السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ناجح إبراهيم: مقتل البغدادي يعجِّل بانهيار "داعش".. وفرعه في سيناء سيتأثر بموته

الرئيس نيوز


- مُنظر المراجعات الفكرية: إرهاب القاعدة سيعود وفروع "داعش" سوف تعاني الفوضى 

ـ الإرهابيون يجهزون لعملية انتقامية كبرى وأبو بكر قائد حركي لم يقدم مؤلفات تخلد فكره

 

 

قال المفكر الإسلامي، منظر المراجعات الفكرية للجماعات الإسلامية في التسعينيات، ناجح إبراهيم، إن مقتل زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، ينذر بقرب انهيار التنظيم وتفككه، مرجحاً ـ خلال مقابلة أجراها مع "الرئيس نيوز" ـ أن فرع التنظيم في سيناء، سيتأثر بموته، على الرغم من استقلالية التنظيم من حيث توفير الموارد المالية وجلب السلاح وتحديد العمليات.

حذَّر المفكر الإسلامي من رد فعل انتقامي لعناصر التنظيم على قتل البغدادي، موضحاً أن زعيم التنظيم الإرهابي، لم يكن مفكراً وليس له مؤلفات من الممكن أن تتخذها الحركات الإرهابية أيدولوجية لها فيما بعد. وفيما يلي نص الحوار:

بعد إعلان أمريكا مقتل أبو بكر البغدادي.. ماذا عن مستقبل تنظيم "داعش"؟

-إلى انهيار تام وتفكك، على الرغم من أن هناك من يظن أن مقتل البغدادي، لن يؤثر على التنظيم في شيء، لكن العكس هو الصحيح، فموت القائد في تلك التنظيمات يؤثر تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على أنشطته؛ لأن القائد هو الذي استطاع أن يجمع القادة، وله "كاريزما" معينة في الإدارة، ويعرف أسرار التنظيم وتمويله، وطريقة إدارته وكيفية إخضاع عناصره، فضلًا عن كونه يعرف جميع أفرع الشبكات السرية، وطريقة التواصل معها، والشبكة المالية والإدارية.

لابد من التفريق ما بين وضعية الدول ووضعية التنظيمات، فإذا كانت الدول تتمتع بنظام مؤسسي في كيفية التصرف، بعد وفاة رئيس الدولة، فإن التنظيمات لا تعرف مثل هذه الأمور، كونها تفتقد تلك المؤسسات، وللعلم فإن بعض الدول يتأثر نظامها وسياستها بموت الرئيس، فمصر على سبيل المثال انتقلت من المعسكر السوفيتي إلى الانفتاح بعد موت جمال عبد الناصر، ثم تتأرجح علاقتها حالياً ما بين الكتلتين.

فالتصور أن موت القائد لا يؤثر على التنظيم؛ لكون الفكرة موجودة، والهيكل التنظيمي موجود، هي غير صحيحة. وبالفعل الفكرة موجودة، لكن هذا القائد هو من صنعها وصنع التنظيم، وهو من يديره، وهو من يدين له القادة بالولاء، ومن خلفه من المؤكد أنهم سيتنازعون على القيادة، لذلك "داعش" شمسه بدأت في الغروب.

حدثنا أكثر عن تداعيات موت القائد؟

ـ فضلاً عن حالة الإحباط والفوضى التي سيشهدها التنظيم، سيبدأ بعض القادة في التفرد بأخذ القرارات، ثم يبدأون في التمرد، ثم يدخل التنظيم مرحلة التشظي، ثم الخروج من المشهد تمامًا.

والبغدادي ليس كسيد قطب، فالأخير له فكره وكتبه، وموته وإعدامه يضر؛ لأن ذلك يحول بينه وبين تقديم مراجعات لأفكاره وتصوراته، فمنذ موت سيد قطب، ولا يزال أتباعه يهتمون بكتبه، ويضفون عليها هالة، ويعتبرون رمزًا وقديسًا، أما لو مات قطب، موتة طبيعية، أكاد أجزم أن مؤلفاته لم يكن لها هذا التأثير أو الحضور في المرتكزات الفكرية للجماعات الراديكالية، بل ربما ظهرت كتابات تدحض أفكاره وتقدم لها انتقادات موضوعية رصينة؛  خاصة أن كتبه تحمل أخطاء من السهل تفنيدها، أما قتله فقد جعل منه ومن مؤلفاته رمزًا ومرجعية.

فالمفكر لا تموت مؤلفاته، لكن موت الزعيم الحركي، يترتب عليه أفول التنظيم الذي يقوده، وكذلك له تأثيرات على نشاطه على الأرض، وعلى اتصالاته، وعلى مصادر تمويله، وعلى الشبكة الإدارية له، وعلى تماسك التنظيم ككل؛ ما يترتب عليه من إحباط في صفوف التنظيم خاصة القادة الصغار، إذ يصبح الاعتقاد السائد في صفوف التنظيم أنه مكشوف، ويصبح الهاجس الذي يطارد صفوف التنظيم، لما وصلت القوات المعادية إلى رأس التنظيم فمن السهل الوصول إلينا.

