الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

آخر تطورات "الأحوال الشخصية".. نواب أقباط يتحدثون ل"الرئيس نيوز".. وتوقعات بطرحه في الدور الخامس

الرئيس نيوز


قانون موحد يعزز حل إشكاليات الماضي.. ومرونة البابا تؤكد صدوره بانفتاحيه ورؤية إصلاحية ملتزمة 

مارجريت عازر تتوقع طرحه بدور الانعقاد الخامس.. وشاكر: من شأنه أن يكون إنجازا تاريخيا بعد صدور بناء الكنائس

مجدي ملك: إشكاليات الأحوال الشخصية في حاجة لتشريعات قوية للأٌقباط  والمسلمين.. والأسيوطي: الكل يسعى للأفضل


يمثل قانون الأحوال الشخصية في مصر، إشكالية كبيرة، على مستوياته المختلفة، سواء فيما يتعلق بالمسلمين، أو المسيحيين.
وتتعدد وجهات النظر بشأنه، ولكن ذلك كله تحت غطاء المادة الثانية من الدستور التي تنص  على أن  الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأيضا المادة الثالثة من الدستور،   التي تنص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.

 المبدأ الدستوري متفق عليه بشأن الأحوال الشخصية سواء للمسلمين من ناحية والأقباط من ناحية أخرى، الجانب الأول بشأن المسلمين سابق بكثير للجانب الثاني من الأقباط بمعنى أن المناقشات حول قانون الأحوال الشخصية للمسلمين انتقلت لأروقة مجلس النواب، وتقدم عدد من النواب بمشروعات قوانين بشأنها وسط مطالبات بسرعه نظرها إلا أن التوجه العام في الانتظار للقانون الذي يعده الأزهر الشريف لتقديمه للحكومة لعرضه على البرلمان، وهو الأمر الذي يثير استياء  جانب كبير من الأعضاء خاصة المقدمين مشروعات قوانين في هذا الإطار وعلى رأسهم النائب محمد فؤاد.

وضع الجانب الثاني الخاص بالأقباط مختلف كثيرًا من ناحية الرؤية والكيفية للتناول، حيث الأقباط ذوي الثلاث طوائف كل منهم لديه رؤية ووجهة نظر بشأن أحوالهم الشخصية وطريقة تناولهم وفق شرائعهم، وهو الأمر الذي لايزال في طور الدراسة علي مدار السنوات الماضية ويقارب على الانتهاء بعد المراجعة الدقيقة والتوافق فيما بينهم لتسليم مشروع القانون الخاص بهم للحكومة لعرضه على البرلمان، في الوقت الذي لم يتقدم أي من النواب الأقباط بمشروعات قوانين بشكل منفرد للبرلمان لإجراء أي تعديل، حيث لم يشهد المجلس ذلك منذ انطلاق دورته البرلمانية في العاشر من يناير 2016.
"الرئيس نيوز" تابع مع عدد من النواب الأقباط بمجلس النواب، تطورات المناقشات التي تتم من جانب الطوائف القبطية الثلاث بشأن مشروع القانون الخاص بهم، خاصة أن لم يشهد أي مناقشات أو تحركات برلمانية مثلما حدث مع القانون الخاص بأحوال المسلمين، إلا أن الأعضاء كانت لديهم رؤية شبه موحدة في مبدأ هام  متعلق بضرورة الانتهاء من مشروع القانون وعرضه على مجلس النواب في أقرب وقت، مبدين ثقتهم الكاملة في  الطوائف الثلاث في إعداد قانون يتناسب مع تطورات الأوضاع وفق شرائعهم.


رؤية الأعضاء تضمنت أن الوضع الآن مختلف عن ما كان يحدث في الماضي من خلافات وتشدد بالآراء وأن الليونة والمرونة قائمة في تقبل جميع وجهات النظر بين الطوائف الثلاث، بحيث يكون مشروع قانون متوافق عليه من جانبهم ويقدم للحكومة والبرلمان لإقراره وفق الدستور، دون أي إشكاليات، مؤكدين أنه وفق معلوماتهم فإن القانون بمراحله الأخيرة، رافضين الحديث في تفصيلات فنية متعلقة بمواد القانون حرصا على الانتهاء منه بكل توافق.

