الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بحيري: حقيقة العلاقات المصرية السودانية ستتضح مع انعقاد الاجتماع المقبل لـ"سد النهضة"

الرئيس نيوز

"كتائب الظل" التي أسسها الرئيس المخلوع البشير لحماية نظامه لاتزال موجودة بأسلحتها حتى الآن

قرار الإمارات بإعادة انتشار قواتها العسكرية وتخفيض أعدادها داخل اليمن وضع السعودية في مأزق

قال الباحث في الشؤون العربية والدولية، حسين بحيري، إن حقيقة العلاقات المصرية السودانية ستتضح مع انعقاد الاجتماع المقبل لـ"سد النهضة"، وهل ستظل الخرطوم مؤيدة لموقف أديس إبابا من الأزمة، أم أنها ستؤيد الموقف المصري العادل.

وأضاف بحيري في حوار مع "الرئيس نيوز" أن "كتائب الظل" التي أسسها الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير لحماية نظامه، لاتزال موجودة بأسلحتها حتى الآن، وأن هناك مجموعة من التحديات التي قد تقف في طريق تنفذ اتفاق تقاسم السلطة في السودان.. وإلى نص الحوار:

-      برأيك ما هي تحديات اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري و"قوي الحرية والتغيير" في السودان؟

*توجد مجموعة من التحديات التي قد تقف في طريق تنفذ اتفاق تقاسم السلطة، ومن أبرزها مدى التنسيق والتعاون بين الطرفين اللذين يشكلان المجلس السيادي الذي يضم في عضويته 5 عسكريين و6 مدنيين. وقد ظهرت أولى هذه التحديات حينما اعترض المكون العسكري في المجلس السيادي على الأسماء التي رشحتها "قوى الحرية والتغيير"، وسلمتها لرئيس الحكومة الانتقالية "عبدالله حمدوك"، واستندوا في ذلك الموقف إلى أن "قوى الحرية" عرضت الأسماء دون التشاور مع أعضاء المجلس السيادي من المكون العسكري، وهو ما دفع "حمدوك" للإعلان عن تأجيل التشكيل لمدة 48 ساعة.

من جانب آخر توجد تحديات أخرى تتعلق بموقف الجماعات/ الفصائل المسلحة من تنفيذ الاتفاق، حيث أعلنت "الجبهة الثورية" رفضها للوثيقة الدستورية. وإذا لم تحتو "قوى الحرية والتغيير" مطالب هذه الجماعات فسوف تتحول تلك الفصائل إلى جبهة معارضة قوية خلال المرحلة الانتقالية.

ومن جهة ثالثة هناك تحد آخر متمثل في موقف عناصر حزب المؤتمر الوطني وتنظيم الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمين) الموالين لـ"البشير" والذين يحاولون الانقلاب على السلطة من أجل العودة مرة أخرى إلى الحكم، هذا بالإضافة إلى بعض التحديات الأمنية التي قد تهدد الاستقرار الأمني للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، وخاصة فيما يتعلق بالحديث عن وجود "كتائب الظل" التي أسسها البشير لحماية نظامه ولاتزال هذه الكتائب موجودة بأسلحتها، وتفرض على الحكومة الانتقالية والمجلس السيادي التعاون لاجتثاث جذور هذه الكتائب والخلايا النائمة التابعة للإخوان في البلاد.

-      ما هو مستقبل اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير؟

*رغم التحديات السابقة إلا أن اتفاق تقاسم السلطة جاء ليؤسس فترة جديدة في تاريخ السودان السياسي، وليؤسس نظاماً سياسياً جديداً يضم كافة القوى السياسية الفاعلة داخل البلاد، من خلال إشراكهم في العملية السياسية باستثناء القوى التي ثبت تورطها في محاولات الانقلاب ضد المجلس العسكري من عناصر الإخوان المسلمين وحزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً).

