الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

خبير بريطاني تنبأ بسد النهضة عام 1990: "إثيوبيا لن تفعلها إلا في 2010"

الرئيس نيوز


 

قضية المياه في إفريقيا ليست وليدة اللحظة، فالاتفاقيات والنقاشات حول حقوق الدول في الأنهار تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، لذلك فإن الاهتمام بالكتابة حول الأزمة سبق أزمة سد النهضة بسنوات عديدة.

مثال على ذلك كتاب "معارك المياه المقبلة في الشرق الأوسط"، للدكتور محمود سمير أحمد، وهو دبلوماسي مصري كان وكيلاً للخارجية المصرية منذ 1979 إلى 1982، وسفيراً لمصر في أديس أبابا، ومندوب مصر الدائم لدى منظمة الوحدة الإفريقية في الثمانينيات.

الكتاب صادر عام 1991، عن "دار المستقبل العربي"، ويناقش المؤلف فيه الرؤية المستقبلية حول أهمية المياه كعامل سلم أو حرب في السنوات القادمة.

المثير أن الكتاب ركز بشكل تفصيلي على الأزمة المتوقعة بين مصر وإثيوبيا حول السدود على نهر النيل، واستعان بتحليلات وآراء خبراء أفارقة وأجانب، بعض منها يمكن أن نعتبره تنبأ بسد النهضة الحالي، الذي يشغل حيز العلاقة بين القاهرة وأديس أبابا حالياً.

أشار المؤلف إلى أن كلية الدراسات الإفريقية والشرقية بجامعة لندن عقدت ندوة في مايو 1990 تحت رعاية الجمعية الجغرافية الملكية في بريطانيا، لمناقضة مستقبل مياه النيل، حضرها نحو 130 مهندس وخبير ودبلوماسي من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومصر ودول النيل.

ونقل الكتاب ما استعرضه البروفسير روبرت كولينز خلال الندوة عن مواقف إثيوبيا الرسمية من مياه النيل، لافتا إلى إنه في 6 فبراير 1956 أعلنت أديس أبابا في جريدتها الرسمية "اثيوبيان هيرالد" احتفاظها بحقها في استغلال مياه النيل الجارية في أراضيها، وهو ما يبلغ 86% من إيراد نهر النيل.

ولفت إلى أنه "بعد شهور تقدمت إثيوبيا بمذكرات رسمية إلى السفارات المعتمدة في القاهرة أكدت فيها حقها في استعمال مياه النيل لصالح الشعب الإثيوبي بغض النظر عن درجة استغلال دول نيلية أخرى لمياه النيل".

في نقطة مهمة، فإنه خلال عام 1958 كلفت إثيوبيا الولايات المتحدة الأمريكية بدراسة مشروعات المياه الممكنة على النيل الأزرق، والتي نتج عنها تقدم مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي بمشروع لإقامة أربعة سدود على النيل الأزرق.

كما نقل البروفسير عن صحيفة "الأخبار" المصرية يوم 13 مايو 1978 تقول: "إن مصر لن تسمح باستغلال مياه النيل لأغراض سياسية ولن تقبل أن يمارس أي ضغط عليها أو إثارة الخلافات بينها وبين جيرانها".

ويحذر الخبير الدولي من نية إثيوبيا "استغلال إقامتها للسدود الأربعة التي تضمنها مشروع الولايات المتحدة أسوأ استغلال إن أرادت الإضرار بمصر والسودان وذلك بحجز المياه الفائضة عن حاجات إثيوبيا في سنوات الفيضانات المنخفضة".

اعتبر أن مثل هذا العمل "بمثابة إعلان الحرب على دول المصب ولعل هذه المخاوف كانت من أهم أسباب بناء مصر للسد العالي".

في المقابل، يرى "كولينز" أن هناك أملاً ما إن أحسنت إدارة المشروعات "إذا ما توصلت الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) إلى ترتيبات مناسبة لتشغيل هذه الخزانات يمكن زيادة كميات المياه المتاحة في طول وعرض حوض النيل".

نأتي إلى الرأي الذي ربما يكون قد تنبأ بإقامة سد النهضة الحالي، وهو رأي البروفيسير توني آلان، الذي كان أحد منظمي مؤتمر جامعة لندن عن مياه النيل، وهو أستاذ بكلية الدراسات الإفريقية والشرقية بالجامعة، وخبير معتمد عالمياً في مجال موارد المياه، وله كتاب عام 2001 بعنوان "مسألة المياه في الشرق الأوسط: السياسة المائية والاقتصاد العالمي".

وتوصل "آلان" خلال مداخلته في الندوة إلى أن إثيوبيا بأوضاعها الحالية (في بداية التسعينيات) لن تتمكن من استخدام مياه النيل إلى الحد المجزي قبل عشرين عاماً (أي بحلول سنة 2010)، وهو ما حدث في نوفمبر من ذلك العام، عندما انتهت أديس أبابا من التصاميم الهندسية للسد بعد عملية إجراء مسح للموقع النهائي.