خالد داوود، ومجموعة أخرى من شباب ائتلاف الثورة.
وبعد مرور هذه السنوات بات من الممكن تقييم تجربة "قناة التحرير"، ويمكننا القول إنها لم تكن تجربة ناجحة، خاصة أن عيسى سرعان ما باع أسهمه في القناة رسمياً إلى اثنين من رجال الأعمال من خارج سوق الإعلام، هم نبيل كامل صاحب عدة مصانع متخصصة في مواد البناء، ومحمد توفيق صاحب مصانع الغزل والنسيج، إلا أنه ظل متواجداً على شاشة القناة لفترة تزيد على 6 أشهر تقريباً بعد بيع أسهمه.
مرَّت ملكية قناة "التحرير" منذ إطلاقها فى 2011 على يد إبراهيم عيسى، وحتى عام 2018 بعدة تغيرات، ما بين إعلاميين ورجال أعمال يعملون فى مجالات مختلفة وسياسيين بتوجهات مختلفة، حتى أنها فى إحدى المراحل ذهبت ملكيتها إلى رجال أعمال محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، كما ذهبت أيضاً في فترة أخرى إلى ملكية أشخاص محسوبين على "أقباط المهجر".
قال إبراهيم عيسى،إنه أراد إطلاق قناة التحرير بعد أن وجد التليفزيونات الحكومية تقدم تضليلاً هائلاً، كما أن قنوات رجال الأعمال (التي عمل بها لسنوات قبل 25 يناير)، كانت تقدم نصف الحقيقة، بل انه ارتأى أن هذه القنوات تخدم على رجال الأعمال من ملاكها ومصالحهم الشخصية، ثم روى موقفاً حدث معه بصفة شخصية أثناء عمله فى قناة "دريم"، التي كان يمتلكها رجل الأعمال أحمد بهجت، واستدرك حديثه قائلاً: "عندما ظهر قبل ثورة يناير على شاشة القناة وهاجم حكومة أحمد نظيف بشدة، وفور انتهاء الحلقة هاتفه أحمد بهجت وطلبه لاجتماع عاجل فيمنزله، وعندما وصل إليه وجده منفعلاً للغاية، وطالبه بالاعتذار للحكومة في الحلقة التالية، خاصة أن حكومة أحمد نظيف قامت بفسخ تعاقدها مع أحمد بهجت في أحد المشروعات العمرانية، بسبب انتقادات إبراهيم عيسى لهم، وهو ما تسبب فى خسائر تقدر بـ 200 مليون جنيه، كما اعترف عيسى أنه استغل السيولة الأمنية والإعلامية التي حدثت أعقاب 25 يناير 2011 مباشرة وعدم وجود أي مؤسسة أو كيان قادر على منعه من إطلاق القناة.
هل ما قاله إبراهيم عيسى بلسانه هو الحقيقة!
سوف نجيب على هذا السؤال خلال الحلقات التالية،
لكن من أين بدأت الفكرة وإلى أين وصلت بعد مرور 8 سنوات تقريباً على انطلاقها، وكيف
تحولت من "التحرير" إلى "ten" فيما بعد.