الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف ردّ نجيب محفوظ على تشبيه صدام حسين بـ"عاشور الناجي"؟

الرئيس نيوز


كان للأديب الراحل نجيب محفوظ آراء سياسية مثيرة للجدل، أبرزها بالطبع موقفه الداعي  للسلام مع إسرائيل في السبعينيات، كما كانت له وجهات نظره في الحكام العرب الذين عاصرهم طوال عمره المديد الذي اقترب من المئة سنة. 
وبالتزامن مع افتتاح متحف نجيب محفوظ، اليوم، في تكية محمد بك أبو الدهب بمنطقة الأزهر، بالقرب من الأجواء التي ولد وتربى فيها واستوحى منها شخصياته، نستعيد هنا واحدا من الآراء السياسية لنجيب محفوظ في أحد الرؤساء العرب الذي شغل المنطقة والعالم في الربع الأخير من القرن العشرين، وهو الرئيس العراقي صدام حسين.
في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" لرجاء النقاش، يخصص المؤلف فصلا كاملا عن أزمة حرب الخليج الثانية، أغسطس 1990، عندما أقدم صدام حسين على احتلال الكويت، لنتعرف على رأي "أديب نوبل" في الرئيس العراقي الراحل، وكيف رأى تشبيهه بشخصيته الشهيرة عاشور الناجي التي صاغها في روايته الملحمية "الحرافيش".
انطلاقا من دعاوى صدام حسين أن خطوته بدخول الكويت كانت بسبب تفاوت الثروات، وخصوصا النفطية، بين دول العالم العربي، يتطرق محفوظ إلى أن بعض الكتاب شبهوا الرئيس العراقي بعاشور الناجي "الذي حمل النبوت في يده وراح يفرض الإتاوات على القادرين، معلنا أن هدفه هو توزيعها على المحتاجين".
وردا على ذلك شرح محفوظ إن هناك اختلافًا جوهريًا بين صدام وعاشور: "الناجي حاول تحقيق العدل من وجهة نظره في الحارة التي قوم بحمايتها ولم يفكر في تصدير محاولته للحارات المجاورة، أما صدام حسين فلم يكتف ببلده، بل امتدت أنظاره إلى الجيران وحاول فرض أفكاره بالقوة، وهذه سياسية لم تعد تصلح الآن في ظل النظام العالمي الراهن".
ومن منظور محدد أكثر يكمل نجيب محفوظ: "كنت أتمنى لو أن صدام حسين طلب عقد اجتماع قمة عربي في إطار الجامعة العربية، يوضح فيه للزعماء العرب رؤيته للتفاوت الكبير في الثروات والدخول ويشرح لهم ما تعانيه بعض الدول العربية من ضيق وفقر، ويطرح ضرورة قيام الدول العربية الغنية بواجبها. لو فعل صدام حسين ذلك لأيدته الجماهير العربية وتحول إلى بطل قومي، ومن خلال الضغط الجماهيري، كان لا بد أن تسارع البلدان العربية الغنية إلى تنفيذ الكثير مما ينادي به".
ورأى محفوظ أن "صدام حسين كانت لديه فرصة نادرة لأن يصبح زعيما عربيا لم تعرفه المنطقة منذ أيام صلاح الدين الأيوبي. وذلك لو أحسن التصرف في أموال البترول العراقي، ووجه جهده لحل مشكلات المنطقة الحقيقية، واستخدم قوته للضغط على إسرائيل، بدلا من توجيهها لتهديد أمن جيرانه العرب".
يثم يُجمل رأيه في شخصية الرئيس العراقي الراحل "المثيرة للجدل والخلاف"، قائلا: "رغم ما قيل عنها وفيها، فإن انبطباعاتي الشخصية عنه أنه زعيم وطني شعبي، قدم للعراق إنجازات لم يقدمها حاكم قبله، وهو في هذا الإطار يقترب من شخصية الرئيس جمال عبد الناصر".
ثم يستردك: "وفي المقابل توجد اختلافات شديدة بينهما أيضا.. فصدام حسين لا يقدر عواقب قراراته، وهو رجل يستخدم كل أساليب العنف ضد خصومه، أما عبد الناصر فكانت كل أهدافه شريفة، وعيبه الأساسي أنه لم يستطع الموازنة بين تلك الأهداف وما يملك من قوة".