الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

نهاد أبو القمصان تفتح النار على قانون "الأحوال الشخصية": 120 عامًا من إهدار حقوق المرأة

نهاد أبوالقمصان
نهاد أبوالقمصان


ـ الملك فؤاد رفض إدخال شرط في قسيمة الزواج يمنع تعدد الزوجات

ـ يلزم الزوجة لإثبات "الزنا" على زوجها متلبساً بينما يعطي للرجل حق إثبات "زنا الزوجة" برسالة بريدية

ـ اقتراح بتعديل ترتيب الولاية ليصبح الأب ثم الأم وتعديل الحضانة ليصبح للأم ثم الأب

رصدت المحامية بالنقض، رئيسة المركز "المصري لحقوق المرأة"، نهاد أبو القمصان، جملة من المشكلات الموجودة في قانون الأحوال الشخصية الحالي، وقالت إنه لا يخدم أي من أطراف الأسرة، مشددة خلال مبحث طرحته ضمن ملف "الأحوال الشخصية في مصر"، والذي أعده مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، تحت اسم "مداخل تجديد المنظومة القانونية للأحوال الشخصية في مصر"، على ضرورة إعداد قانون أحوال شخصية جديد، يستند على مقاصد الشريعة، ويُؤخذ فيه برأي الخبراء؛ كي يناسب ظروف العصر وتعقيداته.

أوضحت أبو القمصان أن مصر تعرف تنظيم الأحوال الشخصية على المستوى القانوني منذ العام 1920 أي منذ نحو قرن وربع القرن، أما المرحلة التي كانت تسبق تلك المدة فكان القضاة الشرعيون هم من يتولون حل النزاعات الأسرية، وفقًا للمذاهب الفقهية الأربعة. مع انتهاء الاحتلال الأجنبي، والحصول على الاستقلال، طبقت المحاكم الشرعية هذا القانون، العام 1934.

 

تعديلات التيار النهضوي

 

تابعت رئيسة المركز "المصري لحقوق المرأة": "خلال العام 1955 تم إلغاء المحاكم الشرعية، ليحل محل القضاة الشرعيون قضاة مدربون في كليات الحقوق الحديثة، وبدأوا ينظرون في قضايا الأحوال الشخصية"، وأشارت أبو القمصان إلى المذهب الحنفي هو المعمول به في مثل هذه القضايا.

وعن التطور الذي شهده قانون الأحوال الشخصية، قالت أبو القمصان: "أصحاب تيار الخطاب الديني النهضوي، المدافعين عن حقوق المرأة هم من حملوا على عاتقهم إدخال تعديلات على القانون وبالفعل نجحوا في ذلك". مشيرة إلى أن جهودهم تكللت برفع سن الزواج، وإدخال تعديلات على المواد الخاصة بالطلاق والنفقة.

عددت الحقوقية أبو القمصان، بعض التعديلات التي تم إدخالها على قانون الأحوال الشخصية رقم (25) لعام 1920، فتقول: "المواد (4 – 5 - 6) أعطت للمرأة حق الطلاق للضرر بسبب عدم إنفاق الزوج عليها. كما تعطي المواد (9 – 10 – 11 – 12) المرأة حق الطلاق لو كان الزوج يعاني أمراضًا معدية. بينما منحتها المواد (12 – 13 – 14) حق الطلاق حال قيام الزوج بالهجر أو دخوله السجن. وسمحت التعديلات كذلك برفع سن الزواج لـ(18) عامًا للذكور و (16) للإناث". 

وعن استغلال السلطة للدين، ذكرت أبو القمصان واقعة، أنه خلال العام 1926، حاولت بعض النسوة بالمشاركة مع بعض الإصلاحيين، إدخال شروط في قسيمة الزواج تمنع الزوج من قيامه بتعدد الزوجات، إلا أن الملك رفض ذلك لأسباب شخصية تتعلق به، وأطلق عدد من رجال الدين الموالين له بمناهضة ذلك".

لجنة فقهية   

استمرارًا لجهود النسوة في الدفاع عن حقوقهن، مع جهود بعض الإصلاحيين، تم تشكيل لجنة من المختصين بالمسائل الفقهية؛ للنظر في قانون الأحوال الشخصية، وإدخال تعديلات عليه، تتجاوز آراء الفقهاء الأربعة، بما يحقق ما هو نفع للأسرة. وخلال تلك الفترة ارتقى عمل اللجنة إلى الاستنباط المباشر من القرآن والسنة، حتى إن خالف ذلك رأي السابقين.

