الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

فضائح الإخوان مع أموال التبرعات من فلسطين 1936 إلى تركيا 2019

الرئيس نيوز


ـ جمعوا تبرعات من المساجد والكنائس و"البارات" باسم الثورة الفلسطينية ثم أنفقوها على الدعاية

ـ البنا تلقى 500 جنيه تبرع من الانجليز.. وأصول الجماعة بلغت 3.5 مليون عام 1948

ـ قادة التنظيم الهاربون في تركيا استولوا عليها لأنفسهم.. ومحمود حسين اشترى "BMW" بـ100 ألف دولار


امبراطورية مالية ضخمة تتكون من تبرعات واشتراكات، وتتسلح بالسرية والخداع باسم الدين.. هكذا كانت - وما زالات – الأمور تسير داخل جماعة الإخوان الإرهابية، منذ نشأتها على يد حسن البنا عام 1928.

ورغم أن السرية تحكم كل شيء، لكن فضائح الجماعة المالية تخرج عن السيطرة التنظيمية لتعلن كيف تدار الأمور في الإخوان، وكيف تجري عملية الخداع الاخواني، سواء للمواطنين أو لأعضائها.

في السطور التالية نرصد فضائح الإخوان مع أموال التبرعات، منذ السنوات الأولى لتأسيس الجماعة، وحتى واقعة التسجيل الصوتي الذي كشفه قيادي بالجماعة مؤخرًا.

جميع تبرعات على حِس فلسطين

بالتزامن مع الثورة الفلسطينية من عام 1936 إلى 1939، لعبت جماعة الإخوان على وتيرة ضرورة دعم المجاهدين في فلسطين، لينتشر أعضائها في البلاد يجمعون تبرعات مالية لهذا الغرض.

كتاب "النقراشي"، الذي يتناول سيرة محمود فهمي النقراشي، رئيس وزراء مصر في عهد الملكية، لحفيدته الدكتورة هدى شامل أباظة، دار الشروق، 2007، يكشف تفاصيل مثيرة،

ينقل الكتاب شهادة مثيرة لمحمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية للتنظيم، في كتابه "الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ" قال فيها: "النقود التي كنا نجمعها لفلسطين من المساجد والمقاهي والبارات لم يكن القصد من جمعها إعانة إخواننا المجاهدين الفلسطينيين بها فهم كانوا من من هذه الناحية في غير حاجة إليها لأن أغنياء أهل فلسطين من التجار كانوا من وراء هؤلاء المجاهدين".

ويستكمل: "كان جمعنا لهذه التبرعات (...) أسلوباً من أساليب التأثير في نفوس الناس بهذه القضية، وربطا لقلوب الناس وعقولهم بها، واختبارا لمدى تجاوبهم معها".

ويواصل: "هذه المبالغ لم تكن ترسل إلى المجاهدين بل كانت تصرف في شئون الدعاية لهذه القضية بأمر اللجنة العليا، ثم إن اللجنة كانت ترسل إلينا من أموالها الخاصة مبالغ طائلة لنضيفها إلى ما عندنا للإنفاق على هذه القضية الخطيرة التي كانت اللجنة العليا تعتبرها أهم وألزم للقضية من الجهاد المسلح الذي يقوم به بأعبائه المجاهدون في فلسطين نفسها.. وإلا لما كان للإخوان وهم ما زالوا في مهدهم أن ينهضوا بمهام الدعاية المجلجلة التي أقضت مضجع الإمبراطورية البريطانية والتي تحتاج إلى إنفاق واسع النطاق".

ويعقب النقراشي: "فهذا المال الذي تم جبايته من المصريين عن طريق استثارة حماستهم لإخوانهم في فلسطين، إنما هو في الواقع اختبار لصدق المخاطبين وإخلاصهم، وكأنهم قُصّر في حاجة إلى التوجيه والإرشاد، ثم يتم تحويل هذه المبالغ إلى غرض آخر غير الغرض المعلن الذي جمعت من أجله.

 

شبهات "لجان الإغاثة"

في مارس 2014، تقدم المحامي عزب مخلوف، ببلاغ إلى المستشار هشام بركات النائب العام، ضد الدكتور عـبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، بصفته المدير العام التنفيذي للجنة الاغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء المصرية، والأمين العام للجنة الاغاثة لنقابة الأطباء العرب.

البلاغ الذى حمل رقم 6798  لسنة 2014 عرائض النائب العام، اتهم "أبو الفتوح" بالنصب على المواطنين واستغلال التبرعات التي كانت تجمعها "لجنة الإغاثة" في تمويل عمليات إرهابية.

وقال البلاغ: "دأبت هذه اللجنة على جمع التبرعات من المواطنين البسطاء ومريدي فعل الخير من أبناء الوطن اعتقاداً منهم بأن تلك اللجان لا تبتغي سوى وجه الله والوطن وذلك بدعم إعلامي على كل وسائل الإعلام المختلفة لحث جمهور المواطنين للتبرع لصالح العمل الإنساني لإغاثة المحتاجين فى تلك الأحداث المأسوية وخاصة مواطني غزة المحتلة من حركة حماس الإخوانية".

