السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف هرّب حسين سالم 450 مليون يورو قبل تنحي مبارك بأيام؟

الرئيس نيوز


 

- خرج بها بـ"تغليف البنك" من شرم إلى أبو ظبي.. عمر سليمان لم يعترض.. والإمارات طلبت نصيحة رشيد محمد رشيد


بعد حياة لم تعرف إلا لغة "الصفقات" المثيرة للجدل، والمشبوهة في بعض الأحيان، توفي الملياردير المصري حسين سالم، اليوم الثلاثاء، في إسبانيا، عن عمر ناهز 85 سنة.

"سالم"، الذي كان أحد الوجوه اللصيقة بعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، خرج هاربًا من مصر قبل أيام من تنحي "صديقه" عن الحكم في 11 فبراير 2011، ليستقر في إسبانيا بعد ذلك.

ارتبط اسم حسين سالم بصفقة تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بخلاف صلاته بمبارك وعائلته، وما تبعه ذلك من شائعات كثيرة عن الرجل الذي يعتبره كثيرون أحد أسرار دولة مبارك.

وعلى الرغم من الغموض الذي أحاط بحسين سالم، فإن الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، كشف عن تفاصيل مهمة لأول مرة عن الرجل، في كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان"، دار الشروق، 2012.

كان هيكل قد التقى سالم صدفة في طائرة كان يستقلها متوجها إلى جنيف عام 1988، ودار بينهما حوار ممتد تطوع فيه رجل الأعمال بكشف بعد الأشياء للصحفي الكبير، محاولًا "تصحيح الصورة" التي يزعم أنها مأخوذة عنه بالعمد.

لكننا سنركز هنا على ملابسات الخروج الأخير لحسين سالم من مصر، في 31 يناير 2011، قبل أيام من تنحي حسني مبارك عن السلطة، بعد ثورة 25 يناير.

يسجل هيكل: "كان آخر مشهد ظهر فيه "حسين سالم" على الساحة المصرية هو ركوبه لطائرته الخاصة من مطار "شرم الشيخ" بعد أيام من قيام ثورة 25 يناير، ومعه مجموعة صناديق تحتوى على 450 مليون يورو نقدا وجديدة، ولا تزال بنفس التغليف الذي صُرفت به من البنك المركزي الأوروبي".

ويحكي: "حطت طائرة «حسين سالم» فى مطار «أبوظبى»، وفى مطار «أبوظبى» لاحظ مأمور المطار هذه الصناديق، وأدرك على الفور أنها أوراق نقد، وأخطروا بالأمر سلطات مسئولة فى «أبوظبى»، وصدر قرار بالاتصال بالقاهرة لسؤالها في الموضوع".

ويشير هيكل إلى أن مبارك، الذي لم يكن قد "تخلى" عن السلطة بعد، كان "شبه معتزل" في تلك الأثناء بمدينة شرم الشيخ، لذلك فإن السلطات الإماراتية تواصلت مع نائبه آنذاك، اللواء عمر سليمان، الذي "أشار بالإفراج عن الرجل، وعدم إثارة ضجة في الوقت الحاضر حول الموضوع، لأن الظرف حرج".

ويبدو أن السلطات الإماراتية لم تكتفِ باستشارة نائب الرئيس الذي سيسقط بعد أيام، فلجأوا إلى استشارة آخرين.

يروي هيكل: "سأل بعض المسئولين في الإمارات شخصيات مصرية عما يمكن التصرف به حيال الموضوع، وكان بينهم نائب رئيس الوزراء المصري السابق، ووزير الصناعة والتجارة في مصر السيد "رشيد محمد رشيد".

وفقًا لهيكل، كانت نصيحة رشيد وآخرين هي "إيداع المبلغ مؤقتاً في البنك المركزي للإمارات، والاتصال مع السلطات المصرية للبحث عن الأصل في هذا الموضوع، وكيفية التصرف حياله".

كتب هيكل هذا الكلام في 2012، وقت صدور الكتاب، وبعد سنوات من هروب حسين سالم وجولات من المفاوضات، أعلنت الحكومة في أغسطس 2016، التصالح نهائياً مع رجل الأعمال الهارب مقابل تنازله وأسرته عن أصول مملوكة له لصالح الدولة، تقدر قيمتها بـ5 مليارات و341 مليونًا و850 ألفًا و50 جنيهًا، قيل إنها تمثل 75 % من ثروته الكاملة.

وتبدو إشارة هيكل التي ختم بها قصة تهريب الـ450 مليون يورو، قائمة رغم التصالح ووفاة حسين سالم نفسه، إذ قال إن "الغموض ما زال يكتنف مصير صناديق الأربعمائة وخمسين مليون يورو، ومن هو صاحبها الحقيقى؟! ـ وماذا جرى لها؟! ـ وأسئلة أخرى بغير نهاية!!".