الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الدفاتر القديمة".. قصة ما جرى بين عمر البشير والصادق المهدي عام 1989

عمر البشير والصادق
عمر البشير والصادق المهدي



  بلاغ للنيابة يعيد صراع السلطة قبل 30 سنة.. وسجن كوبر مأوى "الرئيس والمعارض"

على طريقة "التقليب في الدفاتر القديمة"، وافقت النيابة العامة في السودان على فتح التحقيق مع الرئيس المخلوع عمر البشير في اتهامات سياسية، على خلفية كواليس توليه السلطة عام 1989.
"البشير"، الذي أُزيح عن الحكم في 11 أبريل الماضي، قد يواجه رسمياً تهمة "تقويض النظام الدستوري"، في انقلابه الذي أتى به إلى السلطة قبل 30 سنة.
ففي منتصف مايو الماضي، أعلن محامون سودانيون أن نيابة الخرطوم شمال وافقت على فتح بلاغ، قدموه واتهموا فيه تنظيم "الإخوان" الإرهابي في السودان، تحت مسمى "الجهة القومية الإسلامية" بتهمة الانقلاب على الشرعية الدستورية.
ثم تطورت القضية بالأمس عندما استمعت النيابة إلى أقوال الصادق المهدي، زعيم حزب "الأمة القومي"، الذي كان رئيسًا للوزراء إبان الأحداث، وأبعده انقلاب "البشير" آنذاك.
في السطور التالية، نستعرض قصة ما حدث في السودان بين البشير والمهدي عام 1989، وأعاده الزمن بعد 30 سنة.
في 30 يونيو من ذلك العام، أذاع التليفزيون السوداني بياناً للعميد عمر البشير أعلن فيه قيام "ثورة الانقاذ الوطني" وحظر الأحزاب وحل البرلمان والنقابات.
في البداية، لم تكن هوية "البشير" واضحة، قبل أن يتكشف الأمر شيئا فشيئا ويُعرف أنه انقلاب "إسلامي" خططت له جماعة الإخوان.
كان حسن الترابي، السياسي والقانوني الاخواني، هو الأب الروحي والعقل المدبر للانقلاب، لكن البشير – باتفاق مسبق- اعتقل الرجل وزج به في السجن، في خطة خداع سياسية، قبل أن يفرج عنه لاحقاً ويصبح أحد أركان السلطة الجديدة، إلى أن حدث الخلاف الكبير بينهما عام 1999 عندما حل "البشير" البرلمان بعد اقتراح الترابي بالحد من صلاحياته التنفيذية.
على الناحية الأخرى، في نفس يوم الانقلاب، كتبت الصحف أن رئيس الوزراء الصادق المهدى اختفى، لكن في بعد أسبوع واحد، في 7 يوليو، جرى اعتقاله في سجن "كوبر"، الذي يمكث فيه "البشير" حالياً.
ظل "المهدي" قيد الاعتقال في السودان حتى ديسمبر 1990، ثم سُمح له بإقامة متحفظة في الرياض بالسعودية، ورغم إطلاق سراحه بعد سنتين فإنه تعرض للسجن أكثر من مرة بعد ذاك خلال حكم "البشير".

ظلت العلاقة بين عمر البشير والصادق المهدي قائمة، لكن على جانبين متنافرين، إذ لم يترك "المهدي" العمل السياسي وبدأ في حشد جهود لمعارضة البشير من الخارج في أواخر التسعينيات.
وفي نوفمبر 1999، وقّع الطرفان اتفاقاً سياسياً في جيبوتي، عُرف باسم "نداء الوطن"، لكنه لم يمنع تعارض المصالح بينهما، قبل أن يعود إلى "المهدي" البلاد في 2000 لاستكمال السعي السياسي للسلطة.
لكن المناوشات بين الرئيس والمعارض لم تنته، وحتى قبل إسقاط "البشير" بأربعة أشهر، كان "المهدي" مقيما في لندن، متجنبًا تهديدات النظام بتحريك بلاغات للقبض عليه.
لكن الوضع تغير في الثلاثة أشهر الأخيرة، إذ أصبح "المهدي" يتحرك بحرية أكبر ويلعب دوراً سياسياً في ترتيبات نقل السلطة في البلاد، بينما "البشير" قابع في سجن "كوبر"، الذي كان مأوى الرجلين بعيدًا عن السلطة.