    ورغم وجود هذه التحديات الداخلية إلا أن المعطيات الراهنة ترجح تنفيذ اتفاق تقاسم السلطة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في ظل حرص الشعب السوداني على تنفيذه لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وكذلك دفع الفاعلين الإقليميين والدوليين في اتجاه تسليم السلطة لقوى مدنية، وبالتالي فإنه من المتوقع إذا تم تنفيذ الاتفاق بكافة بنوده، أن يساعد في تحسين الاقتصاد الوطني وتحسين صورة البلاد بعد أن ظلت تحت حكم نظام البشير طوال 30 عاماً، فقدت خلالها البلاد مكانتها السياسية وتدهورت أوضاعها الاقتصادية.

-      وما هي توقعاتك لمستقبل العلاقات بين القاهرة والخرطوم؟

*لقد لعبت مصر دوراً هاماً من خلال ترؤسها للاتحاد الأفريقي في دورته الحالية، في تقديم النصائح للأطراف السودانية قبل التوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية. ولعل زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان للقاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي في مطلع شهر يونيو الماضي، تعد مؤشراً لحرص المجلس العسكري على الحفاظ على العلاقات القوية مع مصر، كما أن استضافة مصر لاجتماعات الجبهة الثورية وبعض قوى الحرية والتغيير خلال الفترة الأخيرة مؤشر للحرص المصري على استقرار الأوضاع في السودان، على كافة المستويات، فالسودان تمثل عمقاً استراتيجياً للأمن القومي المصري والعكس صحيح.

وترجح المؤشرات الحالية تحسن العلاقات المصرية السودانية خلال الفترة القادمة، وستتضح حقيقة هذه العلاقات مع انعقاد الاجتماع المقبل للمشاروات الفنية لـ"سد النهضة" الإثيوبي، وما إذا كانت السودان ستظل في موقفها المؤيد لإثيوبيا في ملف السد بغض النظر عن المصالح المصرية وحقوقها التاريخية في مياه النيل.

-      كيف تري الوضع في اليمن في ظل الحديث عن وجود خلافات بين الإمارات والسعودية؟

*تشير التطورات السياسية الأخيرة في اليمن إلى أن أمد الأزمة اليمنية سوف يطول بسبب استمرار التصعيد العسكري الحوثي ضد الحكومة الشرعية والسعودية من جهة، وتصاعد الاشتباكات العسكرية في عدن جنوب البلاد في ظل تصاعد فصائل الحراك الجنوبي المطالبة بإقامة دول الجنوب والانفصال عن الشمال من جهة ثانية، والحديث هنا عن الخلافات السعودية الإماراتية بشأن التعامل مع الأزمة الراهنة وخاصة بعد قرار الإمارات بإعادة انتشار قواتها وتخفيض أعدادها داخل اليمن، لتضع السعودية في مأزق داخل اليمن، فالرياض لاتزال تتعرض للإعتداءات الحوثية الصاروخية ضد أهدافها المدنية وتواجه الضغوط الدولية المنتقدة لها بسبب استمرار العمليات العسكرية في اليمن من 2014 وحتى الآن، وبالتالي فإن التطورات الأخيرة تشير إلى استمرار أمد الأزمة وزيادة تعقيدها في ظل تعثر التسوية السياسية للأزمة بسبب التعنت الحوثي المدعوم من إيران.

-      برأيك هل إنهاء الأزمة اليمينة لن يتم سوي بتوافق بين إيران والسعودية والامارات؟

*هذا هو ما تسعى إليه إيران، وهو أن تعترف السعودية بإخفاق العمليات العسكرية في القضاء على الميليشيات الانقلابية الحوثية، وتسعى إيران من خلال مواصلة دعمها المادي والعسكري للميليشيات الحوثية لأن تعترف السعودية بالميليشيات كشريك رئيسي في العملية السياسية للبلاد، وإشراكهم في أية اتفاقات سياسية قادمة تضمن للحوثيين المشاركة في كافة مؤسسات الحكم باعتبارهم شريكاً رئيسياً في البلاد.

