السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

خناقة "ترامب وداروش".. تحول دراماتيكي في علاقات بريطانيا وأمريكا

الرئيس نيوز

بدت العلاقات وردية للغاية بين الولايات المتحدة وبريطانيا حتى قبل بضعة أسابيع، وكان الرئيس دونالد ترامب دائم الإشادة بملكة بريطانيا والسياسيين البريطانيين الذين وصفهم بالمتشابهين في التفكير، على الرغم من احتشاد متظاهرين انتقدوا زيارة الزعيم الأمريكي بصوت عالٍ وبأعداد كبيرة في كبرى ميادين لندن، لم تتأثر العلاقات على الإطلاق وتوجت العلاقات بمشاركة الرئيس الأمريكي في احتفالات مرور 75 عامًا على انتصار الحلفاء باستعادة الشواطئ الفرنسية لنورماندي في يوم النصر وسط أجواء سادها الإعجاب والاحترام المتبادلين.

لكن صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية رصدت تحولاً دراماتيكيًا للعلاقات في أعقاب تسريب برقية دبلوماسية وصفتها بـ" المروعة".

وفي البرقية المشار إليها وصف "كيم داروش"، السفير البريطاني لدى واشنطن، إدارة ترامب بأنها "مختلة وظيفياً" و"غير كفء". وتسببت وجهة النظر المبالغ فيها في موجة غاضبة من تغريدات الرئيس وردود عاصفة من قبل البيت الأبيض. توجت العاصفة بإعلان ترامب إنه لن يتعامل بعد الآن مع داروش، معتبرا إياه "أحمق هزيل". وأعلن داروش استقالته مساء أمس الأربعاء.

يأتي الخلاف في وقت حساس لكلا البلدين، حيث توشك بريطانيا على تعيين رئيس وزراء جديد سيحتاج إلى التعامل مع قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين تتجه أمريكا بسرعة نحو الانتخابات الرئاسية لعام 2020.

فيما يلي نظرة سريعة على بعض المواقف التي تعرضت فيها "العلاقة الخاصة" بين واشنطن ولندن لخلافات مماثلة على مر العقود.

الحرب الباردة وتعطيل الجواسيس البريطانية

كانت أكبر صدمة لحلف الولايات المتحدة الأمريكية في الفصل الأول من الحرب الباردة وتركت أثرا مدمرا في كل من المجالين السياسي والاستخباري لعدة سنوات تالية. قامت حلقة كامبريدج المكونة من خمسة جواسيس ودبلوماسيين بنقل المعلومات إلى الكي جي بي في الاتحاد السوفيتي. وطالت الاتهامات  كيم فيلبي، ضابط جهاز MI6، وقيل إنه بدأ التجسس لصالح السوفيت في ثلاثينيات القرن الماضي. في العديد من كتب الروائي البريطاني جون لو كار التي تروي الفترة التي تلت ذلك، بناءً على تجاربه الخاصة كجاسوس بريطاني في الخمسينيات والستينيات، هناك إشارات كثيرة في دوائر التجسس الأمريكية "أبناء العمومة" التي لا تزال لا تثق في البريطانيين.

أزمة السويس

كانت واحدة من أخطر الأزمات التي لحقت بلندن وواشنطن عند مفترق طرق إمبراطورية بريطانية تحتضر والنمو الهائل لأمريكا كقوة عظمى في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1956 في قناة السويس، التي تربط البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، قام الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميم القناة ما أدى إلى إثارة غضب بريطانيا. انضم البريطانيون إلى فرنسا وإسرائيل فيما عرف بالعدوان الثلاثي، في حين حذر الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور من قلقه من التدخل السوفيتي المحتمل، وأصدر تعليماته لقوات العدوان بالانسحاب.

في انسحاب مهين لحكومة رئيس الوزراء أنتوني إيدن، وهو رجل كان دائم البحث عن لحظة مجد تقربه من مكانة سلفه وينستون تشرشل، انصاع غيدن ففعل ما قيل له وانتهت فترة رئاسته للوزراء بعد فترة وجيزة. لم تعد بريطانيا قوة عالمية.

حرب فيتنام

واجه رئيس الوزراء هارولد ويلسون لغزًا كبيرًا في منتصف إلى أواخر الستينيات عندما تداخلت حكومته مع حكومة الرئيس ليندون جونسون في قضية مساءلة الولايات المتحدة عن فظائع الحرب في فيتنام. كزعيم لحزب يسار الوسط، لم يرغب ويلسون في دعم واشنطن بشكل مباشر، كما لم يرغب الشعب البريطاني الذي كانت معارضته للحرب كبيرة. توترت "العلاقة الخاصة" بشدة حيث قيل إن ويلسون الغاضب قد قال على انفراد فيما يتعلق بالدعم الاقتصادي المتزامن لواشنطن، "أنت لا تقذف دائنيك بالكرات!"

حرب العراق

على الرغم من أن الرئيس جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء توني بلير كانا على أهبة الاستعداد و "كتفا لكتف" من هجمات 11 سبتمبر فصاعداً، فإن الحرب في العراق واجهت احتجاجاتٍ ضخمة وسخطاً واسع النطاق في بريطانيا، حيث اعتقد الكثيرون أن بلير كان يعطي بوش ورقة توت لمواراة سوأة العدوان الأنجلو-أمريكي على العراق دون تفويض من الأمم المتحدة.

الاستخبارات الكاذبة التي استخدمت كذريعة للحرب على أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة أفسدت مستقبل بلير السياسي منذ ذلك الحين ولا يزال أحد القادة الأكثر كرهًا في التاريخ البريطاني الحديث.

ترامب والبريكست

أوضح ترامب استيائه من طريقة تعامل رئيسة الوزراء المنتهية ولايته تيريزا ماي مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يبدو أن انتقاداته الحادة على مدى السنوات الثلاث الماضية، لأنها لم تتبع نصيحته، قد خفت حدته عندما استقبلته في زيارة دولة قام بها إلى لندن هذا الربيع. امتدح ترامب ماي  وقال إنها لم تحصل على التكريم الذي كانت تستحقه اثناء فترة رئاستها للوزراء.

ثم عادت ترامب إلى الهجوم بعد أن منحت ماي سفيرها الدعم الكامل في أزمته الأخيرة. والآن، سيتم تعيين رئيس وزراء بريطاني جديد - إما بوريس جونسون أو جيريمي هانت - في غضون أسبوعين ليتحملة تركة مثقلة تتمثل في ملف البريكست ومشاكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورئيسًا أمريكيًا فقط حريصًا على التشبث بوجهة نظره بشأن ما يجب القيام به ومن يجب أن يفعل.