ذكرت أبو القمصان عددًا من النقاط التي تم إقرارها من قبل اللجنة بينها، عدم السماح للزوج بالزواج من امرأة أخرى، إلا بأخذ موافقة القاضي الشرعي، والتأكد من قدرته المادية والجسدية على الزواج من أخرى، وكذلك إلزام الزوج بما اشترط به على نفسه في عقد زواجه، بعدم الزواج من أخرى، كما أعطت اللجنة للمرأة حق طلب الطلاق إذا لم تستطع دوام العشرة. ومنحت اللجنة المرأة حق طلب الطلاق إذا ما غاب عنها زوجها (عامًا) أو أكثر، حتى وإن ترك لها من الأموال ما يكفيها، إذ للمرأة حقوق أخرى لابد من تلبيتها.

ورغم كل هذه الجهود إلا أن قرار الملك كان صادمًا، إذ رفض كل هذه المقترحات، وأصدر القانون رقم (25) لسنة 1929، متجاهلًا كل هذه التوصيات.

سلبيات القانون

ذكرت نهاد أبو القمصان، عددًا من مشاكل قانون الأحوال الحالي، وقالت: "يغيب عنه التوازن والتكافؤ بين طرفي العلاقة العقدية، ويمنح الزوج صلاحيات مطلقة في حين يقلص حقوق المرأة".

أشارت إلى أنه على الرغم من أن العقد يتم إبرامه بالإرادة المتساوية، إلا أن للزوج حق مطلق في الطلاق، من دون إلزامه حتى بتوثيقه، ولا يترتب على ذلك أي عقوبة لعدم التوثيق، في حين يوجد بعض الرجال تتعنت في قضية التوثيق. كما يهدر القانون حقوق المرأة إذا ما طلبت هي الخلع. وفي حال طلبها الطلاق فإن تلك الدعوى تمتد لعقود.

أما فيما يخص المسؤوليات المترتبة على عقد الزواج، فتقول أبو القمصان إن الزوج إذا ما توقف عن الإنفاق على بيته، فإن المرأة وحدها مطالبة بإثبات دخل زوجها بنفسها دون أي دعم إجرائي من الدولة. ووجهت انتقادات كذلك لمبدأ المسؤولية على الأطفال، ففي حال غياب الأب فإن الولاية للجد أو العم أو أي من الذكور من عائلة الأب، وفي حال وفاة الزوجة أو انفصالها فإن حضانة الأطفال تذهب إلى الأم او أي من الإناث من عائلتها، وبذلك يحرم الرجل من الزوجة والأولاد.

تنتقد أبو القمصان ما يتضمنه القانون من صلاحيات الرجل بمنع زوجته من السفر، وكذلك حقه في تعدد الزوجات من دون مراعاة للزوجة الأولى، فضلاً عن غياب أي قوانين رادعة للعنف المنزلي.

وفيما يتعلق بقيام أحد طرفي العقد بواقعة "الزنا" فإن القانون يلزم الزوجة بإثبات الواقعة متلبسًا، بينما تعطي للرجل حق الإثبات بجميع الوسائل حتى ولو كانت رسالة بريدية، أما العقوبة في حال إثباتها فهي حبس الزوج 6 أشهر والمرأة عامين.

مقترحات

عرضت أبو القمصان مقترحات بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، ليشمل، تقليل فترة التقاضي في القضايا المتعلقة بالأسرة، وضع ضوابط صارمة لتوثيق عقد الزواج، بينها التحقق من شخصية الزوجين، خلوهما من أي موانع شرعية وقانونية، وكذلك خلوهما من أي أمراض تستوجب التفريق. والاتفاق على عدم اقتران الزوج بأخرى إلا بإذن كتابي من الزوجة ومعرفة القاضي. والاتفاق على دفع مبلغ مالي للمرأة إذا ما قرر الزوج تطليق زوجته من غير رضاها، وكذلك الاتفاق على تفويض الزوجة بتطليق نفسها، كما أن الطلاق لابد أن يكون على يد القاضي.

طالبت أبو القمصان كذلك، بتعديل ترتيب الولاية ليصبح الأب ثم الأم، وان يتم تعديل الحضانة ليصبح للأم ثم الأب.