هل هناك شواهد على حديثك؟

ـ الأمثلة كثيرة، فبعد قتل أسامة بن لادن، لم يعد هناك حضور لتنظيم القاعدة، ولم يستطع خليفته السيطرة على الأمور، كما كان بن لادن يفعل، فبدأت مرحلة خروج من التنظيم والالتحاق بتنظيم "الدولة"؛ إذ كان في أوج ازدهاره وبريقه. وكذلك بعد مقتل شكري مصطفى، زعيم تنظيم "التكفير والهجرة" انتهى التنظيم وهيكله الإداري.

وللعلم فإن موت القائد الحركي لا يعني الانهيار الوقتي للتنظيم، لكنه نذير بقرب انهياره وتشظيه وأفوله، وفي بعض الأحوال تظهر تنظيمات فرعية، منفصلة عن الحركة الأم، وتظهر بأسماء جديدة، ومن الممكن أن تكون أكثر دموية وتشددًا، لكن ما يدور في داعش حاليًا لا ينذر بخروج هذه التنظيمات الصغيرة، لكن هذه الأجواء أجواء انهيار وتفكك.

لماذا تأخرت داعش في الاعتراف بمقتل البغدادي؟

ـ لأنهم يعتمدون على أن أمريكا لم تظهر أي صورة للجثة، أو فيديو لعملية قتل البغدادي، وأغلب الظن أن واشنطن لم تظهر فيديو العملية أو صورة للجثة، حتى لا يستثيرون عواطف عناصر التنظيم، وأتصور أنه بمجرد أن يلملم التنظيم صفوفه سيعلن مقتل البغدادي ويعلن خليفته.

كيف تتصور وضع فروع التنظيم في الدول بعد موت البغدادي من حيث إمدادهم بالأموال والدعم اللوجستي؟

ـ فوضى عارمة، وسوف تتولد لديهم أسئلة كبيرة، لن يجدوا لها إجابات مقنعة، من القائد الجديد، أي دولة ستكون مقره، ما هي التوجيهات الجديدة، هل ستبقى استراتيجية القتال وأنماطه كما هي أم ستتغير، وجميع هذه الأسئلة ستكون بداية للحيرة، وبداية للتفكك.

وكل الفروع ستتأثر بمقتل البغدادي تأثيرين، أحدهما تأثير وقتي، يتمثل في القيام بضربة قوية، كرد فعل لمقتل البغدادي، وأن الرسالة التي يريدون توصيلها من هذه العملية، أننا لا زلنا موجودين، والتنظيم باقٍ وماضٍ في طريقه. أما تأثير التفكك، سيظهر مع مرور الوقت، حينما يبدأ التنظيم في التشظي والتفكك والموت الإكلينيكي.

بعد مقتل البغدادي هل ستنشط القاعدة كبديل؟

- منذ نحو عام وتنظيم القاعدة بدأ يعود إلى نشاطه من جديد، وتحديدًا منذ انهار "تنظيم داعش"، في العراق وسوريا؛ إذ بدأ العديد من قيادات "داعش" العودة إلى "القاعدة" مجددًا، ومن المؤكد أن حركة النزوح من تنظيم "داعش" ستستمر إلى "القاعدة"، بعد مقتل البغدادي.      

هل سيتأثر فرع التنظيم في سيناء بمقتل البغدادي؟

ـ نعم سيتأثر، يُصاب بإحباط لمقتل زعيمه، وعلى الرغم من أن فروع التنظيم في دول العالم، مستقلة من حيث توفير الموارد المالية، واختيار الأهداف التي يرغبون في تنفيذها، إلا أن مقتل البغدادي له تأثير سلبي عليهم.

فرع التنظيم في سيناء، محاصر تمامًا من قبل قوات الجيش والشرطة، لذلك يعاني التضيق بشكل كبير، لذلك يعمل على توفير موارده المالية بشتى الطرق، إما بالإتجار في السلاح والأشياء الاخرى أو السطو على البنوك، كما حدث مع فرع البنك الأهلي في العريش.

هل تتصور بقاء التنظيم في العراق أم من الممكن أن ينتقل إلى بلدان أخرى تشهد فوضى مثل ليبيا؟

ـ التنظيم الغالب في ليبيا هو "القاعدة"، لذلك "داعش" لن يذهب إلى هناك، بل سيظل قابعًا في الأماكن التي يتواجد فيها حاليًا في العراق وسورية، وسيطلق يد عناصره للقيام بعمليات تحت استراتيجية "الذئاب المنفردة".