النائبة مارجريت  عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قالت لـ"الرئيس نيوز"، إن الكنائس المصرية بطوائفها المختلفة قطعت أشواطا كثيرة للانتهاء من هذا القانون، بتوافق شامل وكامل دون خلاف مثلما كان يحدث في الماضي، وهذه خطوة تحسب لهم، كونه ينظم أحوال أقباط مصر الشخصية وفق الشريعة الخاصة بهم، متوقعة بأن يكون جاهز للعرض على مجلس النواب بدور الانعقاد الخامس.

وأكدت عازر  أن مجلس النواب الذي أصدر قانون تنظيم الكنائس بعد أكثر من 150 عامًا تأخير قادر على إصدار قانون الأحوال الشخصية للأقباط وغير الأقباط وفق الدستور بتوافق شامل وكامل خاصة أنه يتم إعداده من قبل  أصحاب الشأن وهم الطوائف القبطية، قائلة:"لسنا مختلفين على أن القانون من شأنه أن يعالج مشكلات عالقة منذ فترات بعيدة ولكن لا داعي للنقاش والحوار بها بوسائل الإعلام خاصة أن خطوات جادة من جانب الطوائف الثلاث تبذل من أجل التوافق على صيغات موحدة تخدم  حل هذه الإشكاليات التى يعاني منها المجتمع القبطي".

ولفتت إغلي دور كبير للبابا تواضروس في تحقيق هذا التوافق  والوصول إلى حلول وسط في بعض الإشكاليات، وهذه جزئية نحييه عليها، كونه حريص على وضع حلول تشريعية لأحوال الأقباط الشخصية، مؤكدة أن الجهود التي تبذل من شأنها أن تنتهي إلى تشريع موحد لجميع الطوائف الثلاث وليس تشريع لكل طائفة على حدة، وهذا أمر يحتاج لجهود شاقة وتوافق شاق يبذل من جانب جميع الطوائف.

وأكدت أن صدور قانون موحد من شأنه أن يعزز حل المشكلات بشكل سريع بدلا من التشتت القائم، حيث تعدد التشريعات يكون من جانبه سلبيات عديدة تضر في النهاية من يتعامل بشأنها، متصورة أن الجهود والتوافق الذي يسيطر على الحوارات والنقاشات حول هذا القانون من شأنها أن تنتهي إلى تشريع موحد يخدم جميع الطوائف بشكل مريح قائلة:"نتابع تطورات مناقشات القانون ونلمس المرونة والتوافق  من أجل الصياغات الأفضل لخدمة الأقباط".

واتفقت معها النائبة إليزابيث شاكر، عضو مجلس النواب، مؤكدة أن النقاش والحوار حول مواد خلافية في قانون الأحوال الشخصية للأقباط ليس مكانه الإعلام  والصحافة، خاصة في ظل الإرادة الحقيقة القائمة من الطوائف القبطية الثلاث للانتهاء من مشروع القانون خلال الفترة المقبلة بتوافق يخدم جميع الأٌقباط ويتغلب علي مشكلات يعاني منها المجتمع القبطي في أحواله الشخصية على مدار السنوات الماضية.

وأكدت لـ"الرئيس نيوز"، أن صناعة التشريعات ليست بالصورة السهلة المتخيلة من جانب البعض، ولكنها دائما ما تحتاج إلى نقاش وحوار موسع حتي يعالج جميع الإشكاليات التى تخص  المجتمع الذي يخاطبه، وهو ما يحدث  بقانون الأحوال الشخصية للأقباط، حيث لا تزال النقاشات والحوارات قائمة من أجل الوصول إلى أفضل الصياغات ونحن جميعا على ثقة في أن الكنائس المصري ستصل لقانون موحد يخدم الأقباط في أحواله الشخصية دون أي إشكاليات.

