الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

في ذكرى رحيله الأولى

عن الثورة وماسبيرو والغربان.. كواليس تروى لأول مرة عن حمدي قنديل

الرئيس نيوز

فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، فارق الإعلامي القدير والكاتب الكبير حمدى قنديل الحياة، بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 82 عاما.
وفى ذكرى وفاته الأولى ينشر "الرئيس نيوز" تفاصيل خاصة عن الإعلامي الراحل، والذى درس الطب بجامعة الإسكندرية ولكنه لم يمارس المهنة وفضل أن يعمل صحفيا ومذيعا.
كانت بداية حمدى قنديل كصحفى فى مجلة "آخر ساعة"، ثم انتقل بعدها للعمل فى التليفزيون المصرى عام 1961 وقدم برنامج "أقوال الصحف"، ثم تم تعيينه مديرا لاتحاد الإذاعات العربية عام 1969، وتقدم باستقالته من منصبه عام 1971 احتجاجا على حملة تفتيش حكومي للموظفين التقنيين حينها، ومن هنا بدأت مسيرة نضاله المهني.
يعد حمدى قنديل أحد مؤسسى شبكة قنوات "mbc"، ثم غادرها بسبب خلافات سياسية مع إدارة الشبكة، ثم انضم لشبكة راديو وتليفزيون العرب ليقدم برنامج "مع حمدى قنديل" والذى غادره أيضا بعد فترة قصيرة جدا بسبب رفض مسئولى الشبكة إجراءه سلسلة لقاءات تليفزيونية مع معمر القذافي.
آمن حمدي قنديل طيلة حياته بفكرة "حرية الإعلام"، وهو ما جعله كثير التنقل من قناة لأخرى، فور حدوث أى موقف يؤثر على إيمانه بالفكرة، حيث ترك العمل فى"mbc" وفى "شبكة راديو وتليفزيون العرب، لأسباب تتعلق بالسياسة التحريرية ورفض ظهور بعض الضيوف، وهو نفس الأمر الذى حدث بعد ذلك عندما ترك ماسبيرو للمره الثانية وقام بنقل برنامجه "رئيس التحرير" إلى تليفزيون دبى باسم جديد وهو "قلم رصاص"، ويرجع سبب ذلك لبدء ماسبيرو فى تطبيق نظام الرقابة على المحتوى، وهو ما رفضه قنديل وفضل الرحيل.
ثم ترك أيضا تليفزيون دبى بعد أن انتقدته الحكومات فى أكثر من دولة عربية بسبب سقف الحريات فى البرنامج وانتقاده الدائم لهم، لينتقل بالبرنامج إلى القناة الليبية الفضائية بتعليمات مباشرة من القذافى، إلا أنه لم يستمر أكثر من شهرين حيث أوقفت القناة البرنامج أيضا.
حينما تم وقف برنامج "قلم رصاص" عام 2003 على قناة دبي بسبب توجيه قنديل انتقادات لاذعة للحكومات العربية واتهامهم بالتقصير فى القضية الفلسطينية، تضامن معه مجموعة كبيرة مع الكتاب والإعلاميين حينها أبرزهم عمرو أديب ولميس الحديدي ورولا خرسا ووائل الإبراشى وإبراهيم عيسى، وغيرهم.

