الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هو شي منه.. ابن الفقراء الذي حرّر فيتنام من 3 دول كبرى

الرئيس نيوز

"الزاهد اللي حكم ضد الهوى والذات.. والحاكم اللي زهد في الملك واللّذات.. مات المسيح النبي ويهوذا بالألوفات.. مات الصديق الوفي للخضرة في الغابات".

هكذا رثى الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، الزعيم الفيتنامي "هو شي منه"، الذي تحل اليوم ذكراه الخمسينية، وهو أحد رموز التحرر الإنساني في القرن العشرين، والذي قاوم احتلال بلاده طوال سنوات طويلة على يد فرنسا ثم الولايات المتحدة الأمريكية.

وُلد "هو شي منه" في 19 مايو 1890، وتوفي في 2 سبتمبر 1959 عن عمر ناهز 79 سنة، وقضى أغلب عمره في النضال ضد الاحتلال الأجنبي لبلاده التي حلم بها موحدة، حرة.

"هو شي منه" ابن أسرة تكاد تكمون معدمه،، شهدت سنواته الأولى بزوغ انحيازه للبسطاء، ففي العاشرة من عمره اشترك في مظاهرة احتجاجية على فرض الاستعمار الفرنسي ضرائب مرتفعة على الفلاحين الفقراء، وبسبب نشاطاته تلك ُفصل من المدرسة.

سافر بعد ذلك إلى فرنسا، وفي طريقه عمل طباخا على متن باخرة فرنسية، ولما وصل إلى "بلاد النور" رُفض طلبه بتلقي التعليم، فعاد للعمل على الباخرة لمدة ست سنوات قضاها في عرض البحر. كانت سنوات شاقة، لكنها هيأت له أيضا زيارة العديد من البلدان.

في العام 1919، فتحت فرنسا أبوابها هذه المرة للشاب الفيتنامي الذي تحتل بلاده، وهناك تعلم واعتنق الفكر الشيوعي، وتعرف على مؤلفات لينين، وفي العام التالي، 1920، كان من المشاركين في تأسيس الحزب الشيوعي الفرنسي.

الاتحاد السوفييتي ثم الصين كانتا محطتان أخريان لـ"هو شي منه" بعد ذلك، ففي الأولى تخرج في الجامعة الشيوعية وشارك في جنازة ملهمه "لينين"، وفي الثانية ألقى محاضرات الاشتراكية لتجمعات شبابية فيتنامية في الصين، وهناك أيضا تزوج.

بعد ذلك أسس من "هونج كونج" الحزب الشيوعي الفيتنامي لمقاومة الاحتلال الفرنسي، رافعا شعارات توزيع الأراضي على الفلاحين وتأسيس جيش وطني، فاعتقلته بريطانيا بسبب، وبعد الإفراج عنه سافر إلى موسكو، وخضع للعلاج هناك أيضا من مرض السل.

مع تطورات نتائج الحرب العالمية الثانية، واحتلال فيتنام من قبل اليابان، ثم تحالف فرنسا، المحتل الأول، معها فيما بعد، قرر "هو شي منه" العودة إلى بلاده وتأسيس جيش للمقاومة، معتمدا على أسلوب حرب العصابات، فاحرج بجيشه الصغيرة جيشي اليابان وفرنسا.

 أعلن "هوشي منه" استقلال فيتنام، عام 1945، لكن قراره قوبل بغضب فرنسي نتج عنه هدنة مؤقتة بين قوات الزعيم الفيتنامي وبين فرنسا، سرعان ما نتهت لتندلع حرب شرسة استمرت لثماني سنوات حتى عام 1954، دعم فيها الاتحاد السوفييتي والصين أصحاب الأرض.

انتهت الحرب بتفوق فيتنامي لكنها أفرزت انفصال البلد، ليصبح هناك شطرا جنوبيا رأسماليا، وآخر شمالي شيوعي تحت زعامة هو شي منه، الذي بدأ بإصلاحات داخلية محققا أهدافه القديمة، فوفر أجورا عادلة للفلاحين ووضع خططا تنموية لنهضة البلاد،.

بالتزامن مع ذلك بدأ محاولاته لتحرير الجزء الجنوبي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية التي تدخلت لمنع محاولات "هو شي منه" لتوحيد بلاده، وارتكبت مذابح بشعة في حق الفيتناميين قصفت فيها المدن والقرى بالنابالم، في فضيحة لا تزال تلطخ ثياب "بلاد الحرية" إلى الآن.

كان هو شي منه يخطب في شعبه، ويحثهم على قتال القوات الأمريكية، وظل هكذا حتى مع اشتداد المرض عليه. وفي ذروة حربه لتحرير بلاده توفي في 2 سبتمبر 1969.

بعد وفاته بست سنوات، حرر الفيتناميون الشطر الجنوبي من البلاد، وتخليدًا لذكرى زعيمهم الراحل الذي كان يحلم بلحظة الوحدة والاستقلال المكتمل، أطلقوا اسمه على مدينة "سايجون"، عاصمة الجنوب.