ولفتت إلى أنها كنائبة متابعة لهذه النقاشات والحوارات وقبطية في الأساس تلمس حالة من التوافق غير المسبوق من جانب الطوائف والحرص الشديد والإرادة لإصدار القانون وفق تطلعات الأقباط ورؤيتهم وفق الظروف التى تغيرت، والبابا تواضروس يحقق انفتاح كبير في النقاش  والذي من شأنه يحقق المرونة في النقاش للوصل للأفضل، وذلك بالإلتزام بما ورد بالكتاب المقدس قائلة:" نقاشات وحوارات الأحوال الشخصية يتم بكل مرونة وانفتاح بما يتوافق مع الكتاب المقدس".

ورأت أن  صدور هذا القانون من البرلمان الحالي سيكون إنجاز كبير للأقباط في مصر، بعد صدور قانون  تنظيم الكنائس الذي حل العديد من المشكلات لأوضاع الكنائس فى مصر، ومن ثم نحن كأقباط  منتظرين أن يصدر قانون الأحوال الشخصية ليكمل البرلمان إنجازاته  في التغلب على الإشكاليات التي يعاني منها الأٌقباط  وتراكمت منذ فترات بعيده، ويتم التغلب عليها في ظل هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، مما يؤكد الوحدة الوطنية والتعايش  السلمي في مصر لجميع المواطنين بمختلف دياناتهم.
ولم يختلف معها النائب مجدي  ملك، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، مؤكدا أن قانون الأحوال الشخصية للأقباط هو شأن قبطي، ويتم دراسته بين الطوائف القبطية الثلاثة، ونثق في رؤيتهم من أجل الوصول لأفضل الرؤي الخاصة الإشكاليات الخاصة بالأحوال الشخصية، مشيرا إلى أن ما يتم رصده من مناقشات بين الطوائف يؤكد الجدية والإرادة في الوصول لقانون يتماشي مع الأقباط وتطورات المجتمع وفق عقيدتهم.
جاء ذبك في حديثه لـ"الرئيس نيوز"ـ مؤكدة  أنهم كنواب أقباط، ومعهم نواب آخرين ينتظرون أن يعرض هذا القانون على البرلمان في أقرب وقت لنظره وإقراره  حتى يواجهة الإِشكاليات التى يعاني منها الأقباط، وهو الأمر بالمثل بالنسبة  لقانون الأحوال الشخصية للمسلمين والذي يعد من قبل الأزهر الشريف، مؤكدا أن الأحوال الشخصية سواء للأقباط أو المسلمين في حاجة إلى تشريعات جديدة والمؤسسات الدينية لكل منهما تقوم بالدور المنوط بها لإعداد هذه التشريعات وفق الدستور بمواده الثانية والثالثة ومن المنتظر أن يعرض على البرلمان.
وأكد أن نواب البرلمان سينظرون هذه التشريعات، وأتمنى أن يكون في أقرب وقت حرصا على مصلحة المصريين ومعالجة مشكلاتهم الخاصة بالأحوال الشخصية، مؤكدا أن مثل هذه التشريعات  في حاجة إلى حوار  ونقاش  من أجل التوافق وليس الخلاف، كونها يترتب عليها إطارات اجتماعية مطلوب معالجتها تشريعيا بشكل مريح، قائلا:" ندعم جميع الأفكار التوافقية لحل مشكلات الأحوال الشخصية سواء على مستوي الأقباط أو المسلمين ولا داعي لإثارة أي خلافات حرصا علي المصلحة العامة".
من ناحيته قال النائب يسر الأسيوطي، عضو مجلس النواب، أن البرلمان الحالي تصدى للعديد من التشريعات التى تهم المواطن المصري سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الإجتماعي، ومن ثم  لن يتأخر عن نظر القانون الخاص بالأحوال الشخصية سواء للأقباط أو المسلمين ولكن بعد  توافق المؤسسات الدينية المنوطة بوضع الضوابط الحاسمة والخطوط العريضة لمثل هذه التشريعات وفق الدستور.
