الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

مجلة بريطانية: سيجموند فرويد كان "مسحورًا" بمصر الفرعونية

الرئيس نيوز

عندما دخل المريض الروسي سيرجي بانكيف أو "الرجل الذئب"، عيادة رائد التحليل النفسي سيجموند فرويد في عام 1910، لم يجدها عيادة موحية بانتمائها لطبيب عادي، فقد لاحظ أن المكتب جدير بعالم "آثار".

كانت العيادة، وفقًا لمجلة "أبوللو" الفنية اللندنية، تحتوي على جميع أنواع التماثيل وغيرها من الأشياء غير العادية، وعلى قطع أثرية من مصر الفرعونية.

وينظم حاليًا معرض خاص بالمصريات في متحف فرويد، ما يتيح للزائر المعاصر مشاركة "بانكيف" في استكشاف إلى أي مدى كان فرويد مسحورًا بمصر الفرعونية وعاشقًا لحضارتها، وهو جانب أقل شهرة من ارتباطه بالتراث اليوناني الروماني، ولكن ليس له تأثير قوي على خياله وفكره.

كان فرويد مهووسًا بجمع الآثار، ووصف ذلك  الهوس هو نفسه بأنه "إدمان" يأتي في المرتبة الثانية بعد حبه للسيجار، جمع فرويد حوالي 600 قطعة مصرية، وهي نسبة كبيرة من المجموعة الموجودة الآن في المتحف.

ومن خلال جمع القطع الأثرية والكتب والمقتطفات من كتاباته الخاصة، يستخلص هذا المعرض الأهمية الرمزية للكتابات الهيروغليفية، والتحنيط، وعلم الآثار وكانت الحضارة المصرية معينًا لا ينضب استقى منه استعاراته الرنانة لعمليات اللاوعي، وكذلك طريقة التحليل النفسي. ويضم متحف فرويد في لندن مجموعة من تمائم الموتى.

وكما توضح سلسلة من اللوحات التوضيحية، فإن لمصر معنى مزدوج في الأعمال النظرية لفرويد. فهي من ناحية، تمثل شراكة العالم القديم قبل استعانته بنموذج "إلكترا – أوديب" من مسرحيات سوفوكليس اليوناني لوصف العلاقة الحميمة بين الولد والأم وميل الفتاة إلى أبيها. كما يضم المتحف  تميمة برونزية لإلهة الموت، علاوة على تمثال صغير لأبو الهول معروض فوق الأريكة التحليلية الشهيرة.

في نفس الوقت، انخرط فرويد نظريًا في دراسة جانب مهم من تاريخ مصر الفرعوني في آخر أعماله الرئيسية، "موسى والتوحيد" (1939)، حيث رجح آراءً مثيرة للجدل مفادها أن موسى لم يكن يهوديًا، بل كان تابعًا مصريًا للفرعون التوحيدي الثوري، إخناتون، الذي نقل موسى دينه لليهود.

وتتمثل إحدى نقاط القوة المميزة للمعرض في قراره بوضع قطع أثرية من مجموعة فليندرز بيتري، عالم المصريات البريطاني والرائد في "علم الآثار"، إلى جانب أعماله المعاصرة الأكثر شهرة.

لعب بيتري دورًا رئيسيًا في التنقيب عن الآثار بعاصمة أخناتون في تل العمارنة، وبالتالي ساعد في الكشف عن الطابع التوحيدي لحكمه. ومع ذلك، فإن آثار بيتري الخاصة تتحدى بمهارة الثنائيات التي تقوم عليها مناقشات فرويد حول مصر: التوحيد / والشرك ؛ السببية / والشهوانية. الذكورة / الأنوثة.

وفي واحدة من هذه التماثيل الصغيرة المصنوعة من الحجر الجيري لأخناتون إلى جانب الملكة نفرتيتي وابنتهما، يتم تمثيل الفرعون على نحو اتسق مصادفة مع فهم فرويد للتوحيد المصري.

ويضم المتحف تمثالاً صغيرًا للإله المصري القديم تحوت (الفترة الرومانية، 30 ق.م. - 395)، حيث نجح منسقو المعروضات بالمتحف في التأكيد على التعددية الثرية لأهمية مصر الفرعونية بالنسبة لفرويد. تم وضع تمثال برأس الصقر أمام مقطع من كتاب" تفسير الأحلام"، حيث يصف فرويد كابوس طفولته لوالدته يحمله عدد من هذه الآلهة؛ في الجوار.

ولا يترك لنا هذا المعرض أي شك في تأثير مصر القديمة على أحد أعظم مفكري الحداثة. يذكر أن سيجموند فرويد ارتبط بشغفه بالآثار المصرية القديمة منذ أن كان في السابعة من عمره، ومثلت الحضارة الفرعونية عشقًا لم يغادره حتى وفاته في 23 سبتمبر 1939.