وأضاف البلاغ: "كان دافع المتبرع هو المشاركة في إنقاذ المتضررين من تلك الكوارث الطبيعية أو الاعتداءات الإجرامية من المحتل في فلسطين كما كان يروج بذلك الإعلام الدعائي لتلك اللجان التي غطت السماء الإعلامي العربي في تلك الأثناء".

واتهم البلاغ هذه اللجان، سواء منها في مصر وغيرها من الدول العربية، أنها كانت بـ"رعاية إخوانية صرفة"، مشيرًا إلى أن "الجماعة أجادت بحرفية طرق جمع تلك الأموال مستغلة الوازع الديني والضغط الإعلامي فجمعت مئات الملايين من جيوب البسطاء من عامة الشعب".

ورأى أن "لجان الإغاثة الإنسانية كانت بوابة الإخوان فى جمع التبرعات والهبات ولم يعلم أحد حجمها وإلى أين ذهبت تلك الأموال لسيطرة أعضاء الجماعة على تكوينها وكانت سرا من أسرار الجماعة الإخوانية وحليفاتها من الجماعات التى تحارب الشعب اليوم".

شقق وعربيات BMW

آخر وقائع التبرعات الإخوانية طفت على السطح قبل أيام، عندما نشر عمر حسن، قيادي الجماعة الهارب إلى تركيا، تسجيلا صوتيا لأمير، بسام عضو مجلس شورى الإخوان، كشف فيه صراحة سرقة قيادات الجماعة لأموال التبرعات وشراء شقق وسيارات خاصة لهم.

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً  منسوباً لـ"أمير بسام" عضو مجلس شوري جماعة الإخوان الموجود حاليا في تركيا، تحدث خلاله عن عمليات سرقة لأموال التبرعات وإذلال للشباب.

وأوضح بسام في التسجيل الصوتي أن كل من محمود حسين، أمين عام التنظيم، وقيادات أخرى منها محمود الإبياري وإبراهيم منير ومحمد البحيري، حصولا على أموال التبرعات لأنفسهم واشتروا شققًا وعقارات وسجلوها بأسمائهم.

 

وكشف أن محمود حسين اشترى سيارة  BMW بمئة ألف دولار، مضيفا: "في حين أنّ الطلاب هنا يتم إذلالهم ليحصلوا على 200 ليرة و40 دولارا، رغم أنّ ثمن السيارة يكفي احتياجات الطلاب لشهور طويلة"، في حين أن "محمود حسن ونجله يلعبون بالأموال ويتحركون بالسيارة".

وأكمل: "التبرعات تبددت وكتبت بأسمائهم شقق وعقارات دون أي رد فعل من الجماعة، رغم اعترافاتهم أنّهم في البداية كانوا يدّعون أنّنا نتسول الأموال من أجل عمل لجنة حقوق إنسان".

وتحدث بسام عن قيادات الإخوان الحالية قائلا: "هؤلاء الناس لا اعتبار لهم عندي، أنا زهدت في الاستمرار تحت هذه القيادة التي تمد يدها لأموال الناس والإخوان دون حساب".

بالأرقام.. كم تبلغ قيمة التبرعات؟

في دراسة له نشرها في كتاب بعنوان "اقتصاديات جماعة الإخوان المسلمون في مصر والعالم"، يرصد الدكتور عبد الخالق فاروق، أن الانتخابات وأوقات الأزمات، والحروب التي يتم الترويح لها بأنها ضد الإسلام، تمثل الوقت المعتبر لجمع التبرعات.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه منذ أن تبرعت هيئة قناة السويس الخاضعة للنفوذ البريطاني، حسب وثائق جهاز الاستخبارات البريطانية، بمبلغ 500 جنيه لحركة الإخوان الوليدة، انتبه حسن البنا، مؤسس الجماعة، إلى أهمية وضرورة تأسيس نظام مالي واقتصادي لتمويل أنشطة الجماعة.

وفي "القوانين واللوائح الإدارية" للإخوان، والتي وضعها التنظيم عام 1944، نصت المادة 17 على أن مالية الجماعة تتكون من "الاشتراكات والتبرعات والوصايا والوقفيات والإعانات من أبوابها الشرعية وتحفظ الأموال الزائدة عن الحاجة فى مكان أمين لا يمسه الربا وتنمى بالطرق المشروعة وتنفق فى مصالح الجماعة بنظام دقيق يكفل الحرص عليها وعدم التبذير فيها ".

ويقول "فاروق" إن حجم الأصول التي كانت مملوكة للجماعة عشية قرار الحل الأول عام 1948 نحو 3.5 مليون جنيه، مقدّرًا حجم التبرعات لعام 2012 في أقل تقدير بـ70 مليون جنيه، وفي أقصى تقدير 603 مليون.