وأكد في حديثه للرئيس نيوز، أن بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية الخاص بالأقباط،  يعتبر في مراحله الأخيرة من جانب  الطوائف القبطية الثلاث من أجل التوافق علي جميع مواده، وهذه خطوة إيجابية في ظل وجود البابا تواضروس الحريص على التوافق بين الجميع للوصول إلي صياغات إيجابية تعالج المشكلات الخاصة بالأحوال الشخصية بشكل جدي وحقيقي علي أرض الواقع، قائلا: "نثق في أننا سنصل إلي قانون بعقلية انفتاحيه ورؤية إصلاحية ملتزمة بتعاليم الكتاب المقدس".
يشار إلى أن قانون الأحوال الشخصية للأقباط صدر منذ عام 1938، من خلال لائحة الأحوال الشخصية  التى صدرت من المجلس الملى العام والتى تمنح الطلاق والزواج لعدة أسباب، وفى 1955، صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 الذى ألغى المحاكم الملية ونقل اختصاصها إلى المحاكم المدنية العادية، ورفضت محكمة النقض تعديلات المجلس الملى حول لائحة 1938، وفى 1958 عقد المجمع المقدس اجتماعين خلال هذا العام انتهى فيهما إلى أنه لا يعتد بأحكام الطلاق الصادرة عن القضاء المدنى لأن الزواج أحد أسرار الكنيسة السبعة، وفى 1962، رفع البابا كيرلس السادس مذكرة لوزير العدل قدم فيها 8 مقترحات تقيد لائحة 1938 وتطالب بدمجها فى قانون جديد موحد للأحوال الشخصية للأقباط.
وفى 1971 بعد تجليس البابا شنودة الثالث، صدر قرار بابوى يقضى بألا يُعقد الزواج الثانى لمن تطلق لعلة الزنا، وفى 1979، توافقت الكنائس المصرية خلال هذا العام على إعداد قانون كنسى موحد للأحوال الشخصية قُدم للدولة وقتها ودخل أدراجها، ولم يخرج للنور، وفى 2008 أصدر البابا شنودة الثالث تعديلاً للائحة 1938 ونشره بالجريدة الرسمية يلغى أسباب الطلاق والزواج التسعة، وفى 2010، عاودت الدولة تشكيل لجنة لمناقشة القانون الموحد لغير المسلمين داخل وزارة العدل بمشاركة الطوائف المسيحية، وفى 2013، شكلت وزارة العدل لجنة بمشاركة الكنائس لمناقشة القانون الموحد للأحوال الشخصية لغير المسلمين والعمل على إقراره دون نتيجة تذكر.
وفى 2014 أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى لجنة الإصلاح التشريعى بفتح ملف القانون، لتشكل الكنائس لجنة تتواصل مع وزارة  العدالة الانتقالية  وقتها وصدرت مسودة أولية للقانون قدمت للدولة، وفى 2015، قرر البابا تواضروس الثانى، فى أغسطس من ذلك العام، إعادة القانون للجنة الإيمان والتشريع بالكنيسة لمناقشته لمدة يومين بحضور 33 أسقفاً، انتهى لتأجيل حسم القانون حتى عقد مؤتمر للمجمع المقدس لمناقشة الأمر، وفي 2016، عقد فى مارس من هذا العام مؤتمر للمجمع المقدس بحضور 109 أساقفة ليتم التوافق على القانون ويقدم لوزارة العدل على أساس كونه قانوناً للأقباط الأرثوذكس فقط، و2017، توقفت اجتماعات الكنائس للاتفاق على المواد الخلافية فى القانون الموحد للأحوال الشخصية رغم اتفاقها على 90% من مواد القانون، وفي 2019، عقد البابا تواضروس اجتماعاً بحضور رؤساء الطوائف المسيحية وممثليهم القانونيين تم التوصل لاتفاق على المواد الخلافية وإحالة القانون للجنة الصياغة قبل التقدم به لوزارة العدل لإقراره عبر البرلمان وهي المرحلة التى لم تحسم حتى الآن.