الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"نظرية النخلة".. ماذا قال "تشرشل" عن مستقبل نهر النيل؟

الرئيس نيوز

لعلك سمعت أو قرأت في أثناء متابعتك لقضية سد النهضة بين مصر وإثيوبيا عن اتفاقية عام 1929 لتقاسم مياه نهر النيل، وهي اتفاقية عمرها الآن 90 سنة، وتعد أحد المراجع الرئيسية للمفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا.

الاتفاقية وقعتها الحكومة المصرية في ذلك الوقت مع الحكومة البريطانية التي كانت ممثلة لعدة دول إفريقية كانت تحتلها آنذاك وهي أوغندا وتنزانيا وكينيا، تتضمن اعتراف هذه الدول بحصة مصر من نهر النيل، وحقها في الاعتراض على أي مشروعات مستقبلية على المجرى الرئيسي للنهر أو فروعه.

من المثير للانتباه، سعي بريطانيا التي كان لها وجود عسكري في مصر آنذاك، بينما تفرض حمايتها على عدة عدول في القارة السمراء، إلى توقيع هذه الاتفاقية، والسبب كان رغبتها في تأمين مياه النيل في مصر، وبالتالي تأمين مصالحها الاستعمارية والتجارية.

وفي كتابه "معارك المياه المقبلة في الشرق الأوسط"، ينقل السفير الراحل محمود سمير أحمد، مقولة لأحد الساسة الإنجليز المشاهير في القرن العشرين، وهو السير وينستون تشرشل، الذي أصبح رئيسا لوزراء المملكة المتحدة في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، تعبر عن فلسفة بريطانيا لدول النيل، بما يخدم مصالحها بالطبع.

ففي كتابه "حرب النهر"، الصادر سنة 1902، حول نهر النيل، يقول "تشرشل"، إن نهر النيل أشبه بشجرة نخيل طويلة، جذورها في هضبة البحيرات وساقها في السودان (النيل الأبيض الطويل الممتد) وفروعها وثمارها في دلتا النيل بمصر.

ويتابع: "وإذا ما انفصلت الساق والفروع عن الجذور لماتت الساق والفروع عطشاً، وإذا ما فصلت الجذور عن الساق والفروع لما وجدت الجذور فرصتها في التعبير عن نفسها في شكل الطلع والثمار".

ويوضح المؤلف أنه "في ظل الاحتلال البريطاني لمصر بدءًا من 1882 أرست بريطانيا سياستها بعد 1890 على أساس قناعة اللورد كرومر، وبالتالي لندن بأن الاحتلال البريطاني لمصر لن يكون مؤقتاً أو قصير الأمد وأنه من أجل استقرار الحكم البريطاني في مصر وضمان أمن قناة السويس كان يتعين على بريطانيا تأمين لقمة العيش في مصر بتأمين القدر الكافي من مياه النيل لري الأراضي الزراعية، إذ أن الشعب المصري كان يتزايد بسرعة شديدة واحتاج الأمر لتأمين النيل في كل مجراه سواء في مصر أو في بلاد أعالي النيل".

بناء على ذلك، عملت بريطانيا على وحدة وادي النيل "كوحدة متماسكة مترابطة يعتمد بعضها على بعض. وساعد على هذا احتلال بريطانيا لجميع دول أعالي النيل من السودان إلى هضبة البحيرات".

كما استغلت بريطانيا موقعها الدولي واحتلالها لكل من مصر والسودان وكينيا وأوغندا، في إبرام اتفاقيات دولية مع إيطاليا وبلجيكا نيابة عن إثيوبيا والكونغو وروندا وبورندي، وهي بقية الدول النيلية، لتأكيد حقوق مصر المكتسبة والتاريخية في مياه النيل.