بعد ثورة يناير مباشرة اتخذ قنديل قرارا بالحصول على فترة نقاهة بعد مرور 50 عاما على عمله فى الحقل الإعلامى، وحَكَى قنديل أنه قد قرر أن يذهب في فترة نقاهة لليونان مع زوجته الفنانة نجلاء فتحى التى تزوجها عام 1992 وتعد ثالث زيجه له، وإثر قراره بالتوقف عن العمل الإعلامي خلال تلك الفترة وقبل السفر بيوم واحد قابل سيّدة بسيطة في الشارع، وسألته "أين أنت" ، فأخبرها سريعاً بقراره، فسألته: "هو انتوا سبتوا الثورة وروَّحتوا ولا إيه يا أستاذ حمدى؟!" .  
وفى مذكراته روى قنديا أن السؤال قد لاحقه خلال الأيام التالية "طول الوقت فضل يزنّ السؤال في دماغي لا شيء له طعم، لا بحر ولا بر ولا تغيير جو ولا أي شيء، فقط سؤال السيّدة الطيّبة"، ليقرر حينها قطع سفره، ويتصل بالإعلامي والصحفي إبراهيم عيسى أحد المسئولين عن قناة "التحرير" حينها، ويطلب منه أن يقدم برنامجاً على شاشتها، ليس الشكل الكلاسيكي لبرنامجه "قلم رصاص" ولا "توك شو" من التي تمتلئ بها القنوات العربية، ولكن بشكل خاص وكأنّه عمود صحفي يومي يُعقب فيه على الأحداث في دقائق قليلة. 
وبرر الإعلامي القدير اختياره لقناة التحرير تحديداً بكونها لا تُمَوّل من رجال أعمال لهم مصالح (قبل أن يعرف الحقائق فيما بعد)، وبالتالي فلن تكون هناك حسابات خاصة، أو علاقات مع السُّلطة قد يتم الخضوع لها، ولذلك فإن قناة التحرير كان المكان المناسب بالنسبة له فى هذا التوقيت، وقال "قنديل" أنه حتى لو كان يسمعه الآلاف أو الملايين في الوطن العربي، فإنه مُهتم فقط بأن تشاهده في تلك الليلة السيّدة الطيّبة التى قابلها فى الشارع، لم يستمر قنديل طويلا فى التحرير أيضا بسبب تغيرات الملكية للقناة وقرر الابتعاد مره أخرى.
ومع عملية الإنتخابات الرئاسية التى تلت ثورة يناير والتى كان يخوضها المرشحان حينها محمد مرسى وأحمد شفيق، كان الدكتور سامى الشريف فى ذلك الوقت يرأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكان قد لاقى مصاعب جمة لم تمكنه من تحقيق إنجاز ملموس، ويبدو أنه رأى أن أسرع وسيلة يحس بها الجمهور العام أن التليفزيون قد التحق بركب الثورة هو أن يجرى تعديلا جذريا على برنامج التليفزيون الإخبارى الرئيسى "مصر النهارده"، أو استبداله ببرنامج آخر تقدمه وجوه ارتبطت بـ 25 يناير، وهكذا اتصلت بقنديل شركة "صوت القاهرة" التابعة للاتحاد بعد شهر من لقاء جمع قنديل باللواء السيسى حينها، واقترح عليَّ تقديم برنامج جديد على شاشة التليفزيون المصرى.
وروى قنديل أنه أخذ يقَلِّبُ طويلا فى الامر، وأخيرا قرر أن يستكشف سقف الحرية المتاح، فأخذ فى الإعداد للبرنامج عدة أسابيع، واتفق على تقديمه باسم "قلم رصاص"، واختار الطاقم المعاون، وتم تصميم وتسجيل العناوين، والتقى فى شركة صوت القاهرة الدكتور الشريف والأستاذة نهال كمال التى كانت رئيسة التليفزيون عندئذ، ليطمئنا أن الأمور تسير على ما يرام.
وكشف قنديل أن اللواء سعد عباس رئيس الشركة يَسَّرَ كل إمكاناتها، وأحاط فريق العمل بكثير من الود، ولكنه عندما اقترب الموعد المحدد لإطلاق البرنامج فى مايو 2011 كنت قد أصبحت أقل ثقة فى مدى تقبل التليفزيون الرسمى لحرية التعبير، مع بدء حملة صحفية كبيرة تحمل كل يوم خبرا يفيد بأن هناك معارضة شديدة بين العاملين فى ماسبيرو لتقديم حمدى قنديل برنامجا في ماسبيرو، بدعوى أن الفرصة يجب أن تتاح لأبناء التليفزيون الذين لم يعتبروه واحدا منهم، ووصل الأمر بتشكيل سمى نفسه "ثوار ماسبيرو" بدء الاعتصام احتجاجا، بل وقدموا بلاغا إلى النائب العام ضد المذيعة هالة فهمى لأنها نادت بالاستعانة بحمدى قنديل.
قال قنديل بعدها: لم يغضبنى ذلك كله، ولكننى رثيت لحال هؤلاء الذين لم يعوا أننى كنت أصعد إلى مكتبى فى ماسبيرو على السقالات فى عام 1960، قبل أن يبدأ التليفزيون إرساله بشهور، ومع ذلك كنت أتفهم طموحات الشباب الذين يقدمون البرامج، بل وكنت أقدر عددا من الموهوبين منهم الذين بذلوا بعد الثورة جهدا أعلم أنه شاق، ليبثوا الحياة فى التليفزيون الذى حنطه عهد مبارك.
أوقفت تقديم برنامج «صوت القاهرة»، حينها وجه الشاعرجمال بخيت نداء لحمدي قنديل وقال (لا تترك ماسبيرو للبوم والغربان وأعداء النجاح).