ومع استمرار التصعيد وعدم قدرة العمليات العسكرية على حسم هذه الأمور، فإنه لايمكن إغفال الدور الإيراني في تسوية الأزمة اليمنية، غير أن توجهات السياسة الخارجية السعودية الحالية تجاه إيران تشير إلى صعوبة عقد مفاوضات سعودية إيرانية لتسوية الأزمة اليمنية بسبب استمرار السياسات العدائية لإيران وتهديدها للأمن القومي السعودي والإماراتي على حد سواء، وتمسك الرياض بتنفيذ الميليشيات الحوثية لقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار 2216 وتحديداً فيما يتعلق بسحب قواتهم وتسليم أسلحتهم لقوات التحالف العربي.

-      كيف ترى قرار طهران السماح للأسطول الروسي باستخدام الموانئ والمنشات البحرية الإيرانية؟

*من الواضح أن إيران تستعين بالتأييد الروسي لها واتفاقات التعاون العسكري المشترك مع موسكو، لموازنة الدور السعودي في منطقة الشرق الأوسط، والتأكيد على قدرة طهران على مواجهة الضغوط الأمريكية والدولية المفروضة على طهران حالياً بسبب سياساتها العدائية تجاه دول المنطقة، وتهديدها لأمن الممرات الملاحية التي تمر من خلالها إمدادات الطاقة من منطقة الخليج العربي إلى كل من واشنطن والدول الأوروبية.

-      برأيك هل هناك ما يمهد لمصالحة بين قطر ودول المقاطعة الأربعة؟

*لعل التغريدة التي نشرها رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم والتي طالب فيها السعودية بتحمل مسئولياتها للم الشمل الخليجي ووقف مقاطعة قطر، تعد مؤشراً على رغبة الدوحة في وقف الحصار الرباعي المفروض عليها، وذلك في اطار الضغوط الإقليمية والدولية التي تواجهها قطر حالياً وخاصة فيما يتعلق بالحديث عن تورطها في دعم التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، إلا أن الموقف السعودي الرافض للدعم القطري المتواصل للتنظيمات الإرهابية واستمرار السياسات العدائية القطرية ضد دول الخليج ومصر من خلال توظيفها لوسائل الإعلام التابعة لها وخاصة قناة الجزيرة، وبالتالي فإن التزام قطر بشروط إنهاء الحصار والمقاطعة يظل شرطاً أساسياً لعودة العلاقات بين قطر ودول المقاطعة.

    -كيف تقرأ الضربات التي قامت بها اسرائيل في كل من لبنان وسوريا والعراق؟

*تأتي هذه الضربات لتعبر عن مدى الإنزعاج الإسرائيلي من إمكانية حدوث تقارب أمريكي إيراني، وخاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تفكيره في عقد لقاء مع الرئيس الإيراني روحاني، فإسرائيل كانت طوال الفترة الماضية تدفع في اتجاه توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران، ورفض تل أبيب الحل الدبلوماسي، وبالتالي يمكن قراءة هذه الضربات في هذا الإطار، حيث قامت إسرائيل بتوجيه ضربات لحلفاء إيران في المنطقة، حزب الله في لبنان وفي داخل سوريا والعراق أيضاً وهي الدول التي تشهد نفوذاً إيرانياً كبيراً.

-هل تعتقد أن المشير خليفة حفتر قادر على حسم المواجهة في طرابلس؟

*وفقاً للتطورات الأخيرة التي شهدت خسارة قوات حفتر في معركة "غريان" والتي لقي فيها خسارتين متتاليتين، وبالتالي فإن إصرار حفتر على حشد قواته لحسم معركة طرابلس تشير إلى استمرار عسكرة الأزمة الليبية وتضاؤل فرص التسوية السياسية لها، وأن إصراره على حسم المواجهة في طرابلس من شأنها استنزاف مقدرات الدولة الليبية.